الإعلام والذكاء المسلح والتجهيل..
الاثنين / 29 / ربيع الأول / 1447 هـ - 20:21 - الاثنين 22 سبتمبر 2025 20:21
كتب أحمد العرجا في معهد الجزيرة للإعلام: «المؤكد أن استطالة حرب الإبادة في غزة لم تكن إلا بشرعية زائفة ظفر بها الاحتلال بسلاح إعلامي جديد هو الذكاء الاصطناعي المسلح».
هذا الواقع يضع العالم وجهًا لوجه أمام قدرة الذكاء الاصطناعي على التزييف، وإمكاناته الكبيرة في الإقناع والتأثير، وقلب الحقائق، وقيادة حرب التجهيل.
وقد كشفت مؤخرًا شركة ميتا أنها أزالت شبكة من مئات الحسابات المزيفة المرتبطة بشركة إسرائيلية تدعى STOIC، ومقرها في تل أبيب.
هذه الشركة أنشأت شبكة من الحسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ للترويج للدعاية الإسرائيلية، وبث مزاعم مضللة، لا سيما بين الجمهور العربي.
وأعلنت شركة OpenAI المالكة لتطبيق ChatGPT أنها حظرت مجموعة حسابات تعود للشركة نفسها تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي؛ لتبدو وكأن من يديرها طلاب يهود، ومواطنون أمريكيون من أصل إفريقي.
يقول أكرم جلال كريم في مقال على الميادين نت: «نكتشف أنّ الدول التي امتلكت العلم والمعرفة بلغت حدّ القدرة على إدارة الفهم الإنساني، والتّحكم به، والسيطرة عليه عن بعد. فقد بدأت فكرة -علم الجهل- تظهر إلى العيان في عام 1922، بعد أن نشرت إحدى شركات تصنيع السجائر مذكّرة تقول فيها: إن الشكّ هو وسيلتنا الفضلى لمواجهة الحقائق التي تسكن عقول الجمهور، وهو أيضًا وسيلة لإثارة البلبلة».
وعليه أكّد المؤرخ روبرت بروكتور أنّ أفضل وسيلة لنشر الجهل تتمثّل في إيجاد مناخ يتمّ فيه التّشجيع والحثّ على النقاش أو حتى الصراع على شرط أن يكون متكافئًا ومتوازنًا بين فكرتين أو جبهتين، وألا يسمح لأحدهما بالتفوّق والغلبة على الآخر، بل الإبقاء على حالة التكافؤ بين وجهتي النّظر، لتكون النتيجة في الغالب هي غياب النتيجة، وهذا هو المطلوب! ألا يذكرنا هذا ببرنامج تلفزيوني نشر وينشر التجهيل إلى اليوم على فضائية عربية خبرية معروفة، ثم أصبح ذلك موضة وتقليدًا في فضائيات عربية خبرية أخرى تحت عنوان «الموضوعية والشفافية والرأي والرأي الآخر»!
يقول حسن عجمي في موقع ديوان العرب: إن (السوبر) تخلف هو تقديم العِلم على أنه جهل، وتقديم الجهل على أنه عِلم. ويقول أدهم إبراهيم على موقع العرب الإلكتروني: «وعلى المستوى الدولي هناك خطط لتنفيذ سياسات التجهيل، وتحديد الدول والشعوب التي يجب تجهيلها من خلال تقديم المعلومات المغلوطة والخرافات؛ لخداع الناس وقبولها كحقيقة».
إن أقل ما يقال في الأمر: إن الخلاصات المنشورة بواسطة الذكاء الاصطناعي كجوجل وفيسبوك وغيرهما، ويأخذ بها الإعلاميون كحقائق مسلّم بها دون تمحيص، وينشرونها للجمهور في مقالاتهم وتحليلاتهم وتقاريرهم تضعنا أمام ظاهرة خطيرة تلغي دور الإعلامي في الاستقصاء والتحري والبحث عن المعلومة الحقيقية، وتعريف وتبصير وتوعية القارئ بها.
حرب شرسة وخطيرة بالذكاء الاصطناعي المسلح؛ لسلبنا الوعي والبصيرة، وإغراقنا في بحر التجهيل و(السوبر) تخلف، ترى أين نحن من ذلك كله؟ وأين إعلامنا المحلي والعربي منه؟!
د. طاهرة اللواتية إعلامية وكاتبة