مؤتمر دولي في بكين يناقش واقع الترجمة بين العربية والصينية وتحدياتها المستقبلية
السبت / 27 / ربيع الأول / 1447 هـ - 17:57 - السبت 20 سبتمبر 2025 17:57
(عمان): شهدت العاصمة الصينية بكين على اليومين الماضيين انعقاد مؤتمر دولي وندوة أكاديمية تحت عنوان 'واقع حركة الترجمة وتحدياتها بين العربية والصينية' و'الوضع الراهن والتحديات التي تواجه الترجمة الصينية العربية للأعمال الكلاسيكية'، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين الصينيين والعرب، وبحضور وفد جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي برئاسة الدكتور محمد بن حامد الأحمري، وافتتح الجلسات الدكتور ليو شين لو، نائب رئيس جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، الذي أكد في كلمته أن الصين والعالم العربي حضارتان عريقتان، ارتبطتا على مدى القرون بروابط ثقافية عميقة أثمرت عن إسهامات كبرى في تاريخ الإنسانية. وشدد على أن الترجمة ليست مجرد نقل لغوي، بل جسر روحي وفكري يقرب بين العالمين ويعمّق التفاهم والإلهام المشترك، لافتاً إلى أن مؤلفات الكلاسيكيات تمثل إرثاً ثقافياً وفكرياً يستوجب تفعيل مسارات جديدة لترجمتها، خصوصاً في عصر الذكاء الاصطناعي.
وأشار ليو إلى الدور الريادي لجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، وخاصة كلية الدراسات العربية، في دعم التواصل الحضاري، مذكراً بمشروع مكتبة 'الحزام والطريق' للصداقة الصينية العربية الذي انطلق عام 2016، وأصبح منصة لنشر التراث الكلاسيكي الصيني للعرب، وتعريف الصينيين بالمنجزات الأدبية والفكرية العربية. وأكد أن الجامعة، باعتبارها رائدة في تعليم اللغات الأجنبية بالصين، أسهمت في تخريج أجيال من المتخصصين في اللغة العربية، وهو ما عزز الصداقة والتفاهم بين الشعبين.
من جانبه، أوضح عبد الرحمن المري، ممثل جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، أن العلاقات الثقافية بين الصين والعالم العربي عرفت مساراً طويلاً من التبادل البنّاء والتفاهم العلمي، ورأى أن المؤتمر يشكل إحياءً لهذا الإرث، وفرصة لتكريس ثقافة التواصل المباشر بعيداً عن أي وسائط متحيزة، مبرزاً أن اختيار اللغة الصينية كإحدى لغات دورة 2026 من الجائزة يهدف إلى تشجيع المترجمين على خوض هذا المسار الحيوي وتعزيز الترجمة بين اللغتين.
ناقش المشاركون في المؤتمر والندوة محاور متعددة شملت تطور حركة الترجمة بين العربية والصينية، وتدريس اللغة العربية في الجامعات الصينية، والتحديات المرتبطة بنقل الأدب الكلاسيكي والثقافة عبر الترجمة، فضلاً عن قضايا التعاون الحضاري، وقدم الأساتذة من جامعات بكين وقوانجتشو ونينجشيا وغيرها قراءات تاريخية ومعاصرة لتجربة الترجمة المتبادلة، متوقفين عند الصعوبات الراهنة كتحول الخطاب في ترجمة النصوص القديمة، والآليات المؤسسية والتمويل، إلى جانب أثر الذكاء الاصطناعي في رفع كفاءة الترجمة مع بقاء التحدي قائماً في نقل الدلالات الثقافية والعمق الفكري للنصوص.
وتخلل الندوة عرض ثقافي قدّمه طلاب كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، شمل لوحات من الخط العربي وعزف العود، ما أضفى طابعاً احتفائياً على اللقاء، وفي كلمتها الختامية، أكدت وو مينيان، نائبة عميد الكلية، أن الترجمة ستظل أداة لا غنى عنها لتجسير الاختلافات وإزالة الحواجز وتحقيق الثقة المتبادلة بين الحضارات، موجهة الشكر للجائزة على دعمها للتبادلات الصينية العربية.
تجدر الإشارة إلى ان الجائزة خُصصت دورة عام 2026 للترجمة من الصينية إلى العربية، في دلالة على عمق الاهتمام بتنمية مسارات التبادل المعرفي وتوسيع جسور التواصل الثقافي بين العالم العربي والصين، بما يعكس المكانة المتنامية لهذه اللغة في الحقل الترجمـي ودورها في إثراء الحوار بين الحضارات.