زاوية «360»ْ..
الجمعة / 6 / جمادى الآخرة / 1447 هـ - 19:42 - الجمعة 28 نوفمبر 2025 19:42
أو أن تكون الغاية التي يود الوصول إليها؟ هنا يقينا؛ لا تحضر زاوية الـ(360)ْ بتجريديتها الحسابية التي تحتضنها الذاكرة كعمليات حسابية معقدة، ولكنها تحضر كمفهوم الإحاطة الشاملة للزوايا الأربع التي تقوم عليها حياة الناس «شمالا وجنوبا؛ شرقا وغربا» ومحاولة الإنسان الفرد أو المجموع على تحقيق هذه الإحاطة والشمولية بكل ما يدور حوله من أحداث، وتفاعلات،
وما يسفر عن ذلك من قرارات ومواقف، وقناعات، والسؤال الأهم: هل هناك ضرورة لأن يحيط الإنسان بمعرفة كل ما حوله؟ هل هو محتاج بالفعل إلى ذلك؟ أم أنه يكفيه معرفة ما هو مسؤول عنه؛ وما هو واجب القيام به؟ وأن المسافة الفاصلة بين الحق والواجب تكفيه لأن يشغل نفسه بها، ولا يشتت جهده فلا «طال بلح الشام ولا عنب اليمن» كما هو المثل.
ومن هنا أيضا لا يمكن بأي حال من الأحوال النظر بدونية إلى أية مسؤولية مسندة إلى فرد ما من أفراد المجتمع، مهما تضاءل الدور الذي يقوم به، ومهما صغرت المسؤولية الملقاة على عاتقه، فكما أن الطبيب عليه مسؤولية كبرى فما بين يديه أرواح بشر، فكذلك مسؤولية عامل النظافة مسؤولية المحافظة على صحة هؤلاء البشر، وكما أننا محتاجون إلى رجل الأمن في كل مناخات أدوراه، فكذلك محتاجون إلى المزارع والتاجر، وصاحب الوظيفة العامة، فهذه دائرة مكتملة الحلقات، وإذا اختلت أية حلقة من حلقاتها أثر ذلك على بقية أدوار الحلقات، وبالتالي فزاوية الـ(360)ْ تكتمل بتكامل الأدوار، وتظهر أهميتها بوجود كل فرد في المجتمع يؤدي ما عليه من واجبات،
ويحصل على ما له من حقوق، فلا واجبات مطلقة؛ دون حقوق مطلقة، وحرص الإنسان على البحث عن كل صغيرة وكبيرة تعنيه أو لا تعنيه هو نوع من الإفراط في الواجب، وتفريط في المسؤولية.
والحصول على المزيد، بمعنى أن الشمولية التي تشير إليها الـ(360)ْ حاضرة بقوة في الذاكرة الفردية على وجه الخصوص، وليس يسيرا بالمطلق الوصول إلى قناعة بقبول أمر محدود، أو قبول أمر من زاوية واحدة فقط، هل يعذر الإنسان لمحدودية معرفته، ويسمح له بأن يمارس طفوليته كيفما كانت، وعلى الوجه الذي يرضيه؟