بيئة تنافسية حقيقية بمشاركة نخبة البحّارة في بطولة آسيا وأوقيانوسيا للأوبتمست
غدا .. إسدال الستار وتتويج الأبطال
الخميس / 7 / جمادى الأولى / 1447 هـ - 12:42 - الخميس 30 أكتوبر 2025 12:42
كتب – عامر الأنصاري
عندما تقام المحافل الدولية أيا كانت وفي أي بلد، فذلك يعني أن هناك جهودًا كبيرة قد بذلت من أجل استضافتها، جهود تتعدى فكرة الاستضافة نفسها إلى أبعد من ذلك، بداية من فكرة الاستضافة إلى مخاطبة الوفود وتنسيق سفرهم واستقبالهم ونقلهم وغير ذلك من أمور إدارية وتنظيمية لا بد وأن يصاحبها من الجهد الكبير والتعب المرير أحيانا، إلا أن ذلك يهون حينما ترى المؤسسة المستضيفة وموظفيها أن المحفل قد نجح، من خلال مقاييس كثيرة من بينها رضا الضيوف وسير مجريات المحفل كما هو مخطط والخروج بالنتائج المرجوة.
في هذه المساحة، نسلط الضوء على واحدة من تلك المحافل، وهو 'بطولة آسيا وأوقيانوسيا للأوبتمست 2025' والتي تختتم غدًا في ولاية المصنعة، لتطوى صفحة غنية بالتجارب والذكريات سطرها المنظمون في مؤسسة عمان للإبحار، واللجنة العمانية للرياضات البحرية والاتحاد الدولي لقوارب الأوبتمست، والوفود المشاركة من 25 دولة من دول آسيا و وأوقيونوسيا ودول أخرى، بواقع 162 بحارا وبحارة من الفئة العمرية من 8 إلى 15 سنة، حيث تخصص القوارب الشراعية 'أوبتمست' لهذه الفئة العمرية.
وكما بدأت البطولة بحفل الافتتاح يوم الأحد 26 أكتوبر بالأنغام العمانية الأصيلة وحضور الموروث العماني، تم الأيام سِراعًا ليقام اليوم الجمعة حفل الختام وتتويج أبطال الشراع الناشئين من الفائزين بالمراكز الأولى، وكذلك تتويج الفريق الفائز الذي يمثل بلده، لنستذكر أيام البطولة التي أقيمت في مدرسة المصنعة للإبحار الشراعي بمنتجع بارسيلو المصنعة، البطولة التي بدأت بسباقات لتحديد المجموعات وفق مهارات المتسابقين، ليقسموا بعد ذلك إلى مجموعة ذهبية، ومجموعة فضية، وأخيرة برونزية، وما تلك البطولة إلا مرحلة من مراحل التجارب في رياضة الإبحار الشراعي بالنسبة للناشئين ومدربيهم، الذين تحدثوا لـ 'عمان' بمحبة عن تلك التجربة وانطباعهم الشخصي عنها.
وقد جاءت آراء المدربين والمشاركين لتؤكد قيمة هذه البطولة كمحطة أساسية لاكتساب الخبرة ورفع مستويات الأداء لدى البحّارة الناشئين، حيث أشار العديد منهم إلى قوة المنافسات وارتفاع مستوى الفرق المشاركة، خصوصًا مع وجود نخبة من أفضل المواهب في القارتين، كما شددوا على أهمية الاستعدادات المكثفة التي سبقت الحدث، سواء عبر المعسكرات التدريبية أو المشاركات التمهيدية التي ساعدت على تطوير المهارات وتعزيز الروح التنافسية.
ولم تُخفِ الوفود المشاركة إعجابها بالتنظيم الاحترافي والبيئة المثالية للإبحار في المصنعة، الأمر الذي منحهم فرصًا حقيقية لتجربة ظروف متغيرة في البحر، تسهم في صقل قدراتهم التكتيكية، كذلك عبّر عدد من البحّارة عن سعادتهم بالتواجد في سلطنة عُمان للمرة الأولى، مشيدين بحفاوة الاستقبال، وبالفرصة التي أتاحتها لهم البطولة للتعارف وتكوين صداقات جديدة. وتتفق آراء الجميع على أن هذه المشاركة تعتبر تجربة تعليمية غنية تسهم في بناء جيل قادر على رفع راية بلده مستقبلاً في البطولات القارية والعالمية، وتمثل خطوة مهمة على طريق تطوير رياضة الإبحار الشراعي في المنطقة.
