الشرع يحضّ السوريين على الوحدة لبناء دولة قوية
الاثنين / 16 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 19:23 - الاثنين 8 ديسمبر 2025 19:23
دمشق'أ ف ب': حضّ الرئيس أحمد الشرع اليوم السوريين على توحيد جهودهم من أجل بناء 'سوريا قوية' وترسيخ استقرارها، بينما نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع في المدن الكبرى بينها دمشق احتفالا بمرور عام على العهد الجديد وانتهاء حكم بشار الاسد.
ففي الثامن من ديسمبر، وصلت فصائل بقيادة الشرع إلى دمشق، بعد هجوم مباغت انطلق من معقلها آنذاك في شمال غرب البلاد، ونجح خلال أيام بالإطاحة بالأسد الذي حكمت عائلته البلاد لأكثر من خمسة عقود.
وبعيد أدائه صلاة الفجر في الجامع الأموي في دمشق، قال الشرع 'المرحلة الراهنة تتطلب توحيد جهود أبناء الوطن كافة، لبناء سوريا قوية، وترسيخ استقرارها، وصون سيادتها، وتحقيق مستقبل يليق بتضحيات شعبها'.
وشدد الشرع الذي ظهر ببزة عسكرية خضراء اللون ارتدى مثيلها عند وصوله دمشق قبل عام، على أن 'صون هذا النصر والبناء عليه يشكل اليوم الواجب الأكبر الملقى على عاتق السوريين جميعا'.
وأفاد مراسلون عن تدفّق الآلاف منذ ساعات الصباح الى الساحات الرئيسية في دمشق رافعين الأعلام السورية، وسط انتشار أمني كثيف. وعلا فجرا التكبير من مآذن دمشق القديمة.
وقال جراح العيون إياد برغل (44 سنة) بينما كان يصور بهاتفه شبانا يرفعون العلم السوري قرب المصرف المركزي 'ما جرى خلال سنة يشبه المعجزة' معددا رفع العقوبات التي أرهقت سوريا خلال سنوات الحرب والاستقبال الحافل الذي حظي به الشرع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي.
وسأل 'من كان ليتخيل ذلك كله قبل عام؟'.
لكنه على غرار سوريين كثر، ينتظر اليوم من السلطات الانتقالية توفير 'الكهرباء وخفض الأسعار وزيادة الرواتب، ويبقى الاهم بالنسبة اليه (ترسيخ) السلم الأهلي' الذي عكّرته خلال الأشهر الماضية أعمال عنف على خلفية طائفية وانتهاكات .
وتحيي السلطات الانتقالية ذكرى وصولها الى دمشق بسلسلة احتفالات، بينها عرض عسكري جاب شوارع رئيسية، حضره الشرع مع عدد من وزرائه، وسارت فيه افواج عسكريين مدججين بجعبهم وأسلحتهم. وتقدّم آخرون على متن آليات ودراجات نارية.
وعمّت الاحتفالات والعروض العسكرية مدنا رئيسية أخرى في سوريا، لا سيما حلب (شمال) وحمص وحماة وإدلب، بحسب الإعلام الرسمي.ويوجّه الشرع لاحقا كلمة الى السوريين.
- 'انتقال هش' -
ونجح الشرع، في كسر عزلة سوريا الدولية ورفع عقوبات اقتصادية خانقة عنها وشطب اسمه عن قوائم الارهاب الأمريكية وفي مجلس الأمن. ووقعت بلاده مذكرات وعقود استثمار بمليارات الدولارات من أجل ترميم البنى التحتية المتردية بسبب الحرب، وإتاحة عودة الملايين من اللاجئين.
ورغم عودة أكثر من 1,2 مليون لاجئ سوري الى بلدهم، لا يزال نحو 4,5 مليون آخرين في الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة.
وأمل غيث طربين (50 عاما)، وهو عامل في المجال الانساني في دمشق، أن 'تصب اهتمامها على المسائل الداخليةوأن تعطي أولوية لموضوع السلم الأهلي'.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان ليل أمس الأحد إن 'ما ينتظر سوريا يتجاوز بكثير مجرد انتقال سياسي، فهو فرصة لإعادة بناء المجتمعات المدمرة، ومداواة الانقسامات العميقة، ولبناء وطن يستطيع فيه كل سوري، بصرف النظر عن العرق، أو الدين، أو الجنس، أو الانتماء السياسي- أن يعيش بأمن ومساواة وكرامة'.
وشددت منظمة العفو الدولية في بيان اليوم على 'الضرورة الملحة' لأن تلتزم السلطات 'تحقيق العدالة والحقيقة.. مع ضمان حقوق الإنسان للجميع'.
واعتبرت أن 'ردّ الحكومة الجديدة على الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت منذ توليها السلطة، بما في ذلك عمليات القتل الطائفية في مناطق الساحل وجنوب سوريا، سيعتبر اختبارا حقيقيا لالتزامها بملاحقة العدالة والمساءلة'.
وعمّقت أعمال عنف تورطت فيها قوات الجيش والأمن الجديدة، وأودت بحياة أكثر من 1700 في الساحل في مارس، وأكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنيا في محافظة السويداء في يوليو، الانقسامات والمخاوف في المجتمع السوري، الذي أنهكته سنوات الحرب الطويلة موقعة أكثر من نصف مليون قتيل.
واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها اليوم أن السلطات اتخذت 'خطوات إيجابية باتجاه العدالة والشفافية والحقوق، لكنها أخفقت في منع استمرار العنف والانتهاكات'.
- 'حوار جامع' -
وتُعدّ العدالة الانتقالية أحد أثقل ملفات مرحلة ما بعد الأسد، مع بقاء مصير عشرات آلاف المفقودين مجهولا. وتتصاعد انتقادات لإدارة الشرع بسبب التفلت الأمني وتنامي نفوذ فصائل مسلحة منضوية تحت سلطته، إلى جانب اتهامات بتهميش مكوّنات عرقية ودينية.
ورغم اتخاذه خطوات عدة لترسيخ حكمه، يواجه الشرع تحديا رئيسيا في الحفاظ على وحدة سوريا، مع ارتفاع أصوات في الجنوب وأخرى في الساحل الذي شهد مؤخرا تظاهرات غير مسبوقة احتجاجا على الوضع الأمني والمعيشي.
وتشكّل إسرائيل التي ترغب بدورها بتكريس منطقة خالية من السلاح تصل تخوم دمشق، وتتوغل قواتها بشكل يومي في عمق سوريا، تحدّيا آخر لسلطة الشرع.
وخاض الطرفان السوري والإسرائيلي جولات تفاوض مباشر على مستوى وزاري، لكن ذلك لم يوقف هجمات اسرائيل.