2025 .. عام التحولات الكبرى وأبعادها الاستراتيجية على سلطنة عُمان ودول الخليج
تحليل د. خالد بن راشد العدوي
الثلاثاء / 9 / رجب / 1447 هـ - 13:24 - الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 13:24
شهد عام 2025 كما في الأعوام السابقة العديد من التحولات البارزة على مختلف الأصعدة لاسيما في المجال السياسي، حيث أصبح تأثيرها واضحًا ومباشرًا على دول العالم كافة، ولا سيما سلطنة عُمان ودول الخليج العربي.
لقد اعتبر الكثير من المراقبين والمتابعين للشأن السياسي والدولي أن عام 2025 كان عامًا استثنائيًا، لما تميز به من تحولات وتغييرات عميقة في النظام الدولي، إذ تداخلت فيها القوى الاقتصادية والسياسية والتقنية في ظل الصراعات والتوترات الإقليمية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط.
ولا يمكن فصل هذه التحولات عن السياق الإقليمي الأوسع، خاصة بعد الأحداث المأساوية التي شهدها قطاع غزة وفلسطين بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 وما أعقبها من تفاعلات سياسية وشعبية، بين مؤيد ورافض، والتي أسقطت الكثير من الأقنعة وأظهرت حقيقة التوازنات والخيارات الاستراتيجية في المنطقة.
وقد أعادت هذه التطورات تشكيل الصورة الجيوسياسية للشرق الأوسط، وجعلت من عام 2025 محطة محورية لفهم ديناميات القوة والتحولات الإقليمية والدولية في السنوات المقبلة.
عام 2025.. عالم مضطرب
ووفق ما أوردته وسائل الإعلام العربية والغربية مثل «العربية. نت» و«فرانس برس» بتاريخ 16 ديسمبر 2025، شهد العالم في هذا العام حالة من عدم الاستقرار المتزايد، وارتفاع قابلية المجتمع الدولي للصدمات والتهديدات الخارجية.
وبالنسبة للمجتمع المحلي العُماني خاصة والخليجي عامة، كانت هذه الأحداث والصراعات في المنطقة تُنظر إليها كخيارات استراتيجية تتطلب حكمة ودقة، بعيدًا عن أي رفاهية أو ترف في القرار، مع غياب معايير الاستقرار والحياد الإيجابي، والحاجة الملحة للدبلوماسية الوقائية وتنويع الشراكات.
وأشارت التقارير الدولية إلى أن عام 2025 اتسم بتكثيف الأزمات بدل احتوائها، وتوسع دوائر الصراع سياسيًا وعسكريًا واجتماعيًا. كما شكّلت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 عاملاً إضافيًا للاضطراب في النظام الدولي، من خلال سياسات تصادمية داخليًا وخارجيًا، أعادت إحياء النزعات الحمائية والحروب التجارية، وأربكت التوازنات التقليدية مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، شهد العام وقف إطلاق النار في غزة بعد عامين من حرب مدمرة، إلا أن الهدنة بدت هشّة، في ظل تعثر مفاوضات ما بعد الحرب، واستمرار الضربات الإسرائيلية، واتساع رقعة التوتر الإقليمي لتشمل مواجهات مباشرة وغير مسبوقة بين إسرائيل وإيران، مع مخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع.
أما في إفريقيا، فقد دخلت الحرب السودانية منعطفًا بالغ الخطورة مع سقوط مدينة الفاشر وما رافقه من فظائع إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها «حرب فظائع»، معيدة إلى الأذهان مآسي دارفور، ومؤكدة فشل المجتمع الدولي في منع الانهيارات الطويلة الأمد.
وفي أوروبا، استمرت الحرب الروسية–الأوكرانية دون حسم، رغم الجهود الدبلوماسية المصاحبة لعودة ترامب، حيث تعثرت المفاوضات وتصاعدت الضربات المتبادلة، وبقي السلام رهينة حسابات القوة والمصالح الكبرى.