استعداد جيد
يقف وراء خوض البحارة الناشئين التحدي البحري عبر قوارب الأوبتمست مدربين أكفاء، أَمْلوا على طلابهم من المتسابقين كل خبراتهم وجل تجاربهم، ليبدأوا بإعداد أنفسهم نفسيا، وبناء أجسادهم بالرياضات البدنية لكسب اللياقة اللازمة، مرورا بتجهيز القوارب وضبط الأشرعة إيذانا بخوض عباب البحر.
يشاركنا الحديث سلطان بن عبدالعزيز الزدجالي، مدرب الفريق الوطني للأوبتمست ومساعد كبير المدربين في عُمان للإبحار بقوله: 'نخوض البطولة هذا العام بمجموعة واعدة من البحّارة الذين استعدوا جيدًا خلال المعسكرات التدريبية المكثفة، كان الجميع على أهبة الاستعداد، ملتزمين بما أوجهه من تعليمات، مبدين روح التعاون والفريق الواحد، وهذا ما يمنحني شعور مبدئي بقدرة أبطال عمان على العطاء في هذه المسابقة، وأن يكونوا ندا لأقرانهم من الدول الأخرى'.
وتابع المدرب سلطان الزدجالي حديثه بقوله: 'نهدف إلى تقديم مستويات مشرفة تعكس تطور رياضة الإبحار في سلطنة عُمان، وسنركز على تعزيز الأداء والثقة لدى الفريق في مواجهة أفضل البحّارة من القارتين'. واختتم الزدجالي: 'سيكون حفل الختام اليوم الجمعة شاهد على عطاء أبنائنا، أبناء البحر'.
معسكر ناجح
في وقفة مع مدرب الفريق السعودي، البحار ريان الجميلي تحدث البطولة، كونها فرصة لاكتساب الخبرة، حيث قوة التنافس وحضور الخبرات الدولية من 25 دولة، وعبّر ريان الجميلي، مدرب الفريق السعودي عن تطلعاته قائلاً: 'تعد هذه البطولة تجربة فريدة لاكتساب الخبرة والاحتكاك بمنافسين من مستويات عالية، نتوقع سباقات قوية وممتعة، ونحن سعداء بحضورنا في سلطنة عُمان التي أثبتت قدرتها التنظيمية المتميزة في البطولات البحرية، ونطمح إلى الوصول إلى المجموعة الذهبية وتحقيق ميدالية باسم المنتخب السعودي'.
وأضاف الجميلي: 'بدأنا التحضيرات لهذه البطولة منذ فترة طويلة لكي نستعد جيدا ويكون مركزا على التمارين النفسية والجسدية والتهيئة البدنية، وكانت آخر مشاركاتنا هنا في سلطنة عمان، حيث تمثلت الاستعدادية في مشاركتنا ضمن فعاليات أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي، الذي يُعد محطة مهمة وناجحة في برنامج إعداد الفريق، و يعد بطولة مصغرة تسبق هذه البطولة القارية المهمة في مسيرة الجميع، مدربين كنا أو بحارة متسابقين، كما أن أسبوع المصنعة يشهد تطورا مستمرا عاما بعد عام، وأصبح اليوم ضمن البطولات التي تحرص الفرق على إدراجها في أجندتها الدولية لما يتميز به من مستوى تنظيمي وبيئة تنافسية مثالية'.
بيئة تنافسية
مدرب الفريق الكويتي إيهاب الشعبني، في وحديثه معنا أكد على أهمية المشاركة في بطولة آسيا وأوقيانوسيا للأوبتمست 2025 التي تستضيفها المصنعة، وقد أشار في سياق حديثه أن مشاركة الفريق الكويتي تمثل بالنسبة لهم حضورا في منصة مثالية لتطوير مهارات الناشئين وصقل خبراتهم،
قائلاً: 'تُعد بطولة آسيا وأوقيانوسيا من أبرز البطولات القارية في فئة قوارب الأوبتمست، فهي تجمع نخبة البحّارة من آسيا وأوقيانوسيا وتوفر بيئة تنافسية حقيقية لاختبار القدرات وتنمية روح الفريق والانضباط لدى البحّارة الصغار. لقد كانت استعداداتنا قوية ومكثفة، شملت تدريبات يومية صباحية ومسائية ومعسكرات خارجية، إلى جانب مشاركتنا المميزة في أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي، الذي منحنا فرصة ثمينة للاحتكاك ببحّارة من مختلف دول العالم والتعرف على ظروف الإبحار في سلطنة عُمان قبل انطلاق البطولة'. وأضاف الشعبني: 'نأمل في تحقيق نتائج إيجابية خلال منافسات البطولة، ونشيد بالتنظيم الرائع الذي يعكس خبرة سلطنة عُمان في استضافة الفعاليات البحرية، رسالتي لبحّارتنا هي أن يقدموا أفضل ما لديهم في السباقات، وأن يستفيدوا من هذه التجربة في تعزيز مهاراتهم واكتساب المزيد من الخبرة والروح الرياضية'.
