توعويات : «افتح يا سمسم» عد إلينا
الأربعاء / 26 / ربيع الثاني / 1438 هـ - 19:02 - الأربعاء 25 يناير 2017 19:02
حميد بن فاضل الشبلي -
مسلسل (افتح يا سمسم) من البرامج الجميلة التي أنتجتها مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي في ثمانيات القرن المنصرم، حيث يعتبر من البرامج التعليمية التربوية التي استمتع بها جيل تلك المرحلة، مع أولئك الشخصيات الهادفة والممتعة (نعمان وشمس وغرغور وملسون) التي أكسبت الأطفال والمشاهدين المرح والفرح والتعلم والسرور، افتح يا سمسم ساهم مع الأطفال في مناقشة مفاهيم المحبة والتعاون وطاعة الوالدين، كذلك لم تخل حلقاته من تعزيز ثقافة الصدق والأمانة والجد والمثابرة واحترام الإنسانية، هذا الواقع لم يكن فقط مع افتح يا سمسم، وإنما أيضا كانت هناك عدة برامج ومسلسلات تميزت بهذه الخاصية وهي احترام براءة مرحلة الطفولة، ولذلك استحقت أن نطلق عليها مسلسلات وبرامج مفيدة وهادفة لحياة الأطفال.
ولكن للأسف الشديد في الألفية الجديدة لم تبق تلك البرامج على حالها، فبعد أن كانت الوسائل الإعلامية عند بداية ظهورها تعمل على إدخال الابتسامة والمرح في قلوب فئة الأطفال، لم تعد اليوم موجودة تلك السياسة التي كانت تقوم بها بعض المؤسسات، لذلك بدأنا نشاهد في الأفلام الإلكترونية وكذلك ألعاب المرح والتسلية، مشاهد العنف والقتل والتدمير والعلاقات الغرامية، بدأ يتعلم مفاهيم ومصطلحات جديدة مثل (العدو والقتل والتدمير والانتقام )، ولذلك لم يعد يثق الآباء والأمهات في ترك أطفالهم لمتابعة بعض القنوات، كما أصبحوا يحذرونهم من بعض ألعاب التسلية الإلكترونية، وذلك بسبب ما تحتويه من سموم مدسوسة في برامجها، فكم من طفل أصبح لديه تغير في السلوك، وذلك بفعل التأثير المباشر الذي اكتسبه من المشاهد واللقطات والمناظر التي أفرزتها تلك البرامج والقنوات.
الربح المادي ولغة المال هي التي أصبحت مسيطرة على فكر وخطط تلك المؤسسات ، فلم يعد للقيم المجتمعية ولا المبادئ الإنسانية أي معنى أو وجود في برامجها ولا وسائلها، كما أن الهيئات والجمعيات والمؤسسات التي تتحدث عن حقوق الطفل، والتي دائما ما تعقد الندوات والمؤتمرات العالمية حول هذه الفئة في المجتمع، لم تعد اليوم قادرة على وقف هذا الاعتداء على أنقى وأهم قيمة إنسانية على وجه الأرض ألا وهي براءة الأطفال.
اليوم يتطلب من تلك المؤسسات التي ألحقت الضرر بمرحلة الطفولة، أن تراعي خصوصية هذه الفئة البريئة، يجب عليها أن تحافظ على سلامة أدمغة وأذهان مرحلة النشء، يجب أن تمتنع عن صناعة العنف والقتل والتدمير عند أفراد هذه المرحلة، يجب عليها أن تغرس في برامجها مبادئ المحبة والسلام، إذا أرادت أن تشارك المجتمع في الخلو من فكر العنف والتطرف، إذا أرادت أن تساهم في تكوين مجتمعات متعاونة ومتحابة، إذا أرادت أن تعد هؤلاء الأطفال لخدمة مجتمعاتهم في المستقبل.
اليوم يتطلب من الجميع الوقوف مع هؤلاء البراعم، من أجل المحافظة على براءتهم التي دائما ما يتصفون بها، يجب على المختصين وكذلك أصحاب القرار سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو الدولي في سن التشريعات والقوانين التي تمنع أي فرد أو مؤسسة من تدمير براءة الأطفال.
humaid.fadhil@yahoo.com