بريد القراء

كيف غيرتنا الأيام ؟

آمنة محمد البلوشي

تقول الكاتبة إلهام المجيد:
«في كل يوم لنا بداية جديدة، لنا محاولة في ردم هوة غياب، أو كسر قيدٍ من يأس، في كل ليلة لنا طريق نقطعه بالحرف، وإن غلبنا الصمت وتمكنت منا العزلة، في كل شوق لنا باب، إن لم نطرقه خذلتنا الأصابع وأوقعتنا في دوامة ندم، وفي عين واحدة وقلب واحد لنا حكاية وجب علينا إتمامها ولو بمنازلة الخيال!!».


ونحن أيضًا نقول: كل بداية في هذا الكون لها نهاية، وديسمبر شهر الختام لأيام مضت من أيام العمر. اعتدنا في أيام ديسمبر إعادة ترتيب الأحلام القديمة؛ فهو شهر يتيح لنا التوقف قليلًا عند فواصل الزمن، والتفكير فيما حققناه برغبة منا أو بدونها، لكن ديسمبر أشبه بنهاية مأساوية في أغلب الروايات الطويلة التي قدمتها أقلام النوابغ وحفرتها العبقريات البشرية على مدى التاريخ.


ديسمبر هو الشهر الذي يعطينا الأمل لبداية جديدة ويختم معها النهاية، إذن هو شهر إعادة ترتيب أولوياتنا، والتأمل بما قد مضى وبما هو آتٍ، وفي زوايا العام علينا أن نسأل أنفسنا سؤالًا: ما الذي غيرته أيام العام فينا؟


في نهاية كل عام نتوقف لنسترجع ما حدث خلال أشهر السنة الماضية على عجل، وهذا ما نسميه بـ«الاسترجاع» لصفحات الماضي والتقييم الشخصي للأحداث، وقد يكون هذا هو عبارة عن أهم النقاط التي تؤثر على مجريات حياتنا وفي تحسين قدرات أنفسنا. وفي كل عام نخضع أنفسنا لمرحلة التقييم الشخصي في عدة نقاط، وهي: مراجعة الخطط والإنجازات التي أردنا تحقيقها، والعادات التي أردنا تحسينها أو كسبها، وتتضمن أيضًا التجارب التي أردنا خوضها.


إن مراجعة هذه النقاط تعطينا صورة شاملة حول مخطط السنة، مما يمنح الفرد منا جزءًا من الشعور بالمسؤولية تجاه الذات، وطموحاته تعانق أفق الخيال، بالإضافة إلى النظر في طرقات التحديات والصعاب التي واجهتنا خلال أشهر السنة، سواء كانت عملية أو اجتماعية أو شخصية.


وعليه نجد أن النظر إليها وتقييمها والاستفادة منها من أهم النقاط التي تحسن من قدراتنا النفسية على مواجهة القادم من الأيام، لنخرج بمكاسب كثيرة.
إن تعزيز الشعور بالسعادة والامتنان يمدنا بالرضا، كما أن من المهم، ونحن نودع عامًا كاملًا، أن نمنح أنفسنا وقتًا ولو يسيرًا للعودة إلى الصور والذكريات القديمة، وتأمل الساعات التي قضيناها برفقة من نحب، واللحظات السعيدة التي صنعناها لأنفسنا، مهما كانت صغيرة أو بسيطة، فهي جزء من تفاصيل ستحفزنا لإكمال باقي أيام السنة.


اعتاد بعض الأشخاص العودة ثانية إلى أجندة العام التي قاموا بتدوين كل مهامهم اليومية وتفاصيلهم الصغيرة فيها، فهذه العودة لها أهمية عظيمة؛ لذلك يُعد استخدام الأجندة أمرًا مهمًا، فهو يحسن تنظيم الأيام والأوقات للأشخاص المثقلين بالمهام والأعباء التي لا تنتهي على مدار العام.


ولأن لكل نهاية بداية جديدة في نهاية العام، يجدر بنا التطلع إلى الشهر القادم من العام الجديد، وإعادة بناء خطة أخرى تتناسب مع إمكانياتنا ومهاراتنا، ومحاولة العمل بها، ولنعتبر أن هذه السنة هي الصفحة التي أغلقناها لنفتح صفحة جديدة، ولنرسم بها أحلامًا جديدة وفرصًا جديدة نكتبها بالأمل والطموح.
وأخيرًا، لنستقبل عامًا جديدًا بقول فريدريك نيتشه:
«كل صباح هو حياة جديدة، عش كما لو أن الأمس لم يكن، واستمتع بما هو قادم».