عمان اليوم

دراسة ميدانية لأشجار دم التنين العربية «العيريب» تؤكد وجود تأثيرات عمرانية ومناخية على نموها

1383710
 
1383710
حصر حوالي 43 ألف شجرة موزعة على جبال ظفار - قام فريق من موظفي مشروع حديقة النباتات والأشجار العمانية التابع لديوان البلاط السلطاني بدراسة تقييم ميدانية لأشجار دم التنين العربية المعروفة محليا بـ«العيريب» أو «دم الأخوين» والتي تستوطن جبال محافظة ظفار. واتصفت هذه الدراسة بصبغة عالمية نتيجة لمشاركة ودعم برنامج القيادة لصون الحياة البرية.(CLP)وهو برنامج تديره المؤسسة الدولية لحماية الحيوانات والنباتات، والمؤسسة الدولية لحماية الطيور، والحملة الدولية لحماية الأشجار. وتعد هذه الدراسة بمثابة فرصة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية للاشتراك في عمل يُعنى بشكل أساسي بجمع معلوماتٍ أولية عن هذه الشجرة ومواقع تواجدها في ظفار. بالإضافة إلى ذلك فقد وفرت هذه الدراسة فرصا تدريبية لذوي الشأن وللمشاركين في مجال المسوحات الميدانية وتحليل البيانات المتعلقة باستخدام أجهزة تحديد المواقع، وطرق وأسس البحث العلمي، وعملية حصر أشجار العيريب، وإعداد الخرائط التفصيلية للنطاق الجغرافي للأشجار وإدارة المشاريع العلمية وغيرها من المجالات التي عززت قدرات البحث العلمي لدى المشاركين. وهذا جهد تشكر عليه الجهات المشاركة في هذا المسح المبدئي وهي: مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني، وزارة البيئة والشؤون المناخية، جمعية حفظ البيئة، الهيئة الوطنية للمساحة، الجمعية العمانية البريطانية، مكتب محافظ ظفار، ومدارس محافظة ظفار ممثلة في المديرية العامة للتربية والتعليم. وتستوطن شجرة دم التنين العربية المناطق الجافة العالية الارتفاع بجنوب عمان واليمن والمملكة العربية السعودية. وتنمو في جبال محافظة ظفار على ارتفاع يتراوح بين 800 إلى 1400 متر فوق سطح البحر. وتتوزع على ثلاث مجموعات تمتد لمسافة إجمالية تقدر بـ 130كم ابتداء من جبل سمحان في شرق صلالة إلى جبل القمر في الغرب، وتغطي مساحة مقدارها حوالي 60 كم مربع، وتشير الدلائل بشكل عام إلى أن هذه الأشجار مهددة بسبب أعمال التطوير، والتعدين والتغيرات المناخية. ويستوطن 70% من إجمالي التعداد العالمي لشجرة التنين العربية جبال محافظة ظفار، حيث تم إدراجها في عام 1996 ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة كنبات مهدد بخطر الانقراض. ويلاحظ أن هذه الدلالة ترتكز على بيانات نوعية معتمدة على العينات القليلة الموجودة في المستحفظات النباتية وملاحظات الباحثين، ولم تُجرَ أي دراسة كمية دقيقة عن الوضع البيئي الحالي لهذا النبات. لذا، قدم فريق من الباحثين العمانيين من حديقة النباتات والأشجار العمانية مقترحا لبرنامج القيادة لصون الحياة البرية (CLP) يقضي باستحداث مشروع لإعادة تقييم أشجار دم التنين العربية في ظفار ودعمه. يهدف هذا المشروع إلى جمع بيانات أساسية عن توزيع الأشجار، وعددها، ووضعها الصحي وقدرتها التكاثرية واستخداماتها المحلية وذلك من خلال عمل ميداني مفصل يهدف إلى تحديد النقاط الجغرافية لـ 75% من هذه الأشجار وإعداد خرائط مفصلة قائمة على نظام المعلومات