الاقتصادية

جبال ظفار تكتسي بأجمل الحلل .. أثناء موسم «خَطِيل الإبل»

1364658
 
1364658
صلالة ـ العمانية: يتحرى سكان أرياف محافظة ظفار موسم الربيع (الصرب) حيث تكون المراعي متنوعة، وتنبت بها جميع الأشجار والأعشاب بعد موسم المطر في الصيف، وتكتسي فيها الجبال بأجمل حلل الربيع. وتضم محافظة ظفار سلاسل جبلية فريدة التضاريس تهب عليها رياح «المونسون» الخريفية بأمطارها ورذاذها وضبابها اللطيف لتغدو معها السفوح والسهول والوديان جنانًا خضراء تسر الناظرين بخضرتها اللامعة. وحين تشرق شمس الربيع تكتسب تلك الأشجار والأعشاب لونًا ذهبيًا لامع الوميض إيذانًا ببدء موسم الرعي الربيعي (خَطِيلُ الإبل)، حيث يستعد ملاك الإبل بجبال ظفار لطقوس احتفالات الخَطِيل المتنوعة، متوجهين بقطعانهم في جماعات إلى أماكن الرعي التي تم إغلاقها مع بدايات المطر، يشاركهم في ذلك الكثير من عشاق هذه الطقوس من مختلف مناطق محافظة ظفار يرافقون الإبل حين وصولها لمراعيها مرددين عددًا من فنون التراث الظفاري كــــفن «الهبوت» وغيرها من الفنون التقليدية. وكغيرها من ولايات محافظة ظفار تحتفل ولاية «رخيوت» بهذا الموسم، حيث تسرح الإبل لترعى في أكناف الطبيعة بين تلك الغابات الخضراء، وتعد ولاية رخيوت من أكثر ولايات محافظة ظفار تعددًا لمواقع الرعي الربيعي (الخَطِيل) بما يزيد على الـ30 موقعًا، يصاحب ذلك استعداد مسبق من تجهيز (المبارك) وهي أماكن إقامة الإبل، وتوسيع مسارات الرعي التي تأثرت بفعل الأمطار. وتعتبر خطلة «حجيلان» من أهم مواقع الرعي الربيعي لما يتزامن معها من طقوس تقليدية قديمة، وحضور للزوار للاستمتاع بتلك الأجواء الرائعة، حيث تشعل مواقد النار ليلًا بعيدًا عن مظاهر المدنية، ويعم المكان هدوء البشر، ويعلو رزيم الإبل وهي تطقطق أسنانها لهضم ما تبقى من طعام، بينما يُسمع أحيانًا صوتُ منشدٍ أو مغرّد ينشد أعذب الألحانِ التراثية العمانية التي يسود معها السكون، ولا تلبث أن تسكن الإبل في مباركها ساعة زمن، حتى تسمع هَمهَمَة الإبل وجعجعتها بعد أن يدخل عدد من الشبان «المبرك» لاستخراج الحليب منها. ويتم تقديم حليب الإبل للضيوف باردًا وهكذا يفضله الكثيرون، ومغليًا على النار أو بوضع حصوات على النار ثم توضع في قدر الحليب حتى يصل لدرجة الغليان وتسمى محليًا (حليب معذيب). وتتميز خطلة «حجيلان» عن غيرها بوجود نبات (البضح) وهو بذرة صغيرة تشبه جوز الهند يكثر وجودُها في فصل الربيع بمنطقة «حجيلان» حيث يتوافد الكثير من سكان جبال ظفار لهذا المكان من أجل جني هذه الثمرة التي يتم استخراجها بواسطة الحفر البسيط في الأرض، حيث يطبخ بغاز الميثان الموجود في أسمدة الحيوانات ويقدم بعد أن يتم تقشيره ليؤكل مع السمن، وتعتبر من الوجبات الربيعية اللذيذة التي يفضلها أغلب سكان محافظة ظفار، كما يقوم الكثير من مستخرجيه ببيعه في علب تصل قيمتها إلى 50 ريالًا عمانيًا. وتستمر فترة الرعي بخطلة «حجيلان» نحو شهر حتى تجف جميع الأعشاب والأشجار ويصبح من الصعوبة على الإبل الصعود إلى أماكن الرعي حيث لا يمكنها الثبات على تلك الأعشاب مما قد يعرضها لخطر السقوط، تاركة مكان الرعي للأبقار ترعاه طولَ فصل الشتاء. ويعتبر موسم الرعي الربيعي بمثابة استجمام وتنقية للنفس من ضغوطات الحياة حيث يأخذ بعض الموظفين خلال هذا الموسم إجازات ليستمتعوا بأجمل اللحظات التي تجمع بين الحياة البرية وأحضان الطبيعة.