ثقافة

رواية وجع وصمود فلسطيني ...الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم "صوت هند رجب"

 

(عمان) يفتتح مهرجان الدوحة للأفلام 2025 فعالياته بفيلم 'صوت هند رجب' (تونس – فرنسا) للمخرجة كوثر بن هنية، في انطلاقة تحمل بعداً وجدانياً ورسالة إنسانية عابرة للحدود. ويأتي اختيار هذا العمل المدعوم من مؤسسة الدوحة للأفلام ليجسد إيمانها بقدرة السينما على ملامسة الضمير العالمي وإحياء قيم التعاطف والعدالة.
الفيلم يوثق قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي شكّل صوتها المرتجف لحظة استغاثتها شهادة مؤثرة هزّت ضمير العالم، لتتحول حكايتها من مأساة فردية إلى رمز للصمود الإنساني، إذ لا يروي الفيلم مجرد فقدان يفوق الوصف، بل يقدم شهادة على شجاعة من لا يملكون سوى أصواتهم، ورسالة قوية عن كلفة الصمت، ودعوة لإحياء التضامن الإنساني العابر للحدود، وقد حاز العمل على جائزة لجنة التحكيم الكبرى 'الأسد الفضي' في الدورة الثانية والثمانين من مهرجان البندقية السينمائي الدولي الذي اختتم فعالياته مؤخراً.
وفي تصريح بهذه المناسبة، أكدت فاطمة حسن الرميحي، مديرة المهرجان والرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، أن افتتاح المهرجان بهذا الفيلم 'هو تكريم للحقيقة الهشة والمؤلمة والملحة، وصوت هند يخاطب كل إنسان بصدق وصمود'، وأضافت: 'قصة هند هي قصة أطفال ونساء ورجال فلسطين الذين تحطم العدوان حياتهم، لكنها في الوقت ذاته قصص إلهام وصمود لا يتوقف. إننا من خلال تكريم ذكرى هند والضحايا الآخرين نأمل أن نوقظ من جديد قيم التعاطف والإنسانية، وأن ندفع نحو العدالة، وألا نترك أي قصة مهما كانت قاسية من دون أن تُروى'.
ويتميز 'صوت هند رجب' بدمجه بين تسجيلات حقيقية لمكالمات الطوارئ وبين إعادة تمثيل درامي يعيد إحياء الدقائق التسعين الأخيرة التي عاشتها الطفلة محاصرة في سيارة تتعرض لوابل من الرصاص، وقد حظي الفيلم بدعم نخبة من أبرز نجوم وصناع السينما العالميين مثل براد بيت، وخواكين فينيكس، وروني مارا، وألفونسو كوارون، الذين شاركوا كمنتجين منفذين، مما يعكس البعد العالمي للقضية التي يعرضها، كما سيمثل تونس في الدورة الثامنة والتسعين لجوائز الأوسكار، ليواصل حضوره في المحافل الدولية الكبرى.
أما المخرجة كوثر بن هنية، فقد رسخت موقعها كواحدة من أبرز الأصوات السينمائية العربية على الساحة العالمية. درست في المدرسة العليا للفنون والسينما في تونس، ثم التحقت بالمدرسة الوطنية العليا للمهن السمعية البصرية (لا فيميس) في باريس، وقدمت أعمالاً لاقت صدى واسعاً مثل 'الرجل الذي باع جلده' (2020) الذي دخل التاريخ كأول فيلم تونسي يترشح لجائزة الأوسكار، وفيلم 'بنات ألفة' (2023) الذي نال جائزة العين الذهبية في مهرجان كان وترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل.
وتقام فعاليات مهرجان الدوحة للأفلام خلال الفترة نوفمبر المقبل، في مواقع بارزة مثل الحي الثقافي كتارا، ومشيرب قلب الدوحة، ومتحف الفن الإسلامي، حيث تتحول العاصمة القطرية إلى فضاء ثقافي نابض بالحياة يجمع صناع الأفلام ورواة القصص والجماهير من مختلف أنحاء العالم، ويؤكد المهرجان عبر برامجه وعروضه وحواراته أنه ليس مجرد منصة لعرض الأفلام، بل هو مساحة لإحياء الذاكرة الجماعية وتعزيز الوحدة الإنسانية، وتسليط الضوء على الأصوات التي تعمّق فهمنا للعالم، وتجعل من الدوحة محطة عالمية في مسيرة السينما الحديثة.