الاقتصادية

منتدى عُمان للمسؤولية الاجتماعية يوصي بإطار وطني موحد واستثمار اجتماعي قابل للقياس

 

تغطية - مي الغدانية / 'تصوير: هدى البحرية'

ناقشت اليوم أوراق العمل في أعمال النسخة الثانية من منتدى وجوائز عُمان للمسؤولية الاجتماعية للشركات أهمية الانتقال إلى الاستثمار الاجتماعي القابل للقياس، وتوحيد المفاهيم والمعايير، وتعزيز الإفصاح وقياس الأثر، إلى جانب الحاجة إلى إطار وطني منظم ينسق الجهود ويعالج التحديات المرتبطة بتعدد الجهات وتداخل الأدوار.
رعى المنتدى معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة، الذي تنظمه المتحدة لخدمة وسائل الإعلام بمشاركة واسعة من ممثلي الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وأكد سعيد بن مسعود المعشني نائب الرئيس التنفيذي للمتحدة لخدمة وسائل الإعلام، في كلمته خلال افتتاح أعمال المنتدى، أن النسخة الثانية من منتدى وجوائز عُمان للمسؤولية الاجتماعية للشركات تأتي في مرحلة وطنية دقيقة تتطلب من المؤسسات والقطاعات المختلفة إعادة تعريف أدوارها، والانتقال بالمسؤولية الاجتماعية من المبادرات الجزئية والجهود الموسمية إلى منظومة وطنية مؤسسية مستدامة تقوم على الشراكة والتكامل وقياس الأثر.
وأوضح أن المسؤولية الاجتماعية لم تعد مفهومًا تقليديًا يُختزل في التبرعات، بل أصبحت أداة استراتيجية لدعم السياسات الوطنية، وتعزيز جودة الحياة، وتمكين الإنسان، وبناء الثقة بين المؤسسات والمجتمع، مشددًا على أهمية الحوكمة، وتوحيد الجهود، وتعظيم العائد الاجتماعي والاقتصادي من الاستثمارات المجتمعية، بما ينسجم مع مستهدفات 'رؤية عُمان 2040'.
وأوضح مبارك بن خميس الحمداني مدير المكتب الوطني لاستشراف المستقبل بوزارة الاقتصاد، أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تشهد تحوّلًا جوهريًا على المستوى العالمي، لم تعد معه نشاطًا تكميليًا أو مبادرات طوعية، بل أصبحت جزءًا أصيلًا من منظومة الحوكمة المؤسسية وإدارة المخاطر وتعظيم القيمة الاقتصادية.
وأشار إلى أن التوجهات الدولية الحديثة تتجه نحو ربط المسؤولية الاجتماعية بالأداء المالي طويل الأمد، من خلال الانتقال إلى نماذج أكثر التزامًا تقوم على التشريعات والإفصاح وقياس الأثر، وربط الأداء الاجتماعي والبيئي بسلاسل القيمة والاستثمار.
واستعرضت ماجدة بنت شيخان المعمرية مديرة مركز الاستثمار المستدام ببورصة مسقط، مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من منظور اقتصادي وتنموي، مؤكدة أن المسؤولية الاجتماعية أداة استراتيجية داعمة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.
وأوضحت أن الاستثمار الاجتماعي يسهم في تعظيم الأثر الإيجابي للمشاريع، من خلال الانتقال من التبرعات العشوائية إلى مبادرات تنموية قابلة للقياس، تحقق عائدًا اجتماعيًا واقتصاديًا طويل المدى.
كما سلطت الضوء على أبرز التحديات التي تواجه منظومة المسؤولية الاجتماعية في سلطنة عُمان، وفي مقدمتها غياب سياسة وطنية موحدة، وتعدد الجهات الإشرافية، وتداخل المفاهيم بين المسؤولية الاجتماعية والاستثمار الاجتماعي، إلى جانب محدودية قياس الأثر المستدام. وأكدت المعمرية أهمية تعزيز الحوكمة والإفصاح، وتوحيد المفاهيم والمعايير، وتبنّي منهجيات واضحة لقياس الأثر، مشيرة إلى الدور المحوري لبورصة مسقط في تشجيع الشركات المدرجة على تبنّي ممارسات الاستدامة والإفصاح وفق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
