صحافة

القدس:عن المستشفى الميداني الأمريكي وحوار الطرشان!!

في زاوية أقلام وآراء كتب حمدي فراج مقالاً بعنوان: عن المستشفى الميداني الأمريكي وحوار الطرشان!!، جاء فيه : أثارت قضية المستشفى الميداني الأمريكي في غزة موجة معقدة من الجدل والخلاف وصلت عند حدود التخوين، من أنه سيكون قاعدة للموساد، ومن الواضح أنها لن تنتهي عند هذا الحد، بل ستتعداه لتطول ما هو أكثر تعقيدا، كإلغاء الانتخابات المزمعة، على سبيل المثال. لا تبدأ قضية المستشفى من عند المستشفى، ذات التخصصات السبعة عشر، ولا عند حاجة الناس الملحة الى الاستشفاء عندما يمرضون والطعام عندما يجوعون والاسترخاء عندما يتعبون والدمع عندما يحزنون والدفن عندما يموتون. بل انها بدأت منذ تم حصار غزة وحشرها بين معبرين، أحدهما إسرائيلي والثاني عربيا، هذا الحصار الذي امتد إلى ما يزيد على اثنتي عشرة سنة، طال كل احتياجات الناس، تخلله أربع حروب، ردمت فيها البيوت على سكانها والمدارس على طلابها والمستشفيات على نزلائها، وفتحت فيها آلاف القبور، هذا الحصار دفع الناس للنزول تحت الأرض فامتهنوا حفر آلاف الإنفاق، حتى تفتقت العقلية القمعية ببناء جدران حديدية تحت أرضية، ثم إغراق الإنفاق بالمياه، ثم عقوبات أخوية كان لها وقعها الأصعب على قلوب الناس المثقلة بالهم والغم والألم. هل فعلا بدأت المسألة من عند الحصار قبل اثنتي عشرة سنة أم من عند انقلاب إسرائيل على السلام، الذي أودى بمطار عرفات في رفح ثم بعد بضع سنوات بعرفات نفسه محاصرا في المقاطعة برام الله. لكن صعوبة الوضع الإنساني في غزة، وبالطبع ولا في أي مكان آخر من الأراضي المحتلة، لا تبرر لأحد كان أن يسمح باستغلالها لتحقيق أغراض سياسية مرفوضة ومشبوهة بما في ذلك بناء مستشفى ترامبي ولا حتى مسجد على الطريقة النابوليونية في مصر المحروسة، إدا كنا سنعتقد انه سيكون لبنة صغيرة في جدار الصفقة الخطير. فماذا حينها سنقول للمقاومين الذين يحملون أرواحهم على أكفهم؟، ماذا سنقول لأسير يكاد يفقد حياته في أقبية التعذيب: لا تصمد حفاظا على جلدة رأسك؟ ماذا كنا لنقول لآلاف الفتية الذين يرشقون الاحتلال بالحجارة: الحجر لا يواجه الدبابة والكف لا تجابه المخرز؟. وحتى الجهاد الإسلامي – في حدود معرفتي – لم تقل انها على توافق بشأن تفاهمات هذه المستشفى، في حين قالت كل الفصائل شيئا من هذا القبيل. صحيح أن بعضها قال حقا بلسانه، في حين تقف أقدامها في الطين، وهل ينتظر الموساد مستشفى لكي يمارس فيه عمله، أو أمريكا لتكون المستشفى قاعدة عسكرية لها، والوطن العربي من محيطه الى خليجه مرتعا لها؟ أوقفوا الانقسام، الذي شجع إسرائيل استفحالها في فرض الحصار بالعصا «تقتيل وتجويع» مرة، وبالجزرة «أموال»، والأمريكية «مستشفى» مرات. أوقفوا الانقسام لتستطيعوا مناقشة قضايا الشعب بقلوب منفتحة وعقول متقدة. أوقفوا الانقسام يتم وقف التنسيق الأمني ووقف المستشفى. التقى أطرشان ذات مرة، فسأل الأول الثاني: هل أنت ذاهب الى السوق؟ فرد الثاني: لا والله، أنا ذاهب الى السوق. فقال الأول: كنت اعتقد أنك ذاهب الى السوق!.