على المستوى العالمي، برزت احتجاجات جيل «زد» في عدة قارات، تعبيرًا عن غضب اجتماعي واسع من تردي المعيشة، وفساد النخب، وتقييد الحريات. ولجأت بعض الحكومات إلى القمع، مما عزز مؤشرات عدم الاستقرار السياسي. كما شهد العام تصعيدًا أمريكيًا في منطقة الكاريبي والمحيط الهادئ بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، ما أضاف بعدًا جديدًا للتوتر الجيوسياسي، خصوصًا مع دول مثل فنزويلا.
كل هذه الأحداث كان لها تأثير مباشر على سلطنة عُمان، وعلى دول الخليج العربية عامة، نظرًا لارتباطها الوثيق بالتجارة والاقتصاد والتعاملات السياسية والدبلوماسية. كما أثرت في مسارات العلاقات الدولية، وأظهرت محدودية الدور الدبلوماسي في احتواء النزاعات، سواء في حالات الصراع الداخلي، كما في السودان، أو في النزاعات بين الدول، وما تبع ذلك من مقاطعات وتغيرات في العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع دول كانت لها شراكات استراتيجية مع دول الخليج.
اضطراب النظام العالمي
شكلت عودة فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم في يناير 2025 حدثًا فارقًا في مسار السياسة الأمريكية وتعاملها مع دول العالم. فقد اتسمت سياساته بالتحولات الجوهرية، أبرزها فرض رسوم جمركية أحادية الجانب أعادت توجيه حركة الاستثمار داخل الولايات المتحدة دون دراسة أو تفاهم متبادل مع الدول المستهدفة، ما أسفر عن آثار مباشرة على المستويات الداخلية والخارجية.
كما ألقى نهج “America First” بظلاله على العلاقات الدولية، حيث تركزت السياسات الأمريكية على المصالح الوطنية الضيقة، مع تشدد ملحوظ في القضايا الأمنية والسياسية، وفرض مقاربة تصادمية تجاه الحلفاء والخصوم على حد سواء.
وقد أدت هذه التحولات «الترامبية» إلى إدخال النظام العالمي في دوامة من التوتر وعدم اليقين مع تصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية على المستويات الإقليمية والدولية، مما أجبر العديد من الدول، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج، على إعادة النظر في استراتيجياتها وتحالفاتها، وموازنة مصالحها مع سياسات القوة الأمريكية المتغيرة.
صحافة البيانات في 2025
على صعيد التغطيات الإخبارية والمواد الصحفية المستندة إلى البيانات، خصوصًا فيما يتعلق بالعالم العُماني والخليجي، قدم عام 2025 صورة لعالم متشكّل تحت وطأة الاضطراب الجيوسياسي، وهيمنة السياسات التجارية الأمريكية، والتغلغل المتسارع للذكاء الاصطناعي، واستمرار الحروب والنزاعات. ووفق ما أوردته شبكة الصحافة الاستقصائية العالمية (GIJN) في تقريرها السنوي لأفضل أعمال صحافة البيانات لعام 2025 بعنوان: Editor’s Pick: Best of Data Journalism from 2025، لعبت عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض دورًا محوريًا في تعميق حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، خصوصًا عبر فرض رسوم جمركية واسعة النطاق وتخفيضات حادة في الإنفاق. وقد وثقت تحقيقات البيانات تأثير هذه السياسات على الأسواق وسلاسل الإمداد العالمية، ما انعكس مباشرة على الاقتصاد الخليجي والعُماني.
دلالات عُمانية وخليجية
من منظور عُماني وخليجي، يكشف هذا التحليل أن عام 2025 لم يكن مجرد عام للأحداث الكبرى، بل عام لتغيير أدوات فهم العالم. فصناعة القرار والإعلام والأمن الاقتصادي باتت ترتبط بقدرتنا على قراءة البيانات، وفهم الخوارزميات، والتمييز بين المعلومة الدقيقة والتحليل الموضوعي والتضليل الرقمي. وفي عالم مضطرب كهذا، تصبح الحياد، والوعي الرقمي، والاستثمار في المعرفة والبيانات عناصر أساسية تكمل الدبلوماسية التقليدية وتعزز الاستقرار السياسي.
