منوعات

"الدوحة السينمائي" يفتح شاشاته للذاكرة الفلسطينية ويحتفي بالأصوات العربية المقاومة

 

تفتح مؤسسة الدوحة للأفلام شاشاتها أمام الأصوات الفلسطينية بدعم وتمكين الأصوات العربية المؤثرة، عبر تخصيص مساحة محورية للقصص القادمة من فلسطين، وذلك في النسخة المقبلة من مهرجان الدوحة السينمائي. وفي وقت تتعرض فيه حياة الفلسطينيين وتاريخهم لحصار مستمر ومحاولات للتغييب، تتحول شاشات المهرجان إلى فضاء مفتوح للذاكرة والكرامة والأمل، حيث تعرض أعمالًا سينمائية تعكس الروح الإنسانية لفلسطين، وتعيد للعالم روايات لا يمكن إنكارها أو تجاوزها.
وتتضمن قائمة العروض الفلسطينية باقة من الأفلام المميزة التي تنسج خيوطًا من الشهادة الفنية والتاريخية؛ إذ يفتتح المهرجان فعالياته بفيلم 'صوت هند رجب' للمخرجة كوثر بن هنية، الذي يمزج بين تسجيلات حقيقية لمكالمات الطوارئ وأداء تمثيلي لإعادة تجسيد اللحظات الأخيرة للطفلة هند رجب، تلك الطفلة التي هزّ صوتها ضمير العالم. كما يعرض فيلم 'مع حسن في غزة' للمخرج كمال الجعفري، وهو تأمل بصري في الذاكرة والفقدان ومرور الزمن، يصوّر ملامح غزة في الماضي، وأرواح أناس قد لا يُعثر عليهم مجددًا.
ويشارك أيضًا الفيلم المؤثر 'كان يا ما كان في غزة' للأخوين طرزان وعرب نصّار، الذي تدور أحداثه في عام 2007، متتبعًا مسارات طالب شاب وتاجر ذي شخصية آسرة وشرطي فاسد، في حكاية عنف وانتقام ومأساة محتومة. إلى جانب ذلك، يُقدَّم في عرض خاص فيلم 'فلسطين 36' للمخرجة آن ماري جاسر، والذي يعود إلى أحداث عام 1936 إبّان الانتداب البريطاني على فلسطين، ليستحضر قصصًا فردية عن مقاومة وتشبث بالحياة في وجه القمع الاستعماري.
وتعكس هذه الاختيارات عمق السرد السينمائي الفلسطيني ومكانته الحيوية في المشهد الثقافي العالمي، حيث تتحول الشاشة إلى منصة تُعيد الاعتبار للذاكرة الجمعية، وتفضح ما يتعرض له الفلسطينيون من محو وتهميش.
وفي هذا السياق، أكدت فاطمة حسن الرميحي، مديرة المهرجان والرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، قائلة:
'إنّ هذه الأفلام ليست مجرد حكايات تُروى على الشاشة، بل هي شهادات فورية عن الحقيقة والشجاعة، وأصوات شعب يرفض أن يستكين. إنّها أعمال تحمل معها ذكريات الفلسطينيين وآلامهم وآمالهم المتجددة، وترفض أن تُمحى، وتطالب بأن يعترف بها كل العالم. ومن خلال دعم هذه الأعمال، فإننا نكرّم صمود صنّاعها، ونقف مع فلسطين، لنضمن لهذه القصص أن تُشاهَد وتُسمَع وتُحفَظ في الذاكرة. وفي مهرجان الدوحة السينمائي، يشرّفنا أن نوفر المنصة التي تتيح لهذه الأصوات أن تتردد في أرجاء العالم وأن تكون مصدر إلهام للتغيير'.
وبهذا الاختيار، يغدو مهرجان الدوحة السينمائي أكثر من مجرد حدث ثقافي، ليتحوّل إلى مساحة للتضامن وفضاء إنساني جامع، يتيح للأفلام أن تتجاوز حدود المكان واللغة، لتصل إلى الضمير العالمي، وتغرس قيم التعاطف والتآزر وتشجع على الحوار المشترك.
ويعكس المهرجان الطموح والتنوع الثري الذي تتمتع به المنطقة، عبر تقديم طيف واسع من الأفلام والعروض والحوارات والأنشطة التفاعلية، بما يوفر تجربة ثقافية متكاملة لجميع الزوار في الدوحة، ويكرّس السينما بوصفها أداة للتأمل والتغيير، وجسرًا يربط بين الشعوب من خلال سرد الحقيقة ورفع الصوت الفلسطيني عاليًا.