اليمن: «معركة مأرب» مستمرة رغم الخسائر والنزوح
الخميس / 9 / رمضان / 1442 هـ - 20:17 - الخميس 22 أبريل 2021 20:17
89 (4)
صنعاء-«عمان»- جمال مجاهد -
تتواصل منذ فبراير الماضي ما بات يطلق عليها «معركة مأرب»، وذلك على الرغم من الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي مني بها طرفا الصراع، وعلى الرغم من الدعوات الأممية والدولية لإيقاف الهجوم الذي تشنّه قوات «أنصار الله»على المدينة التي تستضيف أكبر عدد من النازحين.
ويرى مراقبون أن «أنصار الله» تسعى من خلال مواصلة التصعيد العسكري في مأرب، إلى تحقيق مكاسب على الأرض قبيل الانخراط في أي مفاوضات سياسية مقبلة لإنهاء الحرب التي اندلعت أواخر مارس عام 2015، إذ تعد محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز آخر معاقل الحكومة (المعترف بها دوليا) في شمال اليمن.
وكشف مصدر سياسي بصنعاء لـ «عمان» أن جماعة «أنصار الله» عرضت على الحكومة (الشرعية) وثيقة تلتزم فيها جميع الأطراف بالشروع الفوري والمتزامن في تنفيذ 10 نقاط تشمل؛ وقف إطلاق النار في جميع الجبهات، بما في ذلك محافظة مأرب، مع الالتزام بألا تكون مناطق الطرف الآخر في مأرب أو غيرها منطلقا لأي تهديد أوعمل عسكري ضد صنعاء، وفتح حساب موحّد لجميع الإيرادات النفطية والغازية، وإيرادات الموانئ في جميع أنحاء اليمن وإنجاز آلية مشتركة خلال 15 يوما من إقرار هذا الاتفاق لضبط هذه الإيرادات، بما يضمن تخصيصها لصرف الرواتب في عموم اليمن، وعدم استعمالها من أي طرف، وإنفاذ الحصص المخصّصة للمحافظات من البنزين والمازوت والغاز طبقا للقانون ودون أي عبث أو انتقاص، والشروع في إصلاح شبكة محطّة مأرب الغازية وإعادة ربطها بصنعاء، والشروع في إصلاح المضخّات والأنابيب النفطية وإعادة ضخّ النفط من حقول «شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج» إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر. وتتضمّن الوثيقة التي اطّلعت عليها «عمان» ترتيب إجراءات عادلة للإفراج عن كافة الأسرى والجثامين في أحداث مأرب الأخيرة من الجانبين، والإفراج عن المواطنين المحسوبين على طرف صنعاء، وتعويض المتضرّرين وإعادة النازحين منهم بأمان، والإفراج عن «سميرة مارش» وإعادتها إلى أطفالها، وعدم المساس بأمن المواطنين والنخب والأسر المتواجدين في مأرب ووقف أية مضايقات تطالهم بسبب انتمائهم السياسي أو المذهبي، واحترام حق المواطن اليمني من أية محافظة في استعمال الطريق العام، والتوقّف عن كافة أشكال الإعاقة أو المضايقة لأي مواطن في طرق مأرب لأسباب تتّصل بمنطقته أو انتمائه السياسي أو المذهبي، بالإضافة إلى الالتزام بالتعاون في مناهضة تنظيمي «القاعدة» و«داعش» وإغلاق أية مقرّات أو معسكرات في مأرب تأوي أي عنصر من عناصرهما.
ويؤكد سياسيون سعي «أنصار الله» للسيطرة العسكرية على مأرب، أو على الأقل تنفيذ بنود هذه الوثيقة، التي لا يرجّح موافقة الحكومة عليها في ظل استمرار القتال العنيف في محيط مدينة مأرب (مركز المحافظة).
ويقول رئيس مجلس الشورى اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر «يرفض أنصار الله حتى اليوم القبول الصريح بالمبادرة السعودية، ويختلقون شروطا تعجيزية في محاولة منهم لكسب الوقت، أو تحقيق انتصار عسكري في مأرب».
ويشدّد في منشور على صفحته الرسمية بموقع «فيس بوك» على أنه «ينبغي العودة للعقل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإذا أردنا الوصول إلى سلام ليس فيه منتصر أو مهزوم، بل ينتصر فيه اليمن الموحّد، والشعب الواحد، فلا بد من أن توضع في ذات الوقت الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية على طاولة الحوار، وأن نقدّمها على ما سواها، وأن نبدأ من حيث انتهينا في الكويت».
