المحافظات

هل تنجح المنصات الموحدة في إحداث نقلة نوعية في الخدمات البلدية الرقمية؟

 

تشهد سلطنة عمان تقدما ملحوظا على صعيد البنية الأساسية الرقمية في ظل تضافر الجهود الوطنية والالتزام المؤسساتي بتطبيق استراتيجيات فعّالة لرقمنة الخدمات، وتبني خطط واضحة نحو تمكين الكفاءات الوطنية وتدريبها للتعامل مع متطلبات برنامج التحول الرقمي الحكومي الوطني 'تحول'، ما يعكس نجاحا متناميا في رفع كفاءة وجودة الخدمات الحكومية، بما في ذلك التوجه نحو رقمنة الخدمات البلدية في مختلف المحافظات، والسعي نحو تحقيق نقلة نوعية في تجربة المستخدمين والعمل على مشاريع موحدة على مستوى وطني لتقديم تجربة رقمية متقدمة ومتكاملة في جميع المحافظات.
وفي حوار مع أحمد بن سالم التوبي- مدير عام الشؤون الإدارية والمالية ورئيس فريق التحول الرقمي بمحافظة الداخلية، تطرق إلى واقع الخدمات البلدية المرقمنة والتوقعات المجتمعية بشأنها، بالإضافة إلى دور التكنولوجيا في رفع كفاءة الخدمات ومدى رضا المستفيدين عنها، والتحديات التي لا تزال قائمة في تطبيق خطط التحول الرقمي، بالإضافة إلى خطط التوسع في المشاريع الرقمية للخدمات البلدية.
الواقع الحالي
وعن واقع الخدمات البلدية المرقمنة وجودتها قال أحمد بن سالم التوبي- مدير عام الشؤون الإدارية والمالية ورئيس فريق التحول الرقمي بمحافظة الداخلية: 'سعت محافظة الداخلية ممثلة في فريق التحول الرقمي إلى رقمنة الخدمات البلدية التي تمس المواطن بشكل مباشر، ومن أبرز هذه الخدمات خدمات إصدار وتجديد التراخيص البلدية، بما في ذلك التراخيص التجارية والإنشائية وخدمات الشؤون الصحية والرقابة الصحية للمحلات، بالإضافة إلى تصاريح إشغال الطرق والإعلانات، كما قمنا بإتاحة قنوات رقمية لاستقبال البلاغات والشكاوى ومتابعتها، إضافة إلى خدمات دفع الرسوم الحكومية إلكترونيا، وهو ما أسهم في توفير الوقت والجهد للمواطنين وتعزيز سهولة الوصول للخدمة'.
وأضاف التوبي حول نظام تقييم جودة الخدمات الرقمية: 'يتاح للمستفيدين آليات تقييم مباشرة بعد استلام الخدمة عبر المنصات الرقمية مثل منصة 'إنجاز' ومنصة 'تجاوب' التي تسمح بتقييم ومتابعة الطلب وإعادة فتحه إن لزم، كما يتم اعتماد بيانات واستبانة منظومة 'إجادة' لقياس الأداء المؤسسي لقياس رضا المستفيدين من الخدمات الحكومية. بجانب ذلك يتم استقبال الملاحظات عبر الاتصالات الهاتفية وقنوات التواصل المباشر، ويتم استخدام جميع هذه المخرجات لتحسين الأداء وتقديم الخدمة بشكل أفضل'.
التوقعات المجتمعية
وبخصوص التوقعات المجتمعية من التحول الرقمي للخدمات البلدية، يوضح أحمد التوبي: 'إن ما يتطلع له المواطنون من الخدمات البلدية الرقمية هو ببساطة سهولة وسرعة إنجاز المعاملات، وتقليل الحاجة إلى الزيارات الميدانية والشفافية في متابعة حالة الطلب، بالإضافة إلى توفير خيارات الدفع الإلكتروني الآمنة، كما يتطلع المواطنون أيضا إلى تقليص زمن إنجاز المعاملات وتقليل متطلبات المستندات الورقية والدورية المستندية من خلال تحسين تجربة المستخدم عبر الجوال والحاسوب'.
وحول وجود فجوة بين الوعود التي يقدمونها والتجربة الفعلية للمستخدمين، يؤكد التوبي حرصهم على متابعة هذه الخدمات بالقول: 'نقيس ذلك بشكل منتظم عبر استبيانات رضا المستفيدين وقنوات التغذية الراجعة، وهدفنا ألا تكون هناك فجوة جوهرية، وإن ظهرت أي فجوة فيما نقدمه وما يتوقعه المستفيدون؛ فإن نظام القياس والمتابعة مثل التقارير و'تجاوب' و'إجادة' يساعدنا على تحديدها وسرعة معالجتها'.
دور التكنولوجيا في رفع كفاءة الخدمات
