عمان اليوم

مختص في أمن المعلومات يحذر من ضعف الوعي الرقمي والثقة المفرطة والتفاعل دون تحقق

 


كتب - سهيل بن ناصر النهدي
تزايدت في الآونة الأخيرة الجرائم السيبرانية، عبر وسائل التقنية الرقمية، متسللة إلى المجتمع والمؤسسات من عدة أبواب، مستغلة ضعف الوعي وعدم إدراك المخاطر المترتبة على الفرد والمجتمع والمؤسسات، وما قد يتسبب به أي اختراق سيبراني للأجهزة الشخصية أو المؤسسية، من آثار سلبية قد تمس الشخص أو المؤسسة وتتسبب بخسائر مادية وغيرها من الآثار.
وعلى الرغم من تشابه أوجه الاحتيال وتكرارها، إلا أن المجتمع لا يزال يقع في مثل هذه الألعاب! وقد تعرض عشرات الأشخاص مؤخرًا لاختراقات سيبرانية، وأساليب خداع وتلاعب عبر مواقع وهمية، وروابط وهمية، وحسابات بنكية مخترقة، تمثلت في تأجير بعض العقارات أو بيعها وغيرها من الأساليب التي وقع ضحيتها عشرات الأشخاص.
وحول مخاطر الجرائم السيبرانية والمعلوماتية عبر وسائل التواصل والتقنية الرقمية، وتجنب طرق الاحتيال، أكد سليمان بن علي الحضرمي أخصائي أمن معلومات أن الجرائم السيبرانية في تصاعد، وهذا يشكل تحديًا في مجال الأمن الرقمي، الذي يتطلب ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي.
وقال في حديث لـ «عُمان»: يشهد الفضاء الرقمي تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الجرائم السيبرانية وتعقيدها، وهو ما يتزامن مع التوسع المتسارع في الاعتماد على التقنيات الرقمية في كافة مناحي الحياة الفردية والمؤسسية، ولم تعد التهديدات مقتصرة على استغلال الثغرات التقنية المتقدمة فحسب، بل تحولت بشكل استراتيجي لتركيزها على استهداف العنصر البشري عبر تقنيات الهندسة الاجتماعية وأساليب الاحتيال الممنهجة.
منافذ الاختراق وأساليب الاحتيال
وأشار الحضرمي إلى أن الهجمات السيبرانية تتسلل غالبًا من خلال منافذ تبدو بسيطة، لكنها تشكل نقاط ضعف حرجة في الدفاعات الرقمية، وتشمل هذه المنافذ: الروابط المشبوهة، والرسائل التصيدية (Phishing)، والمرفقات مجهولة المصدر، والتطبيقات غير الموثوقة. يُضاف إلى ذلك الاستغلال المباشر لنقاط الضعف المتعلقة بكلمات المرور غير الآمنة أو الأنظمة والأجهزة التي لم يتم تحديثها بانتظام، كما تعد شبكات الإنترنت العامة وغير المؤمّنة بيئة مثالية للمخترقين للوصول إلى بيانات المستخدمين وسرقتها.
وأوضح أخصائي أمن المعلومات أنه -وعلى الرغم من تكرار أساليب الاحتيال وتزايد التحذيرات- لا يزال الأفراد يقعون ضحية للاختراقات السيبرانية، ويُعزى ذلك في المقام الأول إلى ضعف الوعي الرقمي، أو الثقة المفرطة، أو التفاعل السريع دون تحقق.
وبين أن المحتالين يستغلون ببراعة المشاعر الإنسانية، مثل الخوف أو الطمع أو الاستعجال، لدفع الضحايا لاتخاذ قرارات متهورة.
التداعيات والآثار السلبية
وعن التداعيات والآثار السلبية من هذه الهجمات والاختراقات، أكد سليمان الحضرمي أن الاختراقات السيبرانية تترتب عليها تداعيات وخيمة تتجاوز الأضرار الفردية لتطال الكيانات المؤسسية، وعلى المستوى الفردي قد تؤدي إلى سرقة الهويات والبيانات الشخصية والمصرفية، والتعرض للابتزاز الإلكتروني، أما على صعيد المؤسسات فتتمثل الآثار في خسائر مالية فادحة، وتدهور في السمعة، وفقدان ثقة العملاء والشركاء.
روابط وهمية
وأشار الحضرمي إلى أنه في الآونة الأخيرة برز انتشار واسع لعمليات الاحتيال عبر روابط وهمية تستهدف قطاع العقارات (البيع والشراء والتأجير)، مما يستدعي يقظة خاصة، ونصح بضرورة التحقق من هوية المعلنين، وتجنب تحويل أي مبالغ مالية قبل المعاينة الرسمية، والاعتماد على المنصات المعتمدة فقط، وعدم الانسياق خلف العبارات التي تضغط على عامل الوقت أو توحي بندرة الفرص.
خط الدفاع الأول
وقال: إن الالتزام الصارم بالتدابير الأساسية للأمن السيبراني يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة هذه التهديدات، وذكر عددًا من التدابير التي يجب أن يتم القيام بها بين فترة وأخرى، مثل تحديث الأنظمة والبرامج بشكل دوري لسد الثغرات الأمنية، واستخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب، وتفعيل المصادقة الثنائية (2FA) كطبقة حماية إضافية، والاعتماد على برامج الحماية الموثوقة والمحدّثة.
وشدد المختص في أمن المعلومات على ضرورة الحذر من جوانب محددة، أبرزها: التعامل مع الروابط المختصرة أو غير المعروفة، والرسائل التي تطلب بيانات حساسة، والمكالمات التي تنتحل صفة جهات رسمية، إضافة إلى التطبيقات غير المتوفرة في المتاجر الرسمية، والعروض التي تبدو غير منطقية أو مغرية بشكل مبالغ فيه.
تحديث المعرفة
وأشار سليمان الحضرمي إلى استمرار تطور أساليب الاحتيال والاختراق، وبات من الواضح أن المحتالين يوظفون تقنيات متقدمة، من بينها الذكاء الاصطناعي وأساليب التزييف العميق (Deepfake)، ما يستدعي يقظة دائمة وتحديثًا مستمرًا للمعرفة الأمنية لدى المستخدمين.
وبين أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر الجرائم السيبرانية، من خلال تفعيل دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلامية، ونشر الثقافة الرقمية، وتبسيط المفاهيم الأمنية بلغة يفهمها مختلف فئات المجتمع.
وفي ختام حديثه أكد سليمان بن علي الحضرمي أخصائي أمن معلومات أن الجرائم السيبرانية تنعكس بآثار سلبية لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد إلى المجتمع ككل، من خلال تقويض الثقة في التعاملات الرقمية، وزيادة الجرائم العابرة للحدود، وتهديد الأمن المعلوماتي، ويظل الوعي الرقمي هو خط الدفاع الأول والأكثر فاعلية، وأن الحذر في التعامل مع التقنيات الحديثة لا يعني التخوف منها، بل الاستخدام الآمن والمسؤول لها، بما يضمن حماية الأفراد والمجتمع من مخاطر الاختراق والاحتيال السيبراني.