أفكار وآراء

أنا طبيب وعضو برلمان يهودي بريطاني ومنعت من دخول إسرائيل

ترجمة: أحمد شافعي -

في وقت سابق من الأسبوع «الماضي»، منعت من دخول إسرائيل، وقد كنت ضمن وفد برلماني إنساني نظمه مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني (CAABU). وتعد هذه المنظمة غير الحكومية من أنشط الكيانات العاملة على شؤون الشرق الأوسط في البرلمان البريطاني وأكثرها حظوة بالاحترام. وهي تعمل على تعزيز حل الصراع، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني.

كان الغرض من زيارتي ـ برفقة زميلي في البرلمان سيمون أوفر وهو أيضا طبيب ـ هو محاولة فهم وضع الرعاية الصحية للفلسطينيين في الضفة الغربية. ومن سوء الحظ أننا لم نطأ بأقدامنا أرض إسرائيل فضلا عن زيارة أي مستشفى في الأراضي المحتلة.

وبدلا من ذلك، لم يسمح لي برؤية شيء عدا أرض خواء في معبر الشيخ حسين الحدودي، وقد تقلص نهر الأردن عندها إلى جدول هزيل. وفيما كنت أنتظر المسؤولين الحدوديين إلى أن يقرروا أمري، انتهيت من تناول الطعام الوحيد الذي أحضرته معي ـ ولم يكن أكثر من كيس مكسرات (كيه بي) صغير ـ ومضيت أتأمل مدى الوضاعة التي انتهت إليها إسرائيل على يد حكومتها الحالية وإلى أي مدى تغيرت فلم يعد بالإمكان تقريبا التعرف عليها.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها إسرائيل أعضاء في البرلمان البريطاني من دخول أراضيها، فقد كان هذا المصير نفسه هو الذي لقيه اثنان من زملائي في شهر أبريل. ولا ينبغي أن يفهم أحد من هذا أنني أدافع عن منعهما من دخول إسرائيل، لكن منعي أنا أمر مختلف.

فهو يمثل مدى ما وصلت إليه حكومة إسرائيل في عزل نفسها. وإنه ليحزنني أن أقول إن إسرائيل اليوم تبدو في عالم آخر بعيد كل البعد عن إسرائيل الاحتوائية التعددية المنفتحة الديمقراطية ذات المبادئ التي تأسست عليها سنة 1948.

أنا يهودي، محض واحد من قرابة عشرة أشخاص يهود ضمن أعضاء مجلس العموم البريطاني. ولقد زرت إسرائيل للمرة الأولى بوصفي طالب طب مثاليا وعاودت زيارتها مرارا لقضاء إجازات سعيدة التقيت فيها بأهلي الذين يعيشون هناك، وأنا عضو في مجلس نواب اليهود البريطانيين، وداعم ملتزم للمعبد اليهودي المحلي الذي أتردد عليه.

والوثيقة الإسرائيلية التي أنكرت عليَّ الدخول أرجت ذلك إلى «اعتبارات تتعلق إما بالأمن العام أو السلامة العامة أو النظام العام» دونما طرح تفسير لما يجعلني، أنا ابن سوفولوك، وجراح الأنف والأذن والحنجرة السابق، والبالغ من العمر سبعة وستين عاما، أشكل أي تهديد من أي نوع.

لقد قررت الانضمام إلى الوفد لأن ذلك كان من شأنه أن يوفر لي فرصة للحديث على أرض الواقع إلى أطباء ومرضى وجمعيات خيرية طبية، فأوسع بذلك درايتي بالأحداث الرهيبة الجارية في الشرق الأوسط ومدى تأثيرها على المنشآت الطبية، والأطقم الطبية والمرضى الذين يعالجونهم. وبوصفنا أعضاء في البرلمان، نكون مسؤولين عن المعرفة والدراية بقدر ما يتسنى لنا.

لقد مرت علينا شهور من الصور المدمرة المبثوثة كل ليلة على شاشات تليفزيوناتنا إذ تجري أحداث كارثة غزة الإنسانية. والشفافية هي السبيل الوحيد الذي يمكننا عبره العمل من أجل حل سلمي لهذه الحرب المدمرة. فلا سبيل إلا الحديث والفهم يمكن من خلاله توفير فرصة للسلام. وليس من سبيل سوى الانفتاح والأمانة يمكن أن يحقق تقدما قائما على سلامة نية.

لقد سبق منع الوصول إلى غزة تماما على الصحفيين والدبلوماسيين وأنصار حقوق الإنسان. وها هم أعضاء البرلمان الآن يمنعون من دخول الضفة الغربية.

لقد أرسل إلي أحد أقاربي رسالة نصية بعد عودتي إلى الوطن قال فيها «إن هذا تجسيد لكل ما تعفَّن في هذا النظام الحاكم وفي مدى التساهل الذي يلقاه».

لا يزال الإعجاب الذي أكنه للكثير من الأطباء وعمال الرعاية الصحية البريطانيين الذي سافروا إلى المنطقة للعمل بلا كلل في أوضاع مريعة بالنسبة لرعاية المتضررين من الحرب إعجابا قويا لم ينقص عن ذي قبل. وإنه ليؤسفني أنني منعت من أن أنقل هذا الإعجاب شخصيا إليهم، كما منعت من إطلاع زملائي في المملكة المتحدة على ما استطعت أن أراه وأتعلمه في أرض الواقع.

لقد كانت إسرائيل تمثل في يوم من الأيام الأمل لجيل من اليهود. وإنه ليؤلمني ألما شديدا أن الصداقة التي حسبنا في وسطنا اليهودي أنها سوف تبقى إلى الأبد تتقوض الآن على يد الحكومة الإسرائيلية الراهنة.

وفيما كنت أستقل سيارة للرجوع إلى العاصمة الأردنية عمان، بعد مضي أقل من أربع وعشرين ساعة على وصولي، وجدت نفسي أتساءل: ما الذي جرى لدولة إسرائيل؟

بيتر برينسلي عضو عمالي في البرلمان البريطاني عن بوري سانت إدموندز وستوماركت.

عن صحيفة الجارديان البريطانية