ثقافة

"البيرق" لشريفة التوبية تفتح سردية التاريخ المغيّب في مسار الجائزة العالمية للرواية العربية

 

(عمان) سجّلت الرواية العمانية حضورا جديدا في مسار الجائزة العالمية للرواية العربية مع تأهل رواية 'البيرق' للكاتبة شريفة التوبية إلى القائمة الطويلة لدورة 2026، في محطة تعكس استمرار حضور السرد العُماني في واحدة من أبرز الجوائز الروائية العربية، وأعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية إدراج 'البيرق' ضمن قائمتها الطويلة، التي تضم مجموعة من الأعمال الروائية العربية الصادرة عن دور نشر عربية مختلفة، من بينها دار 'الآن ناشرون وموزعون'، وذلك بعد مرور الروايات على مراحل القراءة والتقييم من قبل لجنة التحكيم.
وتأتي 'البيرق' التي تحمل عنوانها الفرعي 'هبوب الريح' عملا روائيا يرصد التاريخ الاجتماعي السياسي في سلطنة عمان خلال الفترة من 1959 إلى 1970، وهي مرحلة ظل كثير من تفاصيلها خارج التدوين التاريخي المباشر، حيث تركز الرواية على أحداث حرب ظفار، وعلى حكاية 'الرفاق' الذين تأثروا بالأفكار الشيوعية والاشتراكية، وآمنوا بمبادئ رأوا فيها مخرجا لمجتمعاتهم في زمن كان العالم يموج بالثورات والتحولات الكبرى، وتتابع الرواية مسارات شخصيات خرجت من بيئة عاشت عزلة ثقافية واجتماعية إلى فضاءات أوسع، من بينها شخصية حمود الذي يبتعثه الإمام إلى مصر لإكمال دراسته، حيث يلتقي بأحمد وعبد السلام، ويتأثر بأفكارهما، لينتقل من المرجعية الدينية إلى تبني أفكار ماركس ولينين، إيمانا بإمكانية بناء مستقبل مختلف وأكثر عدلا.
كما تحضر في 'البيرق' شخصيات نسائية فاعلة، من بينها باسمة البحرينية، وشخصية طفول التي تتمرد على عادات المجتمع وقيود اللون والجنس والأصل، في سرد يمنح المرأة دورا محوريا في قراءة تلك المرحلة وتحولاتها، وتضع الرواية القارئ أمام لحظات حاسمة في مصير 'الرفاق'، حين يقفون أمام خيارهم الأخير مع التحول السياسي الذي شهدته البلاد، ويستمعون إلى السلطان الجديد، الذي كان في مثل أعمارهم عند تسلمه مقاليد الحكم، وهو يقول عبارته الشهيرة: 'عفا الله عمّا سلف'... ليتحوّل السؤال المصيري إلى المفاضلة بين وضع الأيدي في يد الدولة الجديدة، أو مواصلة الطريق الذي اختاروه حتى نهايته.
ويُعد وصول رواية 'البيرق' إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية تأكيدا جديدا على حضور الرواية العُمانية في المشهد الروائي العربي، وعلى قدرة السرد العُماني على الاشتغال على التاريخ والذاكرة من زوايا إنسانية وسردية متعددة.