أعمدة

بورصة مسقط وتحديات النمو في 2026

تستقبل بورصة مسقط غدا عاما جديدا بعد العديد من النجاحات التي سجلتها خلال عام 2025 وتحقيقها مستويات قياسية غير مسبوقة في أحجام التداول وعدد الصفقات المنفذة والقيمة السوقية والمؤشر الرئيسي الذي تمكن من العودة إلى مستويات عام 2016.

ولعل أبرز النجاحات التي يمكن الإشارة إليها ونحن نودّع عام 2025 هي ارتفاع مستوى الثقة في البورصة بعد السلوك الإيجابي من قبل الصناديق والمؤسسات الاستثمارية المحلية التي قامت بزيادة مشترياتها في البورصة، بالإضافة إلى الأداء الإيجابي لمزودي السيولة وتفاعل العديد من الشركات القيادية مع تحركات البورصة وسط العديد من الإفصاحات التي دعمت ثقة المستثمرين.

وقد تمت ترجمة هذه الثقة من خلال العديد من المؤشرات؛ من أبرزها القيمة السوقية التي تجاوزت 32 مليار ريال عماني، والمؤشر الرئيسي الذي سجل أفضل مستوى له منذ عام 2016، ليتمكن بذلك من كسر حاجز نفسي وتاريخي استمر لأكثر من 9 سنوات، وقيمة التداول التي تقترب من 5 مليارات ريال عماني بما يعادل تداولات بورصة مسقط طوال السنوات الخمس الماضية.

كما أنه من الملاحظ أن عام 2025 شهد إعادة تسعير العديد من الأسهم عند مستويات جديدة تعكس -في نظر العديد من المحلّلين- الأداء المالي للشركات بعد عدة سنوات من التداول في مستويات قريبة أو دون القيمة الاسمية للسهم، وقد لاحظنا في هذا الإطار ارتفاع أسهم الباطنة للطاقة والسوادي للطاقة والأنوار للاستثمارات إلى مستويات فوق الـ100 بيسة بعد أن كانت عند 66 بيسة، ولعل المستويات التي وصلت إليها أسهم البنوك تشير إلى هذا الاتجاه بوضوح بعد أن ارتفع سهم بنك مسقط بنهاية الأسبوع الماضي إلى 341 بيسة مقابل 252 بيسة في عام 2024، وارتفع سهم البنك الوطني العماني من 296 بيسة إلى 375 بيسة، وشهدت أسهم عدد من الشركات الصناعية صعودا لافتا خاصة سهم فولتامب للطاقة الذي أغلق بنهاية الأسبوع الماضي على ريال و70 بيسة مقابل 415 بيسة عند نهاية العام الماضي، وصعدت أسهم مجموعة أوكيو إلى مستوى التقييمات التي أصدرتها الشركات المتخصصة عند طرح الأسهم للاكتتاب العام وهو ما أعاد الثقة إلى هذه الأسهم. وبشكل عام يمكننا النظر إلى هذه الارتفاعات على أنه تصحيح لمسار أسهم العديد من الشركات التي كانت تحقق نتائج جيدة غير أن أسهمها لم تكن تعكس النمو الذي تحققه الشركات في نتائجها المالية نتيجة لضعف السيولة أو تراجع الطلب.

وإذا كانت بورصة مسقط تختتم اليوم عاما استثنائيا في مختلف مؤشراتها، فإن أمامها العديد من التحديات خلال عام 2026؛ لعل في مقدمتها حماية الثقة التي تم بناؤها خلال عام 2025 من قبل العديد من الأطراف، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال العمل على: استدامة النمو، وتعزيز السيولة، وتوسيع قاعدة المستثمرين المحليين والأجانب، وتحفيز الشركات على مزيد من الشفافية والإفصاح، مع الاهتمام بالرقابة التي تدعم نمو الشركات وتحافظ على كياناتها وقدراتها المالية وتُسهم في تنويع منتجاتها وإيراداتها وتحقق لها استقرارا في الأداء المالي.