وبالحديث عن التقنيات الحديثة ودورها في تحسين الخدمات البلدية يوضح التوبي: 'حسّنت التقنيات الحديثة مثل أتمتة الإجراءات ونظم إدارة الطلبات ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) بالإضافة إلى منصات الدفع الإلكتروني من سرعة إنجاز المعاملات، كما خفضت من الأخطاء البشرية ووفّرت إمكانية متابعة الطلبات إلكترونيا وهو ما رفع من كفاءة الأداء وسهولة الوصول للخدمات'. وأشار إلى الاستفادة من البيانات المفتوحة في التخطيط لتجربة رقمية نوعية للمستفيدين بالقول: ' تقودنا البيانات المفتوحة والتحليلات إلى قرارات أفضل، حيث تساعدنا في تخطيط شبكات الخدمات وتوقع احتياجات الصيانة وتصميم واجهات مستخدم مبنية على سلوك المستفيد، حيث نعمل من خلالها على تحسين حوكمة البيانات وربطها بلوحات قياس أداء لتقديم خدمات أكثر استباقية'.
رضا المستفيدين
وحول مدى رضا المواطن من الخدمات الرقمية، يوضح أحمد التوبي: 'إن الاستجابة السريعة لملاحظات المواطنين وأخذ اقتراحاتهم بعين الاعتبار وتقديم واجهة استخدام بسيطة وواضحة لهم، بالإضافة إلى تقديم ضمانات حول حماية البيانات والشفافية في الإجراءات، وإمكانية متابعة الطلب وإعادة فتحه عند الحاجة من أهم العوامل التي تعزز من ثقة المواطن فيما نقدمه من خدمات، وبشكل عام هناك توجه واضح حيث إن المواطن يقدّر السرعة والسهولة التي توفرها الخدمات الرقمية، ولذلك مستوى الرضا يميل للارتفاع طالما استمر التحسين في وقت الاستجابة وتجربة المستخدم'.
التحديات المؤسسية
وعن التحديات والعقبات التي يواجهونها، يقول أحمد التوبي: 'بخلاف الربط بين الجهات، هناك تفاوت في مهارات وكفاءات الموظفين الرقمية، بالإضافة إلى قيود في الميزانيات لبعض البلديات لتحديث البنية، والحاجة لتبسيط الإجراءات الإدارية داخل الجهات لجعلها قابلة للرقمنة'.
ويضيف: 'تم اتخاذ خطوات كبيرة لمعالجة التحديات التقنية منها ما يتعلق بالربط والتكامل الفعّال بين النظم في الجهات المختلفة خصوصا للخدمات التي تتطلب موافقات متعددة، كما يوجد تفاوت في جاهزية البنية الأساسية لدى بعض الجهات ويتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هندستها لتكون رقمية بالكامل والعمل جار على تقييم الفجوات وتحسين البنية بهدف سد الثغرات إن وجدت'.
كما أوضح التوبي، أن التطوير المستمر للموظفين يؤثر بشكل كبير على نجاح التجربة الرقمية، حيث يقلب تمكينهم بالأدوات الرقمية التحول الرقمي من تكنولوجيا فقط إلى ثقافة عمل جديدة. فكلما زادت مهارات الموظفين ورغبتهم في التغيير زادت فرص نجاح المشروع، بالمقابل إن قبول المواطنين واستخدامهم للخدمات الرقمية يعزز الاستثمار في هذه الخدمات ويحفّز تحسينها بشكل مستمر.
الخطط المستقبلية
وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية، يقول أحمد بن سالم التوبي: 'يجري العمل على مشروع النظام البلدي الموحد، وهو مشروع استراتيجي يهدف إلى توحيد جميع الخدمات البلدية في منصة رقمية واحدة، حيث سيضمن هذا النظام تكامل البيانات والإجراءات بين البلديات والجهات الحكومية الأخرى، وسيوفر تجربة متجانسة وسهلة للمستفيدين'.
ويضيف أيضا: 'إن هذا المشروع سيدعم التخطيط الحضري عبر ربطه بنظم المعلومات الجغرافية، وسيتيح متابعة الأداء ورضا المستفيدين من خلال لوحات قياس مركزية، بما يتواءم وينسجم مع توجهات 'رؤية عُمان 2040' لبناء مدن ذكية وتطوير جاهزية الخدمات الإلكترونية، وهو ما يسهم في سد الفجوة بين توقعات المواطنين والواقع الحالي للخدمات الرقمية'.
واختتم حديثه، أن دور محافظة الداخلية في هذا المشروع يُعد دورًا تكامليًا يشمل إعداد متطلبات المحافظة وتهيئة البنية الأساسية وتوفير البيانات وتدريب الكوادر، وإدارة التغيير، وصولًا إلى تطبيق موحّد وفعّال يخدم المواطن ويُسهّل الإجراءات الداخلية.