مشاركة تعزز خبرة البحّارة
أبدى خليفة بن خالد اليافعي من الفريق القطري سعادته الكبيرة بالمشاركة في بطولة آسيا وأوقيانوسيا للأوبتمست المقامة في ولاية المصنعة، مؤكداً بقوله: 'إن هذه المشاركة تمثل محطة مهمة في مسيرة كل بحّار ناشئ يسعى إلى تطوير مهاراته والاحتكاك بأفضل الممارسات في رياضة الإبحار الشراعي، فالأجواء المصاحبة للبطولة، من حيث التنظيم والاستعدادات، تصنع بيئة محفزة للتعلم واكتساب الخبرات والصداقات مع الآخر، وطالما امتلكت سلطنة عمان خبرة واسعة في استضافة مثل هذه الفعاليات البحرية، وهو ما انعكس إيجاباً على راحة وتجهيزات الفرق المشاركة داخل وخارج الماء'.
وتابع اليافعي قائلا: 'شهدت السباقات بعض التغيرات في اتجاه الرياح، إلا أن الفريق القطري تعامل معها بثقة وهدوء، واستطاع تقديم أداء متوازن ونتائج مشجعة، تعزز من الروح المعنوية للاستمرار بقوة في بقية منافسات البطولة'. وأضاف أن الهدف الأساسي للفريق هو تحسين الأداء من سباق إلى آخر، مستفيدين من هذه التجربة التي تمنحهم دروسًا مهمة في التخطيط والتكتيك وتعزيز الانضباط الذهني خلال السباقات. وأنهى اليافعي حديثه بقوله: 'مثل هذه البطولات تُعد منصة جوهرية لرفع مستوى البحّارة الناشئين في المنطقة، وتطوير مواهب جديدة قادرة على تمثيل المنتخبات الخليجية والعربية في البطولات القارية والعالمية مستقبلًا'.
إشادة بالتنظيم
البحارة الأجانب سجلوا انطباعاتهم عن المشاركة في البطولة، مبدين إعجابهم بالتنظيم الرائع للبطولة، ومستوى التنافس الدافع إلى اكتساب الخبرات، بداية قالت إيميرالد جاكوبسن من فريق أستراليا: 'استعددتُ جيدًا لهذه البطولة من خلال عدة معسكرات تدريبية مع فريقي لضمان جاهزيتنا الكاملة وتحقيق انطلاقة قوية، خضنا سباقًا واحدًا يوم أمس وسط رياح خفيفة ومياه متقطعة جعلت الإبحار أكثر تحديًا، لكن هدفنا هو تقديم أفضل أداء ممكن والاستفادة من خبرتنا المتنامية هنا في سلطنة عُمان، التنظيم رائع، والموقع مميز، ورغم حرارة الطقس، إلا أن التجربة كانت رائعة حتى الآن'.
من جانبه قال برناردو من فريق البرازيل: 'من الرائع أن نكون هنا في سلطنة عُمان، فالأجواء والتنظيم وظروف الإبحار ممتازة للغاية، واجهنا بعض السباقات الصعبة بسبب تغيّر اتجاه الرياح، لكنها كانت تجربة تعليمية رائعة لي وللفريق، هدفنا في هذه البطولة هو الحفاظ على الأداء المتّزن، والتطور في كل سباق، واكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرة أثناء المنافسة مع نخبة البحّارة الشباب في المنطقة، نحن نستمتع كثيراً بوقتنا هنا ونقدّر حفاوة الاستقبال من الجميع'.
وأخيرا شاركتنا الحديث كيتلين فلين من فريق الولايات المتحدة الأمريكية، إذ قالت: 'إن لقاء البحّارة من مختلف دول العالم تجربة رائعة للغاية، فمن الرائع التعرّف على الآخرين وتكوين صداقات جديدة، مستوى المنافسة هنا مذهل وصعب جداً، وأنا ممتنّة للغاية لحصولي على فرصة التنافس مع هذا العدد من البحّارة الموهوبين، من أبرز التحديات التي واجهتها كانت الحفاظ على التركيز عند خط الانطلاق والتأكد من عدم تجاوز البداية قبل الوقت المحدد، لقد علّمتني هذه الرياضة أن النجاح لا يأتي بسهولة، وأن عليك العمل بجد من أجل تحقيق كل ما تطمح إليه، فليس هناك استحقاق دون جهد'. وعن زيارتها قالت: 'هذه زيارتي الأولى لسلطنة عُمان، وقد أحببتها كثيراً، فالناس هنا في غاية اللطف والترحاب، وبكل تأكيد أتطلع للعودة مجدداً'.