أفكار وآراء

قرصنة أسطول الصمود

تساؤلات

وامتدت الأيدي بجرأة فجة كعادة العدو، لتختطف سفنا مدنية من عرض البحر، مصادرةً بذلك النوايا الإنسانية الحسنة التي أبحرت تجاه غزة المنكوبة ناصرة لها من هيمنة الجوع والمرض، محمّلة ببعض زاد وأدوية لمن أسقطتهم العدالة من القانون الدولي، وتسقطهم مرة أخرى أمام جرأة طغيان العدو.
ما حدث مؤخرا لأسطول الصمود وكل من على متنه، يعد خرقا صارخا لقانون المياه الدولية الذي ينص على أنه لا يجوز لأي دولة أن تعترض سفينة لا تَرتكب قرصنة، ولا تشكل تهديدا عسكريا معترفا به قانونا، دون مبرر قانوني واضح. حيث إن السفن بحسب القانون الدولي، تتمتع بحق حرية الملاحة في المياه الدولية التي تقع خارج نطاق 200 ميل بحري من أي دولة، وبذلك تعد هذه المياه مُلكا مشتركا للبشرية ولا تخضع لسيادة دولة منفردة. من هنا، يتضح لنا أن هذا التصرف من طرف الكيان المحتل تجاه أسطول الصمود انتهاك همجي لاتفاقية الأمم المتحدة في قانون البحار، وتجاوز بغيض على حرية الملاحة التي تتعدد أغراضها مثل السياحة، أو التجارة، أو نقل مساعدات إنسانية، أو غيرها. وبذلك، اعتراض هذه السفن في المياه الدولية يصنف على أنه عمل غير قانوني أشبه بالقرصنة وانتهاك حرية الملاحة، يُدان فاعلها من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
اختطاف سفن تحمل مواد إغاثة أو مساعدات إنسانية هو اعتداء على نص القانون. وما نراه اليوم كان تمردا فاضحا على مبدأ قانوني وضع للاعتماد في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار في مونتيغو باي بجامايكا في العاشر من ديسمبر سنة 1982م والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ: 16 نوفمبر 1994، وفقا للمادة 308 بحسب الموقع الرسمي لمعاهدات الأمم المتحدة. نحن بحاجة اليوم إلى خطاب دولي حقوقي، يعيد التوازن لمشاهد انتهاكات الكيان الغاصب. ويدعو بحزم إلى احترام الأعراف الدولية. ويعيد ثقة الشعوب للمنظمات الحقوقية. فقد توالت الجرائم بلا مبرر.
كان أسطول الصمود محاولة جادة لتدفع بقضية وجود إنساني مسلوب الحقوق إلى السلم الذي لم يجنح إليه العدو يوما. وما كان هذا الاعتداء من قبلهم إلا فعل قرصنة مكتمل الأركان، وامتهان لكرامة الإنسان وقدسية البحر معا.
نحن نتطلع إلى مواجهة العدو الغاصب بعاصفة من الغضب العربي الجمعي ضد الهجوم الأعمى. مواجهة لا تترك للعدو موطئ قدم في أراضينا العربية.
وليتعملوا من عُمان، أرض السلام، التي ظلت تدعو إلى احترام القانون الدولي وحرية الملاحة في مضيق هرمز وخليج عمان وبحر العرب. فعمان تعي جيدا أن سيادة القانون هي الطريق الوحيدة لحماية الممرات المائية من جنون الغضب السياسي والعسكري. وأن الأمن المائي والملاحي لا يتحقق إلا حين نحترم حدود البحر وضيوفه. وهنا تكمن السيادة الحقيقية، في احترام القوانين التي تحفظ كرامة الإنسان في كل بقاع الأرض. رفقا بإنسانيتنا التي يُراد لها أن تغرق وتتماهى وسط فوضى الصراعات غير المبصرة.
آية السيابي - كاتبة وروائية عمانية