الحرب والصراع محور التغطية
أبرزت صحافة البيانات كذلك في 2025 الصراعات كموضوع رئيس، حيث تناولت تحقيقات معمقة الحرب الروسية–الأوكرانية، وحرب غزة، والنزاع في السودان، مستخدمة أدوات الذكاء المفتوح المصدر، والتحليل المكاني، وخرائط الأقمار الصناعية، وتحليل وسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق الكلفة الإنسانية. ولم تعد صحافة الحرب تقتصر على سرد الوقائع، بل توسعت لتفكيك أنماط الاستهداف، والتحقق من الروايات الرسمية، وقياس الأثر الإنساني بالأرقام.
الذكاء الاصطناعي وتحدياته
في مجال الذكاء الاصطناعي تحديداً، كشفت تحقيقات البيانات عن وجوه متناقضة للتقنية: من جهة، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا حاسمًا في الاقتصاد والصناعة والإعلام؛ ومن جهة أخرى، أظهرت التحقيقات كيف أدى الانتشار السريع لمراكز البيانات إلى ضغوط غير مسبوقة على شبكات الطاقة وارتفاع أسعار الكهرباء، بالإضافة إلى استغلال عمالة رخيصة في دول الجنوب لتدريب النماذج اللغوية الكبرى، في سباق تقني محفوف بالتحديات الأخلاقية والاجتماعية.
التضليل الرقمي وصعود التطرف
كما سلطت صحافة البيانات الضوء على المعلومات المضللة وصعود التطرف الرقمي، حيث كشفت تحقيقات عن تحيزات خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي في ترويج المحتوى المتطرف، وعن حملات منسقة لنشر التضليل، بما في ذلك ملفات مرتبطة بإنكار التغير المناخي، ما يؤكد أن ساحة الصراع في 2025 لم تعد عسكرية فقط، بل أصبحت رقمية وخوارزمية بامتياز.
المناخ والكوارث الطبيعية
ولم تغب قضايا المناخ والكوارث الطبيعية عن المشهد، إذ وثقت تحقيقات البيانات حرائق الغابات، والجفاف، والفيضانات، وربطتها بتغير المناخ وسوء التخطيط، كاشفة الفجوة بين الخطاب السياسي والواقع البيئي باستخدام الأدلة الرقمية.
انعكاسات على سلطنة عُمان ودول الخليج
إن هذه الأحداث والتحولات الرقمية والسياسية كان لها أثر مباشر على سلطنة عُمان ودول الخليج عمومًا، إذ تظل السياسة الأمريكية لاعبًا أساسيًا في أمن المنطقة. وأي تغير في توجهات واشنطن يفرض ضرورة إعادة تقييم مواقف الشراكات التقليدية وتنويع العلاقات الدولية. ويؤكد هذا النهج المتذبذب أهمية تبني سياسة خارجية متوازنة لدول الخليج، تحمي مصالحها الاستراتيجية وتجنبها الانجرار إلى صراعات كبرى.
النزاعات المستمرة
لا يمكن تجاهل النزاعات الطويلة الأمد التي طال أمدها وأثرت في الاستقرار الدولي والإقليمي. ففي أوكرانيا، على الرغم من الجهود الدبلوماسية والاجتماعات المتكررة بين قادة الولايات المتحدة وروسيا، لم يشهد النزاع نهاية حاسمة، وما زالت المواجهات العسكرية تلقي بظلالها على الاستقرار الأوروبي والاقتصاد العالمي.
