بريد القراء

شركات الطيران في ميزان الربحية والخسارة !

حتى هذه اللحظة، البعض لا يفقه حقيقة الإجابة على السؤال التالي: لماذا تخسر بعض شركات الطيران بينما تسجل بقية الشركات ربحية سنوية بالملايين؟!
هل ثمة عصا سحرية تحرك البعض وتوقف البعض الآخر؟! إن كنت من عشاق السفر والترحال، سيمتلئ تجويف رأسك بالكثير من الإجابات التي استقيتها من واقع التجربة.


والسؤال الآخر: لماذا يتراجع ولاء المسافرين لبعض شركات الطيران؟ ثم، لماذا لا تراجع الشركات الخاسرة عن سياساتها العقيمة، وتذهب نحو الربحية من خلال وضع المسافر على رأس قائمة اهتماماتها، وتسعى لتقديم كافة سبل الراحة والأمان له؟


من المثير أن شركات الطيران في الوضع الراهن تُقارن بشركات التأمين أو شركات الاتصالات، فكل شخص يفيض بما عنده من وجهة نظر.
ولذا، فإن التردد والحيرة قد تنجلي سريعًا إذا ما علمنا أن ثمة شركات لديها من الاهتمام ما يعجز اللسان عن وصفه، أما أسعارها، وإن كانت مرتفعة بعض الشيء، فمقارنة السعر بالخدمات مناسبة للغاية.


أما في ضفة التسهيلات التي تقدمها للزبائن، فحدث ولا حرج، ولكن طالما الحديث ينصب عن شركات الطيران، فنحن بحاجة إلى وضعها تحت المجهر لنرى الأشياء على حقيقتها دون الخوض في تخمينات أو توقعات.
إن نجاح أي شركة طيران لا يقتصر فقط على امتلاكها أسطولا حديثا من الطائرات، بقدر ما يحتاج إلى نظام متكامل، سواء من خلال الاعتماد على خبرة الطيارين ودقة مواعيد السفر، سواء في عمليات الإقلاع أو الهبوط للوجهات التي تسيرها كل يوم.
وهنا نشدد كثيرًا على نقطة مهمة تتمثل في اختيار أفضل الكوادر البشرية في مجال 'الضيافة الجوية'، ممن يمتلكون الخبرة والحنكة في إدارة شؤون المسافرين خلال الرحلات، بدلًا من اعتبار المسافر شخصًا مزعجًا يجب التعامل معه بعنف.


إن اختلال أي بند من البنود السابقة يجعل شركة الطيران معرضة لفقدان أعداد من المسافرين عبر أسطولها الجوي، خاصة إذا علمنا أن قطاع الطيران المدني يشهد منافسة محتدمة من أجل الاستحواذ على حصة مناسبة في سوق السفر العالمي.
وبالتالي، يفترض أن تقوم كل شركة طيران بالترويج لنفسها من خلال تقديم العروض المناسبة، وانتهاج السياسات السليمة سواء كانت هذه الشركات اقتصادية أو عادية.


مقياس النجاح لا يأتي، كما قلت، من الطائرات الحديثة فحسب، ولكن يأتي من خلال قدرة الشركة على خوض غمار المنافسة وجذب انتباه المسافرين إليها. ومن الملاحظ أن بعض شركات الطيران الحكومية هي الأقرب إلى تحقيق الخسائر السنوية، إذا ما قورنت بشركات القطاع الخاص، التي لا تجد ظهرًا يحميها من الإغلاق إلا بالعمل على البقاء في المنافسة.


سوء المعاملة التي يواجهها المسافرون من بعض العاملين في شركات الطيران يجعلهم يحجمون عن الإقبال عليها، وكثيرًا ما يروي بعض المسافرين المتضررين المواقف التي يتعرضون لها أثناء رحلاتهم، ابتداءً من وصولهم إلى منضدة تخليص إجراءات شحن الحقائب، وعبور بوابات الخروج من المطار، وانتهاءً بوصولهم إلى مقاعدهم داخل الطائرة.


من الملاحظ في بعض الأحيان أن الضغوط التي يتعرض لها 'أطقم الضيافة'، سواء في زيادة الرحلات أو العمل لساعات طويلة لسد عجز نقص الكادر الوظيفي، تجعلهم يدخلون في نزاعات ومشاحنات مع المسافرين من أقل موقف يواجهونه. ومن الملاحظ أن البعض منهم ينتهج أسلوبًا خاطئًا بحيث يصبح المضيف ذو نزعة عدوانية لدرجة أنه لا يهتم بالمسافر، ولا يسعى إلى توفير سبل الراحة له على متن الطائرة.
وبعضهم يحاول الإساءة إلى شركة الطيران التي يعمل فيها من خلال مضايقة المسافرين، خاصة عندما يعتقد المضيف أن هذا الأسلوب سيجعل الراكب أكثر التزامًا بالتعليمات أو التوجيهات!


ينفر المسافرون من الحجز على بعض شركات الطيران إذا ما علموا بأن أسطولها متهالك وبه سوء خدمة. ومن المؤسف أن بعض شركات الطيران لا تزال حتى اليوم تحقق سنويًا خسائر مالية تُقدر بالملايين، لأنها لا تلتزم بالخطط والاستراتيجيات التي تضمن لها الربحية، ولا يوجد لديها مسار واضح لتطوير الخدمات التي تقدمها للمسافرين أو تحسين مستوى الأداء الوظيفي الذي يجب أن يقدمه العاملون في الشركة. وعلى الجانب الآخر، نرى كم من شركات تراجعت مستويات الخدمة بها، إما بسبب سوء الإدارة أو ظهور بعض المشكلات في عمليات التشغيل وغيرها.


وأخيرًا، يُعد قطاع الطيران المدني من القطاعات الأكثر نموًا حول العالم، وهذا بحسب ما أوضحه الخبراء، لذا أصبحت الدول تهتم كثيرًا بإقامة العديد من المنشآت واستقطاب الشركات العالمية إليها.