الجغرافية من ناحية التوزيع والامتداد الجغرافي ‏البيئي لشجرة التنين العربية في ظفار. وقد قام الفريق بحصر الأشجار وحالتها الصحية وقدرتها التكاثرية باستخدام مجموعة من الأساليب، كما تم توثيق الاستخدامات والوصفات الشعبية المستخدمة محليا، وآراء ونظرة السكان المحليين لهذه الشجرة. وسوف تستخدم النتائج التي حصل عليها الفريق لتحديث حالة الصون الحالية لدى الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، كما سيتم تطوير خطة عمل فعالة لضمان الحفاظ على هذا النوع من النباتات وكذلك زيادة الوعي تجاه القضايا البيئية في عمان بالتعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية، والجمعيات البيئية المحلية، والمجتمع المحلي. وسيتم الاستفادة من الخرائط والصور والبيانات المستمدة من الدراسة لإنتاج مواد تعليمية لاستخدامها في المدارس المحلية وفي البرامج التعليمية الخاصة بحديقة النباتات والأشجار العمانية. ومن المعروف أن منحدرات جبال ظفار المتجهة نحو البحر تشبع سنويا بالأمطار الموسمية التي تحول المنطقة إلى غابة وافرة الخضرة تنمو فيها العديد من النباتات وتعيش بها حيوانات فريدة. وتعتبر جبال محافظة ظفار امتدادا لمنطقة القرن الإفريقي ذات التنوع البيئي الفريد، ومع هذا هناك ندرة في البيانات الكمّية المتعلقة بالكثير من النباتات والحيوانات المهمة الموجودة في المنطقة. ومن المؤمل من خلال هذه الدراسة وما شابهها أن يتم استخدام شجرة العيريب كنموذج للنباتات المعرضة لخطر الانقراض وكدافع لتشجيع الحفاظ على البيئات الطبيعية وصون الحياة الفطرية، وتسليط الضوء على التحديات البيئية المختلفة التي تواجه كل المنطقة على نطاق واسع. وقد أسفرت هذه الدراسة عن حصر حوالي 43 ألف شجرة موزعة على جبال ظفار، منها 2337 شجرة ميتة، و2723 شجرة صغيرة يصل طولها إلى أقل من متر. كما قام الفريق بتحديد مواقع تواجد هذه الأشجار باستخدام برنامج تحديد المواقع الجغرافية لمعرفة توزيعها. هذا وقد أشارت النتائج الأولية إلى أن أشجار العيريب على الرغم من تواجد أعداد كبيرة منها إلا أن النمو قليل جدا بسبب عدم إنتاج بذور كافية تتطور إلى أشجار، كما أن الجفاف والرعي له تأثير سلبي على وضعها الصحي. ومن التهديدات الأخرى الملحوظة التي تتعرض لها هذه الشجرة هو التطور العمراني الذي يؤدي إلى تدهور البيئات الطبيعية وبالتالي فقدان الأشجار، وإذا أضفنا إلى ذلك احتمالية تأثر جبال ظفار بالتغير المناخي فإن ذلك قد يكون سببا لجفاف الأشجار وتناقص أعدادها، لهذا فالدارسات العلمية المكثفة في هذا المجال تعتبر أمراً ضرورياً من أجل تأكيد أو دحض هذه النظرية. تعد هذه الدراسة الأولى من نوعها لشجرة العيريب وكانت النتائج جيدة جدا وتؤكد على وجوب صون الشجرة والحفاظ عليها، كما أيقن الفريق أن التوعية وتنظيم برامج في المدارس حول المواضيع البيئية أمر يلاقي استحسانا كبيرا وهو ما سيسعى للقيام به في المستقبل. كما سيسعى الفريق إلى إعداد برنامج مراقبة لأشجار العيريب على المدى الطويل لتسجيل أي تغييرات قد تطرأ على أعدادها وعلى وضعها العام وبالتالي معرفة المهددات المباشرة عليها ومن ثم وضع استراتيجيات الحماية بشكل واضح.