وبالمثل، يبقى قطاع غزة مثالًا حيًا على هشاشة الأمن الإقليمي. فقد توصلت إسرائيل وحركة حماس إلى هدنة بعد حرب دامية استمرت سنوات، إلا أن الوضع لا يزال غير مستقر، فيما يظل السكان المدنيون بحاجة ماسة إلى دعم إنساني واسع، ما يعكس عمق الأزمة وأثرها المباشر على دول الشرق الأوسط، بما في ذلك سلطنة عُمان ودول الخليج العربية، التي تواجه ضغوطًا سياسية واقتصادية نتيجة هذه الأزمات.
كما لا يغيب عن المشهد الإقليمي أزمات أخرى، مثل التدخلات العسكرية في اليمن والتهديدات في البحر الأحمر، والتي أدت إلى عمليات عسكرية متعددة الأطراف شلت حركة النقل البحري وسير البضائع والسياحة في المنطقة. وقد انعكست هذه التوترات على سلطنة عُمان ودول الخليج كافة، مؤكدّة هشاشة الأمن الإقليمي وأهمية الدور الوسيط والتحاشي لدوائر التصعيد.
إن تجارب مثل هدنة غزة وما يرافقها من مفاوضات دبلوماسية تذكّر بخطورة الإقصاء عن الحلول التفاوضية، وبضرورة العمل الجاد والمتواصل على المستوى الدبلوماسي لتخفيف الأزمات، وضمان حماية المدنيين، وتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
أزمة البحر الأحمر
شكلت أزمة البحر الأحمر واحدة من أخطر التداعيات غير المباشرة لحرب غزة، إذ تحوّل الممر البحري الحيوي إلى ساحة تصعيد للصراع الإقليمي. فمنذ أكتوبر 2023، ربطت جماعة أنصار الله في اليمن عملياتها العسكرية بموقفها من الحرب في غزة، وشرعت في استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما أدى إلى عسكرة الممر الملاحي وتدويل الأزمة، وتهديد حرية الملاحة الدولية بشكل مباشر.
وتوسعت نطاقات الهجمات لتشمل سفنًا تابعة لدول متعددة، وليس فقط تلك المرتبطة بإسرائيل ما دفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى إطلاق عمليات عسكرية بحرية وجوية لحماية الملاحة. ومع استمرار الهجمات بدا البحر الأحمر وكأنه تحول من ممر تجاري إلى ورقة ضغط جيوسياسي ضمن الصراع الإقليمي الأوسع بين إيران وإسرائيل. وقد تسببت الأزمة في اضطراب غير مسبوق بسلاسل الإمداد العالمية؛ إذ أعادت شركات الشحن الكبرى توجيه آلاف السفن حول رأس الرجاء الصالح، ما رفع تكاليف النقل وأسهم في زيادة أسعار الشحن والطاقة، وأثر مباشرة على اقتصادات تعتمد على التجارة البحرية، وفي مقدمتها مصر عبر تراجع إيرادات قناة السويس. كما انعكست هذه التداعيات على أسعار التأمين البحري، والصناعات الأوروبية، وسوق الطاقة العالمي في وقت كان العالم يسعى للتعافي من أزمات متراكمة. وعلى الصعيد السياسي الدولي كشفت الأزمة عن حدود القوة العسكرية التقليدية في مواجهة الفاعلين من غير الدول؛ إذ لم تكن الضربات الجوية كافية لوقف الهجمات ما فتح نقاشًا واسعًا حول فعالية الردع التقليدي في بيئة صراعات غير متماثلة. رافق ذلك حرب معلومات وتضليل رقمي، استخدمت فيها مقاطع مفبركة وصورًا وألعاب فيديو لإرباك الرأي العام، وهو نموذج جديد لحروب القرن الحادي والعشرين. تؤكد أزمة البحر الأحمر أن أمن الممرات البحرية لم يعد مسألة بعيدة عن مصالح الدول، بل عنصرًا مباشرًا في الاستقرار الاقتصادي والأمني للمنطقة. وبالنسبة لسلطنة عُمان -ذات الموقع الجغرافي الحساس والإطلالة الاستراتيجية على طرق التجارة الدولية- تعزز الأزمة أهمية تبني الدبلوماسية الوقائية، والحياد المتوازن، وضمان أمن الملاحة، والقيام بدور الوساطة لإطفاء النزاعات قبل تمددها. كما تبرز الحاجة الخليجية إلى تنويع مسارات التجارة والطاقة، والاستثمار في أمن البحار، والتعامل مع الأزمات الإقليمية باعتبارها مترابطة لا معزولة.
