أعمدة

نوافـذ :رحيل نجم

salem
 
salem
سالم بن حمد الجهوري - Salim680@hotmail.com - غياب البعض عن حياتنا يترك أثراً قد لا يكون الزمان كفيلاً في التئام جراحه بين الأخوة والأقارب والأصدقاء، مع إيماننا أن القضاء والقدر لا يستثنى أحداً، فكلنا في طابور الانتظار، يترجل منا البعض ، فيما ينتظر آخرون على صهوة الحياة . ولغياب البعض صدمة لمحبيه وأصدقائه كحال نجمنا سالم بهوان الذي ترجل عنا قبل يومين، تاركاً ذلك الأثر في النفس الذي تفقد معه نجماً أنار سماء حياتنا لسنوات طويلة وأضاف إلى الحركة السينمائية والفنية بجهده الكثير. عرفته في محطات في الحياة قبل أكثر من 20 عاماً التقى به في مفارق الأيام استشعرت في بدايات معرفتي أنني اعرفه قبل ذلك، وبقي بنفس الخلق والطباع والإنسانية والتوقد الذي عهدناه عنه إلى أن رحل دون استئذان. لا يكفي الرثاء في محاسن الرجال، فابن هذا البلد قدم الكثير لوطنه عبر هوايته التي عشقها منذ ٣٠ عاماً ، هو الفن الذي عشقه وأعطى له الكثير من وقته ليضيف إلى الحركة السينمائية والفنية والمسرحية بصمته التي كان لها الأثر في توسيع انتشاره خليجياً وعربياً، بعد أن أقنع الكثير من النقاد بعفويته في أداء أدواره والتي مهدت له الطريق للانتشار خاصة وتنقل بينها خلال السنوات العشر الماضية وكان نجماً متفرداً ومتلألئا. عرفنا راحلنا في أكثر من ٣٠ مسلسلاً تلفزيونياً ومثلها من المسرحيات و ٤ أفلام سينمائية وكانت أبرز مسلسلاته (إنسان من الزمن المستحيل، وآخر العنقود، وجمعة في مهب الريح، وغصات الحنين، والغريقة،«ود الذيب»، والذي كان من جزأين، والاتجاهات الأربعة، وقراءة في دفتر منسي، ومن المسرحيات التي أثرت مسيرته وأثرت الحركة الفنية ٢٤ ساعة ، وبيت الدمية، والمشكاك، والصنارة، والكرة خارج المعلب، وشيخ الحارة، وكانت آخر الأعمال التي رسخت في الذاكرة فيلم (قصة مهرة) الذي أنتجه وشارك في بطولته وعرض في عدد من المهرجانات السينمائية، ونال العديد من التكريم محلياً وعربياً ودولياً، ويعد أحد روافد الدراما العمانية في الجانبين السينمائي والمسرحي. وقد ميز هذا الفنان الرائع أنه اجتهد على تطوير قدراته وعلى إبراز مواهبه ولم ييأس رغم العقبات، واستطاع بعد محاولات أن يقنع الكثير من النقاد في الداخل والخارج بشخصيته الجادة والحادة أحياناً، حيث حرصه على صنع الفارق في العمل الفني أي كان، فشاهدناه في أدوار متعدده الأب والأخ والابن والبدوي والعصري والغني والفقير وغيرها من الوجوه التي اتقنها. ويحسب له جهده الكبير في إنتاج بعض الأعمال الفنية التي تحتاج إلى موازنات مالية، قدم لها ما يمكن من أمواله الخاصة، استطاع أن يضيفها لمسيرة الدراما العمانية، وأن تحسب لعمان قبل أن تضاف لمسيرة الراحل، و أن يطور من أدائه كممثل ومخرج ومنتج في آن واحد، وفتح العديد من مسارات العلاقات مع أهل المهنة في الوسط المحلي والعربي والدولي، ولم يكتف بذلك بل دعم الموهوبين وساعدهم على البدء في أولى خطواتهم في عالم يحلمون به وكأنه يحاول أن يوجد جيلاً منهم يحلون يوماً بدلاً عنه وعن نجوم الصف الأول. كانت كثيرا ما تشدني شخصية الراحل بتواضعه وانفتاح عقله على الجميع، وحرصه على أن يضيف فارقاً له في مهنته، فكنت أعبر له خلال لقاءاتنا عن بعض الملاحظات حول الأعمال التي يقدمها للمشاهد، يستمع إليك متلقطاً ما يمكن أن يساهم في التطوير الفني، ولم يتأفف يوماً من صديق أو قاصد لخدمه، بل كان يمارس طيبته مع الجميع، لذلك استطاع أن يأسر الجميع ويترك بصمة كبيرة له على هذه الساحة التي هي إطلالة على جماهيره. الراحل لم يغب يوماً عن مشاهدي في السنوات الأخيرة فقد كنت أتذكره، أما وأنا ذاهب للعمل، أو عائداً مساء إلى البيت، لارتباط اسمه في ذاكرتي ببيت والده الذي أجاوره في أحد أحياء بوشر. رحل نجمنا ذو الأخلاق المتواضعة دون وداع، فكان الألم اشد وقعاً علينا وأقسى وأمر على ذويه، لأننا لم نكن نتوقع أن يترجل عن عالمنا في لحظات، عندما خطفه الموت من بيننا، فاللهم ارحمه واغفر له.