شرفات

همس القوارير لخلود المومني نصوص تشفي غليل القارئ

في مجموعتها القصصية الأولى«همس القوارير»، الصادرة مؤخرا عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان، تقدم خلود المومني تجربتها الأولى مراوحة ما بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً. مقدمة للقارئ خمسة وخمسين نصاً، قسمتها إلى مجموعات مع عناوين فرعية، مثل: حكايات العائلة، وهمس القوارير، وحكايا السيدة (س)، من قصص كلِّ النساء، وقصص الرجال، حدث ذات مرَّة. أجمل ما في المجموعة، كما لاحظت الناقدة الدكتورة نهلة الشقران، هو قدرة الكاتبة السـرديّة على الوصف الوثير بجُمَل أنيقة مُنتقاة بعناية، وطرحها لقضايا تمسّ الواقع، فهي تضـيء في ذهن القارئ صوراً مسكوتا عنها وتترك له الأمر ليرى برؤيته دون تدخُّل منها في التأويل، بل تكتفي برصْد الأحداث. وتضيف الدكتورة الشقران في مقدمة المجموعة: هذه النُّصوص تشفي غليل القارئ على الرغم مِن أنَّها غير مُباشرة. وقد تجلّى جمالها بالوتيرة العالية مِن التَّناغُم بين الأحداث، والحسّ العالي فيها، وتحميل الوصف أبعاداً دلاليّةً كثيرة. إنّها ذات رسالة واضحة لرسم صورة مُشرقة للمرأة، فتَسْتَميت في الدِّفاع عنها، نتيجة للمزْج الفوريّ بين الفكرة والخيال في لحظة الإبداع الفكري، وتلحُّ على القارئ أن يستخلص الأحكام وحده، لتكسب شخوصها أوصافاً محدَّدة، وهي تقف متفرِّجة على سَيْر الأحداث.» تقول الكاتبة عن سبب اتجاهها لكتابة القصة القصيرة، إن حروفها هي المعول الذي تضرب به صخر الواقع، بغض النظر عن الشكل الفني أو الجنس الأدبي، وإنها تتصالح مع نفسها عندما تمسك القلم، مضيفة أنها تحب التجربب، وتوضّح أن فكرة النص هي التي تحدد ذلك، معتقدة أن القصة القصيرة جداً، ورغم تحفظ البعض عليها، إلا أنها فن قائم، له شروطه، ويقدم رسائل مشفرة لقارئ عازف عن القراءة في كثير من الاحيان. ومن نماذجها نقتطف من قصة المصعد:«... أُلملمُ أَطراف الصَّحو مِن صباحاتي، أطردُ النُّعاس التشـرينيّ اللذيذ، فتحتُ عينيّ، مسحتُ الغرفة بنظراتٍ بلهاء، حرَّكتُ جذعي وبقيّة جسدي، تركتُ سـريري. غسلتُ وجهي، راقبتُهُ في المرآة، تحسَّستُ بالوسطى والبنصـر أسفل عينيّ، أرعَبَتني الشـيخوخة التي تزحف مبكراً وسـريعاً. أمطُّ شفتي السُّفلى بعدم اهتمام وأمضي». أما في قصة سفر، فتقول:« .. جهَّزت حقيبة السَّفَر، لم تنسَ فرشاة الأسنان، أحمر الشِّفاه، وديوان شعر يتغنّى شاعرهُ بساعة الغسق في عيون الحبيبة. في المطار راجَعَت الإدارة، وسألت عن الإجراءات التي يقوم بها فاقد تذكرة السَّفَر». وكانت قصة الحاجة أكثر تكثيفا، إذ تقول القصة:«أقسَمَت يميناً غموساً؛ لتحصل على عملٍ إضافي صباحاً. ظهراً أرسلت لصديقاتها رسالة نصـية (صلّوا على النَّبي)». ومن القصص المؤثر فيالمجموعة قصة تصوير:« تنقل آلة التصوير من كتف إلى كتف، تقف قبالة العروسـين، - امسِك يدها. - ضعي رأسكِ على كتفه. - افردي ثوبك أكثر. تلتقط آلتها البكماء السَّعادة البادية على الوجوه. سنون مرَّت وهي تنتظر دَوْرها لتقف المصوِّرة قبالتها وتتلقّى تعليماتها دون تردُّد، وعدسة القلب تصوِّر فرحتها وتمسح دمعتها.» يذكر أن الكاتبة خلود المومني من مواليد مدينة الزرقاء، حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال، ودبلوم عال في الإدارة المدرسية، وتعمل معلمة في وزارة التربية والتعليم. نشرت قصصها في الصحف والمجلات في الأردن، مثل الرأي والدستور والحصاد وبسمة وصوت الجيل. وكانت قد حازت على المركز الأول في مسابقة الشيخ أحمد الدباغ للقصة القصيرة، وفي مهرجان الزرقاء السايع. وهي من مؤسسي لجنة أصدقاء رابطةالكتاب الاردنيين فرع الزرقاء.