عمان الثقافي

مثقفون يختارون أجمل الكتب العربية في 2025

 

استطلاع - حسن عبد الموجود

مع نهاية كل عام يطالع الكاتب تلال الكتب فوق طاولته، ويتذكَّر أنه كالعادة حاول أن يقرأ ما يصله من أعمال أهداها له زملاؤه، وعناوين أخرى اشتراها، لكنه لم يقطع سوى خطوات قليلة من الطريق الطويل، فالكتب تتكاثر حوله في كل مكان، والمطابع لا تتوقف، والإهداءات تتنزل عليه كالمطر، والعمر كله لا يكفي إلا لقراءة النذر اليسير مما حلم بقراءته.

وبهذا فإن السؤال عن أهم أو أجمل كتب العام يظل محدودًا باختيار الكاتب وقدرته على المتابعة والوقت المتاح له، ولا يعني أن الكتب الأخرى التي لم يخترها سيئة، فربما لم تقع في يده أصلًا.

بشكل عام هنا جانب من اختيارات المثقفين لأجمل الكتب العربية في 2025.

«في أثر عنايات الزيات» لإيمان مرسال

الكاتب العراقي لؤي حمزة عباس يقول: إننا نستعيد سؤال الكتب الأفضل أو الأجمل مع نهاية كلِّ عام، فيبدو بطابعه الشخصي مكمِّلًا لاهتماماتنا وهواجسنا بصدد ما نقرأ، وما تعنيه القراءة لنا كقراء أولًا وقبل كلِّ شيء.

ويسأل: ما الكتاب الذي مثّل جوهر الفعل القرائي في عام، فعمَّق اتصالنا بالثقافة والعالم وأضاء منطقة جديدة في الذاكرة والخيال؟ ويجيب: «الكتاب الذي بقي في ذهني من بين قراءات 2025 هو «في أثر عنايات الزيات» لإيمان مرسال، بما تحقق فيه من استقصاء وتشريح للثقافة والمجتمع ومؤسساته في واحدة من مراحل التحوُّل، كتاب يمسُّ أكثر من جرح، ويتطلَّع لما هو أبعد من العزاء، فضلًا عن مغامرة الكتابة نفسها وقد اتخذت من تقاطعات النصوص، التقاطعات الحرَّة، فضاء تجريب كتابي، وذلك ما عبَّرت إيمان عنه وهي تقول في الكتاب: من المستحيل أن نتخيل الكتابة بمعزل عن تقاطعات النصوص مع بعضها».

«العنبر الخامس» لآية السيابي

الكاتبة العمانية شريفة التوبي تقول: من الروايات الجميلة التي قرأتها هذا العام رواية «العنبر الخامس» لآية السيابي، ويمكن تصنيفها على أنها من أدب السجون أو الأدب النسوي. تدور أحداث الرواية في مساحة ضيِّقة وهي عنبر من عنابر سجن النساء، لكن فضاء الرواية أوسع من ذلك بكثير. وتأتي الحكايات على لسان السجينات المتورطات في قضايا مختلفة، بلغة شاعرية مكثفّة؛ حيث تأخذك الرواية إلى عوالم شتى عبر حكايات السجينات وذلك من خلال ما كتبته السجينة «صنتوب» في دفتر مذكِّرات صغير أحضرته لها إحدى السجَّانات مقابل مبلغ أكبر بكثير من قيمته الحقيقية، وكما أتى في الغلاف الأخير هي «أوراق سُرِّبت من غسق زوايا سجن عربي مجهول، تعلن عن سجينات منسيَّات، سقطت منهن أرديتهن لسبب لا نعلمه، تحاصرهن جهالة الليل، وتأسرهن ضغينة النهار».

ولعل ما يميز هذه الرواية، بحسب شريفة التوبي، عمق الاشتغال عليها من حيث القضية الحسَّاسة والجريئة التي طرحتها الكاتبة، وجرأتها في تناول قضايا المرأة السجينة وحياتها داخل السجن وخارجه، بأسلوب يتمتع بنضج في الطرح والمعالجة. في هذه الرواية ينكشف للقارئ عالم خفي من عوالم المرأة ومعاناتها ودخولها عالم الجريمة من خلال أصوات السجينات في حكايات مستورة، ملتبسة بالعار والفضيحة، وسيعيش القارئ آلام تلك النساء وانكسارهن، وعذاباتهن وسيشعر بالظلم والقهر والخذلان والشعور بالمهانة والغضب في آن واحد، في عمل جميل آسر، رغم تعدد الأصوات، وهو ينتقل بين (الكبيرة وصنتوب والكافرة والفاجرة والنغلة والنعجة والعجوز...) أسماء غريبة نالها التشوُّه الذي نال أصحابها، لكنه سيكون متأكّدًا من تلك الحقيقة: «موقف واحد فقط، يجعل الحياة بعده تتخذ وجهة يستحيل معها أن تعاود سيرتها الأولى».

«غيبة مي» لنجوى بركات

الأكاديمي المصري ممدوح فرّاج النابي يختار رواية «غيبة ميّ» لنجوى بركات. يصفها بأنها هشَّة وحادَّة في الوقت نفسه، ترقش حياة امرأة ثمانينيَّة، تجترّ ذكرياتها وهي تعيش وحيدة في بناية مرتفعة تطلُّ على بيروت بعد أن هجرها الأبناء، والأصدقاء، لأسباب كثيرة منها الموت، لا أنيس لها إلا أشباح ذكريات الماضي التي تطفو، وتنكأ جراحًا ظنت أن العمر كفيل بتضميدها، لكن هيهات لا أحد يتفقدها سوى يوسف حارس البناية، تقضي أيامًا طويلة صامتة، لا تُرعبها العتمة، ومعظم وقتها في تأمُّل الشوارع التي تعجُّ بالعمَّال الذاهبين إلى عملهم في المدينة الصباحية، لكن شعورها بالوحدة والرغبة في كسر حدَّتها يجعلها تقيم علاقة مع حارس البناية، لا تتعامل معه بطبقية بل نراها تتعاطف مع وحدته وبقائه دون زواج، وصبره معها وتحمله استغاثاتها المتعددة، ورغم طبيعتها غير الأليفة مع الحيوانات تتنازل وتهتم بالقطة التي ربضت إلى جوار باب شقتها دون شقق العمارة.

رواية عن جُروح الماضي، وتمرد الشباب، وخيبات الحب والزواج، والأولاد، وانتكاسة الأوطان، تعكس واقعًا مفجعًا يعيشه كثير مُن الناس دون القدرة على البوح به، جاءت في لغة مقتصدة، وبناء سردي متعدِّد الطبقات بين «الفلاش باك» واليوميات غير المعنونة، وتعدُّد الأصوات، والحوارات مع الذات، التي تأتي لا كنوع من الجنون، وإنما كشعور أنها ما زالت موجودة، أو كتحايل على الوقوع في شَرَك براثن الخرف الذي خبرته في تجارب سابقة مع أهلها.

وبحسب النابي هي رحلة داخلية تستبصر مصير الإنسان بعد حياة حافلة بالتمرد والصراعات، والنجاحات المهنية، ثم حالة سكون أو موات بعد غياب أسباب الضجيج، تدفع قارئها إلى تأمُّل تجربة حياته، والخوف على مصيره الذي ربما يتقاطع مع مصير البطلة التي رحلت في صمت دون أن يشعر بها أحد.

«صيحة البابلي» لمهدي سلمان

الشاعر السعودي حسين الجفَّال أكد أنه اختار ديوان الشاعر البحريني مهدي سلمان «صيحة البابلي» لأن فيه اشتغالا مغايرا عن كل الدواوين التي قرأها في السنوات العشر الأخيرة.

تخير سلمان مدينة بابل وعاتب الإنسان الأول وحيرته في السؤال: إلى أين؟ بلغة آخذة في الاتساع وهذيان وصور تتكرر لكن بلا ملل، لتكشف عذابات الإنسان وحيرته الأولى.

ديوان «صيحة البابلي» صرخة مدوية لسؤال الحقيقة التي لا يمتلكها أحد، الحرف الأول على الطين.

الشاعرة الفلسطينية شادن دياب قرأت عددًا كبيرًا من الروايات لكتَّاب عرب ومصريين، إلا أن ثلاث روايات تحديدًا تركت أثرًا عميقًا فيها خلال عام 2025.

تشترك مع ممدوح فراج النابي في الرواية الأولى وهي «غيبة مي» لنجوى بركات. شدَّها فيها الأسلوب الذي كُتبت به الرواية، وطريقة الحديث عن بيروت من خلال حالة امرأة تعيش تشظّيًا داخليًا عميقًا، وتستعيد حياة غائبة، وذاتًا ممزقة. عبَّرت الرواية عن مشاعر امرأة غائبة، وعن حالتها العاطفية وتجربتها الإنسانية، في استحضار مقارنة لكوابيس بيروت، ولكن من منظور ما بعد الحرب. هي رواية كُتِبت بقلم امرأة، عن امرأة، وعن الذاكرة، والغياب.

الرواية الثانية، وهي أيضًا عن النساء، هي «كاتيوشا» لوحيد الطويلة. رأتها شادن كتابة لافتة؛ حيث يتحدث رجل عن المرأة، ويغوص في مشاعرها: في الجمال، والحب، وفي تقلبات الحزن. تصف الرواية خيانة الرجل، وغيابه، فهنا ليس الغياب جسديًا فقط، بل غياب الحبيب في حادثة مركزية في السرد، ليترك المرأة في مواجهة فقدٍ مزدوج: فقد الحبيب، وفقد الأمان والحب.

أما الرواية الثالثة التي أثَّرت فيها فهي «أساور مأرب» للكاتب الغربي عمران. تعلق: مرة أخرى، نحن أمام قلم رجل يكتب عن امرأة، ولكن هذه المرة في سياق حرب اليمن. امرأة تعاني الحرب، والنزاع، والانكسار اليومي، وتصبح جسدًا للذاكرة والمعاناة في بلد ممزق.

وتنهي كلامها قائلة: «هذه الروايات الثلاث شكَّلت بالنسبة إليَّ تجسيدًا عميقًا للحالة العربية الراهنة، في زمن الأزمات والحروب. إنها روايات تنظر إلى الحرب من زاوية المرأة: امرأة تعيش التشظي بعد الحرب، كما في غيبة مي؛ وامرأة تفقد الحبيب، كما في كاتيوشا وحيد الطويلة؛ وامرأة تحيا داخل الحرب، كما في أساور مأرب».

«باريس التي عشت» لعيسى مخلوف

الكاتب العراقي صفاء سالم إسكندر يختار كتاب «باريس التي عشت» لعيسى مخلوف.

يُمثِّل هذا الكتاب بالنسبة له ذاكرة حيوية ومفتوحة، إذ يعرفنا الكاتب، من خلال تجربته الباريسية، على أسماء كثيرة رافقته في رحلته، مثل إيتيل عدنان، آدم حنين، إدوارد سعيد، بورخيس، وغيرهم من الأسماء المؤثرة. كما يقدم الكتاب قراءة نقدية وجمالية للشخصيات الأدبية، وللمكان بوصفه فضاء للذاكرة والكتابة والتأمل.

«بخلاف ما سبق» لعزت القمحاوي

أما الكاتب المصري أحمد عبداللطيف فيختار رواية «بخلاف ما سبق» لعزت القمحاوي باعتباره كتاب العام.

يستعيد الكاتب نفَسَه الطويل في هذه الرواية، ليس لحجمها فحسب، بل لتفرع حكاياتها وخيوطها. ويرسم بذلك خريطة اجتماعية وسياسية لمصر الراهنة. استطاع القمحاوي، كما يقول عبداللطيف، أن يؤلف عالما سرديا يدور بين الواقعي والخيالي، ومن خلال علاقة الإنسان بالحيوان يعيد تعريف الإنسان نفسه، بطريقة معمقة تساهم في فهمنا لأنفسنا. ويقول: «من بين أعمال كثيرة، تعد «بخلاف ما سبق» من أجمل روايات عزت القمحاوي وأكثر أعماله تعبيرا عن تصوره الفني».

«فوات الأوان» لمحمد أبو زيد و«كشتبان» لأميمة صبحي

الكاتب المصري محمد الفخراني يختار ديوان «فوات الأوان» لمحمد أبوزيد، ويصفه بأنه «خطوة كبيرة في رحلته مع الشعر». ينشغل أبو زيد في دواوينه الأخيرة، ومنها هذا الديوان، بماهية الشِّعر، وهو أحد أسئلته المستمرة، لكنه لا يسأل فقط، إنما أيضًا يُقدِّم اقتراحات في الشكل والمضمون، ويؤكد لنا أنّ الشِّعر لديه القدرة للتعبير عن أيّ شيء، حتى لو كان قانونًا فيزيائيًّا أو معادلة رياضية.

أما «كشتبان- الأم التي طارت» لأميمة صبحي فكتاب يُمَثِّل تجربة إنسانية وجَماليَّة، رحلة تخوضها أُمٌّ مع طفليها، ولد وبنت، في الهند، رحلة للاكتشاف والتعرُّف على الذات، وبَشَرٍ وثقافات في أماكن بعيدة، لنعرف أنَّ العالم لا يزال شاسعًا، وليس قرية أو مدينة كونية كما يُشاع، ومن الجيِّد أنه ليس كذلك، لكي يظلُّ مدهشًا وجديدًا، الكتاب تجربة حيَّة، نعرف فيها أنَّ الجمال موجود، وعندما نثق أنه موجود، فإننا لا بد سنعثر عليه.

«القبيلة التي تضحك ليلًا» لسالم الصقور

الكاتبة الأردنية نداء غانم ختمت قراءات هذا العام مع رواية «القبيلة التي تضحك ليلًا» لسالم الصقور، واعتبرتها الأجمل. بالنسبة لها فهي رواية ذكية ومختلفة، يبدأ تميُّزها من عنوانها اللافت الذي يحيل إلى سلطة القبيلة، ويربطها بالضحك بوصفه دلالة تتكشف تدريجيًا مع تقدم القراءة. هي رواية اجتماعية نفسية فلسفية تطرح موضوعًا حساسًا في المجتمعات العربية: عقم الرجل، وما يرافقه من تشكيك في رجولته، مقدِّمةً الأبوة من منظور الأب، لا من منظور الأم كما هو شائع. تدور الأحداث في مدينة جازان، وفي زمن حديث، حول علي بن سعدى الذي يسعى إلى الإنجاب على مدى خمسة عشر عامًا، ويطرق كل السبل الممكنة، من العلم الحديث إلى المعتقدات والسحر والشعوذة. وحين يُرزق أخيرًا بطفلة تولد في شهرها الثامن ضعيفة، نتابع خلال أربعٍ وعشرين ساعة محاولاته القلقة لإنقاذها. اعتمد الكاتب أسلوب السرد الذاتي التأملي، ونجح عبر لغة شاعرية جميلة ومونولوج داخلي سلس في التنقل بين الحاضر والماضي، بحس ساخر وناقد. وبهذه الرواية، استطاع سالم الصقور أن يحفر اسمه ضمن قائمة الكتَّاب المبدعين الذين ننتظر إصداراتهم المقبلة.

«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا

الكاتبة الإماراتية عائشة سلطان اختارت رواية «صلاة القلق» لمحمد سمير ندا، وهي العمل الفائز بجائزة البوكر العربية 2025، وتقول إنها ليست مجرَّد عنوان لرواية، بل هي فعلٌ سرديٌّ استخدمه الكاتب ووظفه ببراعه محاولًا تحرير عقولنا من حالة اختطاف يراها واضحة عبر أوهام وأكاذيب، استعانت بها السلطة عبر اللغة والنظرة التبجيلية للحاكم وغير ذلك من أدوات لتُحكِم السيطرة على عقول سكان «نجع المناسب» وجعلهم يعيشون أوهام انتصار في حرب 1967 لم يحدث أبدًا. ترى عائشة أن الدخول إلى هذه الرواية يحتاج إلى يقظة، فهي لا تمنحنا نفسها بسهولة. وإنما تستدعي حضورًا كاملًا: حضورًا ذهنيًا، وحضورًا للقلب. في قرية «نجع المناسي» نرى تداخلًا بين الحرب الخارجية -الدائرة منذ 1967- والحرب الداخلية التي لا تهدأ، بين الألغام المفترَضة في الأرض، وبين الألغام التي نبتت في عقول الناس. شخوص الرواية يروون الحدث الأساسي الذي يفتتح الرواية ويوجه أحداثها؛ حيث يستخدم الكاتب تقنية تعدد الأصوات، فالحدث واحد لكنه يُروى بأشكال مختلفة حسب كل راوٍ، والحدث ونتائجه الظاهرة والخفية يضمر الكثير من الرمزية الفائقة.

وبدوره يختار الكاتب المغربي عبدالعزيز كوكاس «صلاة القلق» ويصفها بالـ«رواية المبهجة». مؤكدا أنها تتحدث عن الترسُّبات العميقة للحرب في الوعي الإنساني؛ حيث يتحول القلق إلى زمن داخلي دائم، وهو شرط وجودي يُعاد إنتاجه كل يوم، عبر الخوف، الانتظار، والصلاة التي صارت محاولة أخيرة للتماسك. يشتغل محمد سمير ندا بلغة مقتصدة، متوترة، كأن الجملة نفسها تخشى اكتمالها، وتتحرك الشخصيات داخل فضاء مغلق، قرية معزولة في صعيد مصر تُحاصرها الحرب، في زمن صراعي منذ عقود؛ حيث تتداخل الحكايات اليومية مع خوف الإنسان من الموت وأشباهه.

رواية تتسم بتعدد الأصوات، كل صوت يحمل قلقه الخاص، وإيمانه المرتبك، وعلاقته الهشة بالزمن. نص ثقيل، عميق، يترك القارئ أمام مرآة داخلية صامتة؛ حيث لا خلاص، ووعي مؤلم بما تبقَّى من الإنسان.

«التحرّش بالرعد» لسليم بركات

الشاعر المصري كريم عبدالسلام يختار المجموعة الشعرية «التحرش بالرعد»، للشاعر والروائي السوري سليم بركات، والتي تتضمن ثلاث قصائد طويلة أو ثلاثة أناشيد: «سكوجوس»، و«بحر هيلاكريتوثينيس»، و«هايدراهوداهوس»، والتي تمثل عودة سليم بركات إلى الشعر، إلى المعنى المستقر في الروح حتى لو عجزت عن الإحاطة به الكلمات، إلى الصفاء مختلطا بعكارة الغرائبية والاختلاف.

وبينما ظن كثيرون أن تجربة سليم بركات الشعرية قد وصلت إلى حائط مسدود، يفاجئنا بجنون مختلف وواقعية لها نكهة الغرائبية، وكيف لا وهو الغريب في المنافي ووسط الألسنة والثقافات الموغلة في جليد إسكندنافي.

«السياسة الأمينة» لزينب أبو المجد

الكاتب المصري أحمد إبراهيم الشريف يقول: «من الكتب المميزة التي اطلعت عليها في 2025 كتاب «السياسة الأمينة بأخبار من سكن المدينة» للدكتورة زينب أبو المجد، وهو سيرة للمدينة المنورة، لكنه لا يتعامل مع المكان بوصفه خلفية «تاريخ دولة» فقط، بل بوصفه مكانا حيّا يضم بشرا، فيمنح مساحة لمخاوفهم وأفراحهم وتفاصيلهم اليومية.

الكتاب يعيد سرد سيرة النبي ﷺ وتاريخ المدينة منذ العام الأول للهجرة، ثم يتتبع مصائر من سكنوها لعقود بعد الوفاة، جوهر الكتاب هو إعادة كتابة التاريخ السياسي للمدينة عبر مرويات النساء، من السيدة عائشة وأمهات المؤمنين إلى سيدات كثيرات اشتهرن أو لم يشتهر شأنهن، وذلك من خلال 19 فصلا تجمع بين الأحداث الكبرى (الهجرة، الغزوات، فتح مكة، وفاة النبي) والوقائع الإنسانية الصغيرة، ثم تمتد إلى زمن الفتنة ومقتل عثمان بن عفان، رضى الله عنه.

«المتلقي المذعن» للدكتور زياد الزعبي

الكاتب الأردني حسين جلعاد يؤكد «إذا طُلب مني اختيار كتاب عربي واحد كأجمل ما قرأته في 2025، فسأختار «المتلقي المذعن.. محاورات في النقد الأدبي» للدكتور زياد الزعبي، لأنه كتاب يتجاوز الإطار الأكاديمي التقليدي ليقدّم تأملا عميقا في معنى القراءة والنقد والحرية». مضيفا: «يلفتني فيه موقفه الفلسفي الواضح من سلطة النص والمؤلف والخطاب النقدي الجاهز، ودعوته الصريحة إلى استعادة القارئ العربي لدوره بوصفه شريكا حرا لا متلقيا خاضعا. يربط الكتاب التراث بالحاضر بوعي نقدي رصين، ويعيد تعريف النقد بوصفه ممارسة ثقافية حيَّة، تحوِّل التلقي من طاعة إلى حوار، ومن الانفعال إلى معرفة».

وبحسب جلعاد فإن الدكتور الزعبي في كتابه يربط الماضي بالحاضر، دون أن يسقط في تمجيد أجوف أو رفض عدمي. الكتاب دعوة إلى أن نصغي لأنفسنا ونحن نقرأ، وأن نتذكَّر أن كل نصٍّ، مهما بدا متينا، إنما هو دعوة للحوار لا للإذعان.

