أعمدة

البيع الفوري وتأثيراته السلبية على أسواق المال

تشهد بورصة مسقط في الوقت الراهن حالة من التقلب، وهي في نظرنا طبيعية بعد 3 أشهر من المكاسب التي مكّنت المؤشر الرئيسي للبورصة -الذي يضم عيّنةً من 30 شركة تتوزع على مختلف القطاعات- من تسجيل أفضل مستوى له في أكثر من 7 سنوات. 

وفي حقيقة الأمر يعد تراجع الأسواق دورةً طبيعيةً لمختلف الأسواق المالية؛ تُعيد الأسواقُ من خلالها تجديدَ نفسها وتتيح للمستثمرين تنويع محافظهم الاستثمارية، كما تشجع العديد من المستثمرين على الدخول إلى البورصة بعد تراجع أسعار الأسهم لمستويات مشجعة؛ في الوقت الذي حقق فيه العديد من المستثمرين 

عوائد جيدة واتجهوا إلى البيع لجني الأرباح. 

غير أن هناك أخطاء جسيمة يقع فيها العديد من المستثمرين عند تراجع الأسواق؛ لعل في مقدمتها المسارعة إلى البيع الفوري وهو ما يضغط بشكل كبير على الأسهم ويدفعها إلى مزيد من التراجع ويُربك أسواق الأوراق المالية التي تتخلى بسرعة عن المكاسب التي حققتها خلال الفترات السابقة. من الطبيعي أن يبيع المساهمون أسهمهم، ومن الطبيعي أن تتراجع الأسواق ولكن ليس من الطبيعي أن يسارع المستثمرون إلى البيع العشوائي الذي من شأنه تقليص مكاسب الأسواق وإطالة موجة تراجع الأسهم والتأثير سلبا على المستثمرين أنفسهم الذين قد يفقدون خلال يوم أو يومين المكاسبَ التي حققوها خلال أكثر من شهر. 

ولعل أبرز النصائح التي يمكن تقديمها في حالة تراجع الأسواق هي: ضرورة التأني في اتخاذ قرارات البيع، ومراجعة أداء المحفظة الاستثمارية قبل ذلك، وتحليل أداء الشركة ومستوى تنافسيتها في القطاع الذي تعمل فيه، ودراسة أداء السهم خلال الفترة الماضية، والتوقعات المستقبلية للشركة، وانعكاسات أداء الاقتصاد الوطني على البورصة وغيرها من العوامل الأخرى التي تؤثر على الأسواق، وفي نظرنا أن التأني في اتخاذ قرارات البيع يمنح المستثمرين فرصة للتفكير واتخاذ القرار الصحيح والمناسب خاصة أن هناك العديد من الأسهم التي تحقق مكاسب متعددة للمستثمرين سواء من خلال ارتفاع سعر السهم أو من خلال التوزيعات التي تدفعها الشركة إلى المساهمين، وهذا يعني أن أداء الشركات يعد عاملا أساسيا وحاسما في التعامل مع موجات التراجع التي تشهدها الأسواق المالية من حين لآخر، وقد لاحظنا خلال السنوات الماضية أن الأداء المالي الجيد للعديد من الشركات 

القيادية وسياساتها بشأن النمو، وجهودها لتنويع المنتجات والخدمات، والمحافظة على تنافسيتها، والعمل على تجنب المخاطر التي تتعرض لها الشركات عادةً في أعمالها اليومية؛ تحافظ على استقرار السهم ونموه وبالتالي تعزز المكاسب التي يحققها المستثمرون في بورصة مسقط. 

إن تراجع الأسواق -في نظرنا- يعد فرصة جيدة للعديد من المستثمرين سواء الراغبين في تنويع محافظهم الاستثمارية أو الراغبين في جني الأرباح بعد الارتفاعات التي حققتها الأسهم والبحث عن فرص استثمارية في أسهم أخرى مرشحة للنمو مستقبلا، خاصة عندما يركز المستثمرون على اقتناص الفرص المتاحة في الشركات التي تتمتع بسجل جيد من النتائج المالية وتوزيعات الأرباح، وعلى المستثمرين عند تراجع الأسواق بناء نظرة إيجابية ودراسة وضع الشركات قبل إصدار أوامر البيع لأن زيادة أوامر البيع -وبشكل عشوائي خلال فترة تراجع الأسواق- تدفع الأسهم لمزيد من التراجع، في حين أن البيع الذي يتم بعد دراسة متأنية هو الذي يحقق أهداف المستثمرين ويجنبهم الكثير من المخاطر ويحافظ على أداء البورصة ومكانتها ويعزز ثقة المستثمرين فيها.