ثقافة

«الحرّاني».. رواية لخلف الخلف عابرة لحضارات العالم القديم

 

صدر عن دار الريس في بيروت مؤخرًا العمل الروائي الأول للكاتب خلف علي الخلف، المقيم في مسقط، بعنوان «الحرّاني».
تتناول الرواية تاريخ مدينة حرّان والجماعة الحرّانية التي ساهمت في إثراء العلم والفلسفة في العالم القديم والحضارة العربية الإسلامية عبر رحلة واسعة بين عواصم العالم القديم: من حرّان إلى قرطبة إلى غرناطة وملقا ثم الإسكندرية ثم جزيرة كريت، ومن أثينا إلى القسطنطينية إلى بغداد. رحلات لشخوص تتشابك مصائرهم في العلم والفلسفة والبحث عن اليقين.
في هذه الجغرافيا يرسم الخلف مشاهد متشابكة تستعيد الصراع بين العقائد، والجدل بين الفلاسفة، وتقاطعات الثقافة والسياسة، عبر مستويات متعددة من اللغة.
اختار الكاتب أن يجعل من حرّان نقطة ارتكاز، بوصفها مدينة حملت ميراث سومر والحضارات الرافدية، وظل أبناؤها عبر القرون يزاوجون بين العلم والميثولوجيا. وتبرز الرواية دورهم ودور حرّان التأسيسي في التأثير في الفلسفة والعلوم اليونانية عبر اكتناز إرث بلاد ما بين النهرين على مرّ العصور، كما تبرز دور أبنائها، وعلى رأسهم ثابت بن قرة الحرّاني، في نقل الفلسفة والعلوم اليونانية التي عاصروها إلى العربية مباشرة دون المرور بالسريانية، على خلاف ما هو شائع في الثقافة العربية المتأثرة بالسردية الاستشراقية.
تنبني الرواية على بحث موسّع في المصادر التاريخية؛ حيث استفاد المؤلف من نصوص عربية وسريانية ويونانية وعبريّة، ووظفها في حبكة روائية تحاول إحياء تفاصيل الحياة اليومية. كما يمزج الكاتب بين لحظات الماضي وأسئلة الحاضر، فيسائل معنى التعايش والاختلاف والتوارث الثقافي. وهو بذلك يضع القارئ أمام مرآة يرى فيها نفسه كما يرى أسلافه.
بهذا العمل يؤكد خلف علي الخلف أن الرواية التاريخية ليست استعادة محايدة، بل أداة نقد وفهم، وأن قراءة الماضي ضرورية لفهم الحاضر وصراعاته.