التحولات في أسواق النفط والطاقة
شهدت أسواق النفط في ديسمبر 2025 ارتفاعًا ملحوظًا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من وإلى فنزويلا في خطوة أعادت التوترات السياسية إلى صدارة معادلة سوق الطاقة العالمية. وعلى الرغم من الغموض المحيط بأسلوب تنفيذ الحصار أسهم القرار في تخفيف المخاوف المتعلقة بفائض عالمي متزايد في المعروض النفطي ما دفع الأسعار للارتفاع بأكثر من 1%.
ويعكس هذا التطور -وفق ما أشارت إليه وكالة «رويترز»- حقيقة أن سوق النفط في 2025 لم يعد يُدار فقط بمنطق العرض والطلب، بل بات شديد الحساسية للقرارات السياسية الأمريكية، لا سيما تلك المرتبطة بالعقوبات والضغوط الجيوسياسية. ففي الوقت الذي أظهرت فيه بيانات الطاقة الأمريكية تراجع مخزونات الخام مقابل ارتفاع مخزونات الوقود أعادت خطوة واشنطن تجاه فنزويلا رسم التوقعات بشأن تدفقات الإمدادات العالمية. ويؤكد هذا المشهد بالنسبة لسلطنة عُمان ودول الخليج أن استقرار أسعار النفط لم يعد رهينًا بالأسواق وحدها، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقرارات السياسية المفاجئة وفي بعض الأحيان حتى بتغريدة من الرئيس الأمريكي. كما يبرز استمرار هشاشة التوازن النفطي العالمي؛ حيث يمكن لأي إجراء أحادي أن يبدد مخاوف الفائض مؤقتًا دون معالجة جذور التقلبات. وفي خضم عام عالمي مضطرب يعكس ملف النفط كيف تتقاطع الطاقة مع السياسة، وكيف يظل المنتجون الخليجيون مطالبين بإدارة دقيقة للعوائد في سوق تحكمه المتغيرات أكثر من الثوابت.
صعود اليمين واليمين المتشدد
كما شهد عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في التأثيرات السياسية لليمين الشعبوي (populist) واليميني المتشدد في أوروبا والولايات المتحدة؛ حيث انعكست هذه التوجهات على السياسات الداخلية، وقرارات الهجرة، والتجارة الدولية. وقد أدت هذه التحولات إلى تقليص الدعم الغربي لقضايا تتطلب تعاونًا متعدد الأطراف، مثل حقوق الإنسان ومكافحة التغير المناخي، ما يضع دول الخليج أمام تحدٍ مزدوج: الحاجة لبناء شبكة علاقات متعددة ومتوازنة، وإدارة ملفات الهجرة والعمل، خاصة للعمالة المهاجرة التي تمثل عنصرًا جوهريًا في اقتصاديات المنطقة.
ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى عام 2025 على أنه عام تحديات متعددة الأبعاد شكلت مؤشرات مباشرة وغير مباشرة على تحوّل العالم نحو نظام متعدد المراكز والقوى بعيدًا عن الاعتماد على قطب واحد. وتستدعي هذه المتغيرات على سلطنة عُمان ودول الخليج تعزيز المرونة والاستعداد في السياسات الاقتصادية والسياسية بما يضمن حماية المصالح الوطنية والاستقرار الإقليمي.
كما تؤكد التوترات الأمنية المستمرة أهمية الدبلوماسية والحياد في صيانة الأمن الوطني والقومي في حين يبرز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا كأدوات استراتيجية تمثل فرصة لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة مع الحفاظ على التوازن بين الأمن والسياسة والاقتصاد.