فيما استعرض الدكتور وليد بن خالد الراجحي عميد عمادة التخطيط وإدارة الجودة بجامعة نزوى، تجربة الجامعة في ترسيخ منظومة متكاملة للمسؤولية الاجتماعية، مؤكدًا أن الجامعة انتقلت من تنفيذ مبادرات مجتمعية متفرقة إلى بناء هيكل مؤسسي مستدام يقوم على التخطيط الاستراتيجي، وتكامل الأدوار، وقياس الأثر.
ولفت الراجحي إلى أن الجامعة قدّمت، منذ تأسيسها، دعمًا ماليًا تجاوز 45 مليون ريال عُماني للطلبة، وأسهمت في تخريج آلاف الكفاءات الوطنية، مؤكدًا أن التعليم العالي يشكّل أحد المحركات الرئيسة لبناء مجتمع متماسك واقتصاد مستدام.
وفي ورقة عمله، استعرض حمود بن محمد الشيذاني رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، الدور المحوري الذي تضطلع به الجمعية في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، وتعزيز دمجهم في المجتمع، من خلال منظومة متكاملة من البرامج والمبادرات التي تشمل التأهيل، والتدريب، ونشر الوعي بلغة الإشارة، وتوفير المعينات السمعية والتقنيات المساندة.
وقدمت آمنة بنت إبراهيم الشيزاوية أخصائية التواصل المؤسسي بمؤسسة جسور، تجربة المؤسسة في بناء نموذج مؤسسي للمسؤولية الاجتماعية يقوم على الحوكمة والاستدامة، مؤكدة أن الانتقال من المبادرات الموسمية إلى برامج تنموية مستدامة يتطلب أطرًا واضحة للتنظيم والتخطيط وقياس الأثر.
وبينت أن مؤسسة جسور تعمل على تمكين المجتمعات المحلية، خاصة في محافظة شمال الباطنة، من خلال مبادرات نوعية في مجالات التعليم والصحة والبيئة والرياضة وريادة الأعمال، بما يسهم في تعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق أثر اجتماعي واقتصادي طويل الأمد.
كما قدّم المهندس أحمد بن محمد البلوشي رئيس قسم البناء والصيانة بجمعية دار العطاء، ورقة عمل استعرض خلالها جهود الجمعية في تحويل العمل الخيري إلى منظومة تنموية مؤسسية، ترتكز على الاستدامة وتمكين الفئات المستحقة وتعظيم الأثر الاجتماعي للمبادرات. وأشار إلى أن الجمعية تنفذ برامج متكاملة تشمل الإسكان والتعليم والدعم الاجتماعي والتمكين الاقتصادي، إلى جانب تبنّي أفضل الممارسات في الحوكمة والشفافية، بما يعزز ثقة الشركاء والداعمين ويجعل من العمل الخيري رافدًا أساسيًا للتنمية المجتمعية المستدامة.
وفي عرضها حول تجربة أكاديمية المرأة العُمانية، استعرضت بسمة الكيومية رئيسة قسم تطوير الأعمال بالأكاديمية، دور الأكاديمية في تمكين المرأة وبناء قدراتها المهنية والقيادية، مؤكدة أن الاستثمار في المرأة يشكّل أحد المحركات الرئيسة للتنمية المستدامة، ومشيرة إلى أن الأكاديمية تعمل على تطوير مهارات المرأة في مجالات متعددة وتعزيز مشاركتها الاقتصادية والمجتمعية من خلال برامج تدريبية وتطويرية متخصصة، تسهم في إعداد كوادر نسائية قادرة على الإسهام الفاعل في مختلف القطاعات.
وشهد المنتدى جلسة نقاشية موسعة بعنوان «المسؤولية الاجتماعية في سلطنة عُمان: من المبادرات إلى منظومة وطنية مستدامة»، ناقش خلالها المشاركون واقع المسؤولية الاجتماعية في سلطنة عُمان، والتحديات المرتبطة بتوحيد الجهود وتحويل المبادرات الفردية إلى برامج مؤسسية مستدامة.
وتناول النقاش أهمية الحوكمة وقياس الأثر وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى دور الشركات في تعظيم العائد الاجتماعي والاقتصادي لاستثماراتها المجتمعية.
وشارك في الجلسة نخبة من المسؤولين والخبراء من جهات حكومية وخاصة ومؤسسات مجتمع مدني، فيما ركزت المداخلات على ضرورة مواءمة برامج المسؤولية الاجتماعية مع أولويات التنمية الوطنية ومستهدفات 'رؤية عُمان 2040'، بما يسهم في بناء منظومة وطنية متكاملة ذات أثر مستدام.