تجربة حياة مدتها 365 يومًا ستنقضي!
الجمعة / 27 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 19:24 - الجمعة 19 ديسمبر 2025 19:24
من أجمل ما قاله الحكماء الفلاسفة 'الحياة حلم يوقظنا منه الموت.. وإن ما تحصل عليه من دون جهد أو ثمن ليس له قيمة.. وإذا لم تفشل فلن تعمل بجد.. وتأكد أن الإجابة الوحيدة على الهزيمه هي الانتصار..وما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح'.
الزمن يمضي بكل ما فيه من لحظات وفرص إما للفرح أو الحزن، فالحياة جميلة في عيون أشخاص يرون هذا الوجود جميلا، أما الذين يسرقهم الوقت وتنصهر مشاعرهم في فضاءات الانتظار فإنهم يرحلون قبل أن تعانق أرواحهم شيئا من أمنياتهم المتناثرة على أوراق الشجر، الوقت وحده القادر على رسم خارطة اتجاهات العبور نحو عالم جديد وأرواح أخرى يحملها الأمل لكنها لا تصل إلى ناصية الحلم فتسقط من حسابات الوقت كأوراق ذبلت قبل أوانها.
قارب عامنا الميلادي على الرحيل، وربما هي تجربة حياة عام كامل ستنقضي بكل ما فيها من وجع وفرح وأشياء أخرى سندفنها قريبا في تربة الإعوام الماضية، وهنا نصحنا الكاتب الرائع غابرييل غارسيا ماركيز قائلا:'لا تفكر في الغد، دع الوقت يمر وسنرى ما سيأتي به'.
إذن، هل نحتفل بنهاية عام من الحياة والغياب والشغف ؟
أتذكر ذات مرة قرأت قولا استوقفني طويلا للكاتبة أحلام مستغانمي عندما قالت:' أتمنى أن يعلمني أحد القسوة وانعدام الضمير حتى أتمكن من التكيف مع هذا الوقت بقية حياتي '، هل هذه أمنية أم حكم على مصير حياة أخرى تود أن تعيشها مستغانمي..لا أدري!
السنوات التي تمضي من أعمارنا تعلمنا دروسا قاسية، لكن مع ذلك نحن لا نتعلم كثيرا، ربما نحن طلاب بُلداء أو نتعمد أن نبدو كضوء ضعيف في زحام الأيام، تعلمنا أن 'لا عز يبقى أو مال يدخر، أو صحة مستدامة للأبد، كل شيء مآله إلى الزوال، فالطفل لا يبقى طفلا، والشاب لا يبقى شابا، كلهم يذهبون نحو مراحل متقدمة من الضعف والانكسار'.
عندما تستفيق من أحلامك سترى بأنك قد تقدمت كثيرًا في العمر، ستكون مجرد صورة لا تنطق بالكلمات الكثيرة مثلما كنت في زمن قد مضى، الآن أنت شخص آخر، تقلب الوجوه بين الصور، تدقق في ملامح من كانوا قبلك أو إلى جوارك... هنا عليك ألا تفزع من هذه الحقيقة ' المرعبة'، أو تغضب على من يذكرك بها، وتأكد بأن الدنيا عبارة عن ' سيرك كبير للمقامرة '، الفائز فيها خاسر، وأن رحيلك منها وعنها مؤجل لوقت معلوم.
ونحن في هذه الأيام سنودع عاما عشنا فيه 365 يوما، شهدنا فيه كل التفاصيل الجميلة واللحظات الحزينة، وستكون أياما شاهدة على أعمالنا، ومع ذلك فإننا قريبا سنستقبل عاما مقبلا جديدا، ولذا علينا أن نحاسب أنفسنا دوما، فمن كان مفرطا في شيء من الواجبات تجاه نفسه أو غيره، فعليه أن يتوب ويتدارك ما فات، وإن كان ظالِمًا لنفسه بارتكاب ما نهى الله ورسوله عنه، فعليه أن يقلع قبل حلول الأجل، ومَنْ منّ الله عليه بالاستقامة فليحمد الله على ذلك، وليسأله الثبات إلى الممات؛ فقد ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزيَّنوا للعرض الأكبر'، مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز 'يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ '.. ومع كل ذلك ' المصير المنتظر'..نحن نبحر بعيدا عن المثاليات والواجبات وننقصر في أداء الواجبات والحقوق.