"الإعلام" تنظم حلقة "الذكاء الاصطناعي بين الحوكمة والريادة"
الخميس / 4 / رجب / 1447 هـ - 14:18 - الخميس 25 ديسمبر 2025 14:18
نظمت وزارة الإعلام حلقة عمل بعنوان 'الذكاء الاصطناعي بين الحوكمة والريادة'، قدمها الدكتور رامي شاهين، مدرب ومستشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وذلك على مسرح وزارة الإعلام، بحضور عدد من المسؤولين والإعلاميين والمهتمين بالتقنيات الحديثة والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وأشار الدكتور رامي شاهين في مستهل الحلقة إلى أن العالم يشهد في هذا الوقت تحولاً غير مسبوق في طرق تشكيل الوعي وإدارة السلوك المجتمعي، موضحًا أن ما يعرف اليوم بالهندسة المجتمعية لم يعد قائمًا على القنوات التقليدية، بل أصبح يعتمد على أدوات إعلامية مدعومة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن المجتمعات البشرية على مدى قرون طويلة كانت تفكر وفق نمط واحد قائم على المقاييس الكمية، مثل ربط الجودة بالحجم أو القوة بالعدد، إلا أن هذا النمط تغيير جذرياً مع التحول الرقمي، مؤكدًا أن الإنسان اليوم يعيش لأول مرة في تاريخ البشرية ضمن ثلاثة مرتكزات متوازية هي: المرتكز الملموس، والمرتـكز الرقمي، والمرتـكز الافتراضي، وهو ما فرض فهمًا جديدًا لطبيعة المعلومة وتأثيرها.
وأكد شاهين أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل أصبح كيان قادرعلى التحليل والفهم واتخاذ القرار بسرعة تفوق القدرات البشرية، مبينًا أن هذا التحول يفرض على المؤسسات الإعلامية والحكومية قياس الأثر الافتراضي للمعلومة، وفهم كيفية انتقالها داخل الفضاء الرقمي، وانعكاسها على الواقع الملموس.
وتطرق إلى التطورات العالمية الأخيرة في مجال الحوسبة، مشيرًا إلى الإعلان عن أول حاسوب كوانتومي متاح للاستخدام التجاري، موضحًا أن هذه التقنية قادرة على اختصار عمليات حسابية كانت تستغرق مئات السنين إلى دقائق معدودة، الأمر الذي سينعكس بشكل مباشر على سرعة تحليل البيانات، وإدارة المحتوى، وصناعة القرار الإعلامي والسياسي والاقتصادي.
وأوضح أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة الكوانتومية ووسائل التواصل الاجتماعي سينتج نماذج جديدة كليًا في إدارة الحوار العام وصناعة الرأي، مؤكدًا أن المنصات الرقمية أصبحت اليوم قادرة على قراءة السلوك الإنساني وتحليله، بحيث يتحول الفرد نفسه إلى جزء من المعلومة ومنظومة التأثير.
وأشار شاهين إلى أن سلطنة عمان تمتلك فرصة تاريخية في هذا التحول العالمي، لافتًا إلى ما أظهرته خارطة السيادة الرقمية العالمية من حضور لسلطنة عمان في مجال تحليل البيانات وبناء البنية الأساسية الرقمية، معتبرًا ذلك مدخلًا مهم لمعالجة تحديات التعليم، وتطوير الأداء الحكومي، وفتح آفاق استثمارية جديدة، إضافة إلى إنشاء مركز بيانات إعلامي موحد لإدارة الحقيقة والمعلومة من مصدر مركزي موثوق.
وأكد أن الإعلام يشكل أحد أهم محاور هذا التحول، موضحًا أن قدرة الإعلام الحديث على فهم السلوك البشري أصبحت أعلى من أي وقت مضى، مستشهدًا بتجارب يومية يلاحظ فيها الأفراد تطابق الإعلانات الرقمية مع اهتماماتهم وأحاديثهم، وهو ما يعكس حجم البيانات التي يتم جمعها وتحليلها عن المستخدمين.
وبين أن الخطر لا يكمن في التكنولوجيا بحد ذاتها، بل في طريقة التعامل معها، مشددًا على أن المجتمعات العربية بحاجة إلى الانتقال من مفهوم الأمن السيبراني إلى مفهوم 'المناعة السيبرانية'، التي لا تكتفي بالحماية، بل تبني أنظمة قادرة على التنبؤ بالهجمات وامتصاصها والتعافي منها.
وأوضح أن الفشل الذي تواجهه نسبة كبيرة من مبادرات الذكاء الاصطناعي عالميًا تعود إلى غياب القياس الواضح للعائد والأثر، مؤكدًا أن أي مشروع لا يمكن قياس نتائجه لا يمكن إدارته أو تطويره، وهو ما يستدعي تبني الذكاء الاصطناعي المسؤول القائم على الحوكمة والشفافية.
وأشار إلى أهمية إدراج ما يعرف بالرخصة الدولية للذكاء الاصطناعي كأحد المتطلبات الأساسية لبناء القدرات المؤسسية، موضحًا أن الاستثمار في الإنسان المؤهل تقنيًا هو الضمان الحقيقي لمواكبة التحولات المتسارعة حتى ما بعد عام 2027، حيث يتوقع ظهور منظومات وأدوات جديدة أكثر تعقيدًا وتأثيرًا. ودعا المؤسسات الإعلامية إلى الاستعداد المبكر، وبناء شراكات معرفية، واستثمار الفرص الرقمية في إدارة الوعي، وصناعة المعرفة، ودعم التنمية الوطنية المستدامة.