مجلس الأمن الدولي أدان في بيان صحفي أصدره في 18 أبريل التصعيد المستمر في مأرب، والذي يؤدّي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وإلى تعرّض أكثر من مليون نازح إلى الخطر.
واعتبر أعضاء مجلس الأمن أن هذا التصعيد يشكّل تهديداً للجهود الرامية إلى تأمين تسوية سياسية في الوقت الذي أصبح المجتمع الدولي أكثر اتحادا لإنهاء الصراع. وأعربوا عن قلقهم من إمكانية استغلال التصعيد العسكري في مأرب من قبل جماعات إرهابية مثل «القاعدة» لتوسيع وجودها في اليمن.
ودعوا«أنصار الله» إلى إنهاء تصعيدهم في مأرب، وندّدوا بالهجمات عبر الحدود ضد المملكة العربية السعودية. وأعربوا عن قلقهم إزاء التطورات العسكرية في أماكن أخرى من اليمن وشدّدوا على الحاجة إلى وقف التصعيد من جانب جميع الأطراف.
وحثّ مجلس الأمن جميع الأطراف على الانخراط البنّاء في جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة والتفاوض من دون شروط مسبقة على وقف فوري لإطلاق النار على مستوى البلاد والتوصّل إلى تسوية سياسية بإرادة يمنية، بما يتفق مع الأحكام ذات الصلة من قرارات مجلس الأمن الدولي.
المبعوث الأممي الخاص مارتن جريفيث أفاد في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن بأن مأرب»ما زالت المركز الرئيسي للجذب في النزاع».
ورأى أن «الحاجة الملحّة لتحقيق التقدّم نحو تسوية سياسية تجعل العنف المستمر على الأرض،أكثر إثارة للقلق».
ويؤكد:»هناك مؤشّرات خطيرة على تصعيد الاقتتال الدائر مجدّدا. وأصبح النازحون داخليا والمجتمع المحلّي في مرمى خط النار، ويتعرّضون للتهديد جرّاء الاعتداء على مدينة مأرب. ويثير قلقي أيضا الهجمات المتعدّدة بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية والتي نفّذها أنصار الله ضد الأراضي السعودية، وفي الأراضي اليمنية أيضاً، والتي تضمّنت استهداف مرافق مدنية. نحن نعلم أنه يجب أن تتوقّف تلك الهجمات».
ودعا المبعوث الخاص إلى وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد وليس وقفا جزئيا لإطلاق النار، مشدّدا على موعد محدّد يتفق عليه الطرفان في إطار الاتفاق لإطلاق العملية السياسية التي لا يمكن تجنّبها بما لها من أهمية حرجة. وتهدف خطة الأمم المتحدة إلى تأمين وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد لإيقاف الاقتتال بجميع أشكاله وفتح الطرق الرئيسية التي تصل بين الشمال والجنوب، بما يتضمّن تعز، وهي المدينة التي ترزح تحت الحصار منذ وقت طويل، للسماح بحرية حركة المدنيين والبضائع التجارية والمساعدات الإنسانية. وتهدف أيضاً إلى تأمين فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية والمحلية، وضمان التدفّق المنتظم للوقود وغيره من السلع التجارية إلى اليمن من خلال موانئ الحديدة، وتوجيه الإيرادات المرتبطة بدخول سفن الوقود نحو المساهمة في دفع رواتب موظّفي الخدمة المدنية.
وفاقم القتال في مأرب من أزمة النزوح، إذ تتوقّع الأمم المتحدة نزوح أكثر من 105 آلاف شخص مع حلول سبتمبر المقبل إذا استمر القتال.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي من المقر الدائم بنيويورك قال المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن حوالي 20 ألف شخص نزحوا في محافظة مأرب بين 8 فبرايرو10 أبريل.
وأوضح»معظم أولئك الذين أجبروا على الفرار هم من بين المليون شخص نازح الذين يعيشون فعلاً في المحافظة، وهو أكبر عدد من السكان النازحين في اليمن».
وأفاد دوجاريك بأن أشدّ ما تحتاج إليه العائلات التي نزحت مؤخّرا يتضمّن المأوى والطعام والماء والصرف الصحي والنظافة والمساعدة الصحية والحماية.
وأشار إلى أن ما تأمل الأمم المتحدة في رؤيته هو «إسكات للبنادق في عموم اليمن»،لافتا إلى أن المبعوث الخاص مارتن جريفيث يشارك بنشاط في تعزيز هذا الهدف.