أسعار النفط تتجه لأكبر خسائر سنوية منذ 2020 وسط فائض المعروض وتصاعد الضغوط الجيوسياسية
الأربعاء / 10 / رجب / 1447 هـ - 15:48 - الأربعاء 31 ديسمبر 2025 15:48
'وكالات': تواصل أسعار النفط العالمية مسارها النزولي مع نهاية عام 2025، في ظل فائض متزايد في المعروض يقابله تباطؤ في نمو الطلب، وسط مشهد اقتصادي وجيوسياسي بالغ التعقيد؛ فقد ألقت الحروب والعقوبات الدولية وارتفاع الرسوم الجمركية، وكذلك تسارع وتيرة إنتاج أوبك بلس، بظلالها على الأسواق، دافعة الأسعار لتسجيل أكبر تراجع سنوي منذ عام 2020، في وقت تتزايد فيه التوقعات باستمرار الضغوط خلال العامين المقبلين، رغم محاولات تحقيق التوازن في السوق.
النفط تحت ضغط فائض المعروض
وبلغ سعر نفط عُمان الرسمي اليوم تسليم شهر فبراير القادم 60 دولارًا أمريكيًّا و44 سنتًا. وشهد سعر نفط عُمان اليوم انخفاضًا بلغ 88 سنتًا مقارنة بسعر يوم الثلاثاء، والبالغ 61 دولارًا أمريكيًّا و32 سنتًا. تجدر الإشارة إلى أنَّ المعدل الشهري لسعر النفط الخام العُماني تسليم شهر ديسمبر الجاري بلغ 65 دولارًا أمريكيًّا و4 سنتات للبرميل، منخفضًا 5 دولارات أمريكية و4 سنتات مقارنةً بسعر تسليم شهر نوفمبر الماضي.
على الصعيد العالمي، تراجعت أسعار النفط اليوم متجهة لتسجيل انخفاض يتجاوز 15 بالمائة في 2025، بعدما فاق العرض الطلب في عام شهد حروبًا وارتفاع الرسوم الجمركية وزيادة إنتاج أوبك بلس وفرض عقوبات على روسيا وإيران وفنزويلا.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 18 بالمائة تقريبًا، وهي أكبر نسبة تراجع سنوية منذ 2020، وتتجه لتسجيل خسائر للعام الثالث على التوالي، في أطول سلسلة خسائر لها على الإطلاق. ونزل عقد مارس، الذي ينتهي أجله اليوم الأربعاء، خمسة سنتات إلى 61.28 دولار للبرميل.
وتوقع جيسون ينغ، محلل السلع الأولية في بي.إن.بي باريبا، أن ينخفض برنت إلى 55 دولارًا للبرميل في الربع الأول من 2026 قبل أن يتعافى إلى 60 بقية العام، إذ من المتوقع أن يعود نمو المعروض إلى طبيعته بينما يظل الطلب ثابتًا.
وقال: «نعتقد أن منتجي النفط الصخري الأمريكي تمكنوا من التحوط بمستويات مرتفعة، لذا فإن المعروض من منتجي النفط الصخري لن يكون شديد التأثر بتحركات الأسعار».
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ثلاثة سنتات إلى 57.92 دولار للبرميل، لكنه يتجه لتسجيل انخفاض سنوي 19 بالمائة. وأظهرت بيانات مجموعة بورصة لندن أن متوسط أسعار 2025 لكلا الخامين القياسيين هو الأدنى منذ 2020.
تراجع الأسعار
حظيت أسواق النفط ببداية قوية لعام 2025 عندما اختتم الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ولايته بفرض عقوبات أشد على روسيا، مما عطل الإمدادات إلى الصين والهند، أكبر مشتري الخام الروسي. واحتدمت الحرب في أوكرانيا عندما ألحقت طائرات مسيرة أطلقتها كييف أضرارًا بالبنية التحتية للطاقة في روسيا، وعطلت صادرات كازاخستان من النفط، وهدد الصراع بين إيران وإسرائيل، الذي استمر 12 يومًا في يونيو، الشحن عبر مضيق هرمز، مما رفع أسعار النفط.
وتصاعد التوتر الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط، وأيضًا إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا بفرض حصار على صادرات النفط الفنزويلية، وتهديده بتوجيه ضربة أخرى لإيران.
لكن الأسعار تراجعت بعد أن سرعت أوبك بلس وتيرة رفع إنتاجها هذا العام، ومع تزايد المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على نمو الاقتصاد العالمي والطلب على الوقود.
من جانب آخر، قررت أوبك بلس تعليق زيادة إنتاج النفط بالربع الأول من عام 2026 بعد أن ضخ نحو 2.9 مليون برميل يوميًّا في السوق منذ أبريل. وسيُعقد اجتماع أوبك بلس المقبل في الرابع من يناير.
ويتوقع معظم المحللين أن يتجاوز العرض الطلب في العام المقبل، بفارق يتراوح بين 3.84 مليون برميل يوميًّا وفقًا لتقدير وكالة الطاقة الدولية، ومليوني برميل يوميًّا وفقًا لتقدير جولدمان ساكس. وقال مارتن راتس، المحلل في مورجان ستانلي: «إذا انخفض السعر انخفاضًا كبيرًا حقًّا، فإنني أتصور أننا سنشهد بعض التخفيضات من أوبك بلس، لكن ربما يجب أن ينخفض السعر أكثر من الآن فصاعدًا، ربما إلى حدود 50 دولارًا».
الأسهم الأوروبية قرب مستويات قياسية
على صعيد الأسواق العالمية، تراجعت الأسهم الأوروبية عند الفتح اليوم، آخر أيام التداول في 2025، لكنها تحوم بالقرب من مستويات قياسية مرتفعة، ومن المتوقع أن تختتم عامًا قويًّا بدفعة من انخفاض أسعار الفائدة، وزيادة ألمانيا الإنفاق، والتحول بعيدًا عن أسهم التكنولوجيا الأمريكية باهظة الثمن.
وانخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.1 بالمائة إلى 592.03 نقطة، لكنه ظل في طريقه لتحقيق أقوى أداء سنوي له منذ 2021، مع مكاسب بنحو 16 بالمائة.
وظل نشاط التداول ضعيفًا قبل عطلة العام الجديد، مع إغلاق الأسواق في ألمانيا وإيطاليا وسويسرا بالفعل.
وفي حين سجلت البورصات الإقليمية الرئيسية نتائج إيجابية على نطاق واسع هذا العام، حقق المؤشر إيبكس الإسباني مكاسب 50 بالمائة تقريبًا، متفوقًا على نظرائه إلى حد بعيد. ويتجه المؤشر كاك 40 الفرنسي لتحقيق أقل المكاسب بين البورصات الأوروبية الرئيسية، إذ لم يرتفع إلا 10.2 بالمائة، وأثر عدم الاستقرار السياسي والمخاوف المتزايدة بشأن ارتفاع الدين العام وقفزة في عوائد السندات على أداء السوق الفرنسية.
أما المؤشر داكس الألماني فمن المتوقع أن يرتفع 23 بالمائة، مستفيدًا من تدابير الدعم الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة، بما في ذلك حزم التحفيز المالي والاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية. وواصل المؤشر فاينانشيال تايمز البريطاني سلسلة مكاسبه المتتالية، إذ يتجه نحو الارتفاع 22 بالمائة في 2025، محققًا مكاسب للعام الخامس على التوالي.