خطبة الجمعة: نسبة كبيرة من الحوادث سببها اشتغال السائقين بغير القيادة
الخميس / 16 / رجب / 1441 هـ - 23:01 - الخميس 12 مارس 2020 23:01
1458030
صاحب السيارة مسؤول أمام الله والقانون إن قصر في صيانتها -
تدعو إلى الالتزام بقواعد السير -
عرض: سيف بن سالم الفضيلي -
تدعو خطبة الجمعة التي تعدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مستخدمي الطرق إلى الالتزام بقواعد السير حفاظا على حياتهم وحفاظا على حياة مرتادي الطريق.
وتشير الخطبة إلى أن نسبة كبيرة من حوادث السير سببها اشتغال السائقين بغير القيادة لا سيما الاشتغال بالهواتف المحمولة ما يفقد السائق التركيز وتقع الكارثة.
ونبهّت الخطبة مرتادي الطريق إلى التنبه إلى بعض المخاطر كخطر الحيوانات السائبة، كالجمال التي هلكت وأهـلكت بسبب قطعها للطريق فجأة.
وحذرت أصحاب تلك الحيوانات بأنهم مسؤولون أمام الله عنها، وعما تسببه من أذى.. وإلى نص الخطبة.
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه، وأسبغ عليه نعمه وكرمه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له، أثنى على عباده الذين يمشون على الأرض هونا، وجعل للطريق آدابا وسننا، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، جعل الالتزام بحق الطريق من دلائل الاستمساك بالحبل الوثيق، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه إلى يوم القرار.
أما بعد، فيا عباد الله:
« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا».
أيها المسلمون:
اذكروا نعمة الله عليـكم إذ « جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون»، و«سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً»، «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا»، ألا وإن من أجل نعم الله علينا وسائل النقل والمواصلات، كالسيارات والطائرات والسفن والقطارات، «وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُون»، إنها نعم عظيمة، «وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُون»، «وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم»، ونعم الله بالشكر تنمو وتزداد، «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ».
معاشر المسلمين:
إن الله تعالى هيأ لنا وسائل النقل والمواصلات تقلنا، وتحمل أثقالنا، ونبلغ عليها حاجة في صدورنا، فالسيارة ليست وسيلة للاستعراض، وليست أداة للقتل والانتحار، فما بال بعض من الشباب يعرضون حياتهم وحياة غيرهم للخطر؛ بسبب استعراض أهـوج أو سرعة جنونية رعناء، ألا يعلم هذا المستعرض أنه حال الاستعراض فاقد للسيطرة مهما كانت مهارته وخبرته في قيادة السيارة؟! ألا يعلم هذا المنطلق بسيارته كالبرق الخاطف أن حجرا صغيرا على الشارع قد ينهي شريط حياته؟! وأن انفجار إطار مع سرعة جنونية قد يكون قصة مأساوية يذهب ضحيتها أبرياء؟! إن العاقل - أيها الإخوة - من فكر في عواقب الأمور قبل أن يجر على نفسه وعلى غيره الشرور، فليست السرعة دليلا على مهارة السائق وتألقه؛ بل هي دليل على سفهه وعدم تقديره للعواقب فإنه لا ضرر ولا ضرار.
أيها المؤمنون:
العجلة من الشيطان، «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا»، والأمر الإلهي: «وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور»، ففي التأني السلامة، وفي العجلة الندامة، ومن تأنى نال ما تمنى، فلماذا العجلة المفرطة، والسرعة الزائدة، وقطع الإشارة الحمراء، والتجاوز في الأماكن الممنوعة؟! فيحرق الواحد أعصابه ويرهق أحبابه، ويعرض نفسه وغيره للخطر وعظيم الأذى وفادح الضرر، إن اختنق الشارع زمجر، وإن صادفته إشارة حمراء انتفخت أوداجه وطار الشرر من عينه، فعلى رسلك - يا أخي - فليس بينك وبين من تأنى إلا قدر يسير من الزمن، فاستمتع بقيادتك، ولتكن الأناة رفيق دربك.
إخوة الإيمان:
صيانة السيارة أمانة، وصاحب السيارة مسؤول أمام الله والقانون إن قصر في صيانة سيارته، فالله تعالى يقول: «وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين»، وإذا كان صاحب الدابة مأمورا أن يعلفها، وأن لا يشق عليها، فصاحب المركبة أولى بذلك، فهو مأمور أن يفحص إطارات المركبة ومكابحها وزيوتها بصفة دورية، فإن قصر في ذلك ووقع في المحذور فإنه يخشى عليه أن يدخل في عموم قول الله عز وجل: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا».
فاتقوا الله - عباد الله -، واعلموا أن حوادث السير مفجعة، فكم من بيوت قد أغلقت، وأسر قد انهارت، وأطفال يتموا ونساء ترملت؛ بسبب حادث سير أليم من سائق أثيم؟! فضلا عن الخسائر المادية والإعاقات المستديمة التي تخلفها حوادث السير، ومن أراد من البيان المزيد، فليزر النائمين في المشافي؛ ففي ذلك عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.
الحمد لله على إحسانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له، تعظيما لشأنه، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأتباعه.
أما بعد، فيا عباد الله:
إن نسبة كبيرة من حوادث السير سببها اشتغال السائقين بغير القيادة؛ لا سيما الاشتغال بالهواتف المحمولة، من إرسال رسالة أو تسجيل مقالة وغيرها، وبذلك يفقد السائق التركيز وتقع الكارثة، فـ «مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ» ، فحفاظا على حياتك - أخي السائق - وحفاظا على حياة مرتادي الطريق قف جانبا، واتصل بمن تشاء، ثم واصل مسيرك، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما أن من المخاطر التي على مرتادي الطريق التنبه لها؛ خطر الحيوانات السائبة، كالجمال التي هلكت وأهـلكت بسبب قطعها للطريق فجأة، فعلى أصحاب تلك الحيوانات أن يعلموا أنهم مسؤولون أمام الله عنها، وعما تسببه من أذى (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
فاتقوا الله - عباد الله -، والتزموا قواعد السير، تكسبوا الخير، وتسلموا من الشر والضير.
هذا وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا».
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم أعز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، وأجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.
اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.
اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.