«فورور» لنزار عبدالستار

الكاتبة الصحفية اللبنانية جنان جمعاوي تختار ثلاثة أعمال: «في الواقع قرأت العديد من الكتب الجيدة هذا العام، أذكر رواية «فورور» للكاتب العراقي نزار عبدالستار. قرأتها في جلسة واحدة. أطبقت صفحتها الأخيرة وهرعت إلى حاسوبي لأتأكد ما إذا كانت حقيقية.. إلى هذا الحد أبدع عبدالستار في نقلنا إلى أجواء المزادات الفنية. إلى هذا الحد ورَّطنا في رحلة البحث عن فورور ارتدته يوما ما مريم فخر الدين في فيلم مثَّلته مع عبدالحليم حافظ».

أما الرواية الثانية فهي «أغالب مجرى النهر» للكاتب الجزائري سعيد خطيبي. تعلق: «أحببت البطلة بعفويتها وهشاشتها. عموما أحب أعمال خطيبي، لأنه لا يساوم الذاكرة، ولأنه ينصف المهمشين دوما».

أما العنوان الثالث فهو نوفيلا «غابة» للكاتب اللبناني سمير يوسف. تقول: «إنها رواية مختلفة عن كل ما قرأته في حياتي. هي رواية مكرَّسة للدفاع عن الجمال، في وجه القبح والسرعة وفرط الاستهلاك».

الأعمال الكاملة لعماد أبو صالح

الكاتب المصري هشام أصلان يؤكد أنه من الصعب اختيار كتاب واحد باعتباره الأجمل خلال العام، لكن إذا كان لا بُد، فمن الممكن اعتبار إصدار الأشعار الكاملة لعماد أبو صالح هو الأهم في مجال النشر خلال العام، وذلك على عدة مستويات، منها أهمية شعر عماد أبو صالح بشكل عام، ومنها أنه حدث ثقافي اشتاق له المهتمون بالقراءة لسنوات، وهذه حالة نادرة في الحقل الأدبي، أن يتعطش القراء لتوافر كتابات شاعر معاصر غير ماهر في التواصل الاجتماعي، وهذا التعطش دليل على تأثير هذا الشاعر، مما يطرح سؤالا مفارقا حول غرابة أن يكون لديه هذا التأثير برغم عدم توافر أعماله بسهولة خصوصا لدى الأجيال الأحدث. يقول أخيرا: «شعرت بسعادة كبيرة مع اقتناء هذا الكتاب الممتع والمهم، وأتصور أنه إضافة حقيقية للمكتبة العربية».

وبدورها تقول الشاعرة المصرية عزة حسين إنها تعشق الموسيقى والسينما والفن التشكيلي، لكن الشعر هو ما تبحث عنه وتكاد تلهث وراءه في كل هذه الفنون؛ ولذلك فإن صدور الأعمال الكاملة للشاعر عماد أبو صالح منتصف هذا العام مثَّل لها مفاجأة عظيمة، وتعلق: «صحيح أنني قرأت أغلب دواوين عماد أبو صالح قبل جمعها وإصدارها في أعمال كاملة، لكن إتاحتها في كتاب واحد تبدو منحة لطيفة، ربما أجمل ما فيها أنه صار بإمكاننا أن نشير للآخرين على شيء ملموس ونحن نقول: انظروا إلى كل هذا الجمال!».

روح الله الفضل حبش لمجدي نصار

الكاتبة المصرية مريم حسين اختارت رواية «روح الله الفضل حبش» لمجدي نصَّار. تعرض الرواية أزمة «روح» التي تعاني من وحمة سواد تحتل نصف وجهها تشبه الشجرة. وبحسب مريم ننتظر مع روح -طوال الرواية- رد فعل هاني عندما يعرف أن الوحمة لم تحتل وجه روح فقط بل جزءا من جسدها أيضا. في الرواية تتبادل الشمس والقمر حكي تاريخ الشخصيات بعدل، وكذلك إيضاح دوافعهم الإنسانية بشكل يجعل القارئ يتفهم أن لكل شخصية تشوهها الداخلي لكن المجتمع لا يشير إلا للتشوه الخارجي.

حسن عبدالموجود صحفي وقاص مصري