هل الهدية دائمًا تعبير عن الحب؟
الاحد / 12 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 19:58 - الاحد 5 أكتوبر 2025 19:58
لطالما كانت الهدايا منذ القدم وسيلة أساسية للتعبير عن المودة والمحبة في جميع الثقافات بما فيها ثقافتنا الإسلامية. حيث حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَهَادُوا تَحَابُّوا»، حيث كانت الهدية وسيلة لكسب تأييد معارضيه، وظلت الهدية إلى اليوم جزءًا لا يتجزأ من مناسباتنا الاجتماعية. وللوهلة الأولى، يبدو تبادل الهدايا فعلًا عاطفيًا نقيًا، لكن خلف هذه العادة الراسخة قد تكمن دوافع أعمق قد لا ننتبه إليها.
إذ يعتقد كثيرون أن الهدية دليل قاطع على الحب والنوايا الطيبة، غير أن الدراسات النفسية والاجتماعية تشير إلى أن الأمر أكثر تعقيدًا مما نظن. ففي أحيان كثيرة، قد لا تكون الهدية مجرد وسيلة بريئة للتعبير عن المشاعر الإيجابية، فقد تحمل رغبة في كسب القبول، أو تأكيد مكانة اجتماعية، أو حتى محاولة للتعويض عن تقصير عاطفي بين الأحبة.
ويشير الخبراء إلى أن البعض يستخدم الهدايا كبديل عن الحوار المباشر أو الاعتذار. وكأنهم بذلك يتركون للهدية مهمة إصلاح ما أفسدته الكلمات أو المواقف. وقد تُستخدم الهدايا أحيانًا لشراء الولاء أو كسب صمت الطرف الآخر، مما يجعلها تفقد جوهرها الحقيقي كرسالة حب.
لكن هذا لا ينفي بالطبع أن الهدايا تحمل تأثيرًا عاطفيًا عميقًا حين تكون صادرة عن نية صادقة. كما أن قيمة الهدية لا تُقاس بثمنها، بل بصدق الدافع وراءها. قد تكون الهدية بسيطة، لكنها تحمل قيمة عاطفية أكبر بكثير من هدية باهظة الثمن إذا خرجت من قلب محب بصدق.
يبقى السؤال الذي يدعونا للتفكير: هل نُهدي بدافع الحب الخالص حقًا، أم أننا نستخدم الهدايا أحيانًا لملء فراغ عاطفي أو للحفاظ على صورة اجتماعية معينة؟ الإجابة تختلف من شخص لآخر، لكن الوعي بالنية الحقيقية وراء أفعالنا هو الخطوة الأولى لتحويل الهدايا من مجرد عادة اجتماعية إلى فعل صادق يعكس مشاعرنا الحقيقية.
في المرة القادمة التي تنوي فيها تقديم هدية توقف للحظة واسأل نفسك: لماذا أشتري هذه الهدية؟ هل أقدمها عن حب أو لغرض آخر؟
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية