عمان العلمي

افتتاحية

 

نتأمل هذا العدد في التطورات التكنولوجية ونمط الحياة المعاصر الذي يجعلنا محفزين طوال الوقت. نُفكر كيف أصبحنا نُعدد المهام، ونملأ كل لحظة فراغ بالمحتوى والأنشطة. ونتساءل ما الذي نخسره بخسارة لحظات الملل، وماذا أضعنا بشغل «الوقت الضائع». يرسم لنا بيشوي قليني صورة حول اقتصاد الانتباه المبني على إبقائنا محفزين. إذ لطالما كان التحدي الأساسي أمام البشرية هو الوصول للمعرفة في ظل ندرة المعلومات، أما اليوم فالتحدي هو وفرتها لدرجة بلوغنا حالة من الاستنزاف. والمنطق الإدماني الذي تقوم عليه شبكات التواصل، تسرب لبيئة العمل، لتتحول الوسائل المصممة لتعزيز التعاون إلى مُشتتات.

يُقدم لنا المعتصم الريامي معالجة لـ«رأسمال المراقبة»، ويُحاول البحث في حقيقة هذا الشعور بأن أحدهم يتنصت عليك لدقة ما يعرضه الإنترنت من خيارات مخصصة. إن تتبع سلوك المستخدمين لفترات طويلة، ومع وجودنا في اتصال بأدوات التكنولوجيا معظم الوقت، ومع الربط «الذكي» لأشياء الواقع بالإنترنت، تتنبأ الخوارزميات بما يهمنا ويشغلنا، وتقدمه لنا قبل أن نطلبه.

ثم تستعرض لنا زهرة ناصر الكتاب الذي ترجمتْه في هذا الصدد «فلسفة التجرد الرقمي»، وتُشرّح لنا مأساة الوعي، وتزودنا بحيل لمواجهته.

جانب آخر ضمن ثيمة الإبداع عالجه العدد: براءات الاختراع وأنظمة حماية الملكية الفكرية.

يتساءل سعد السامرائي -خصوصًا باعتاره أستاذ جامعي- إن كانت براءات الاختراع تؤدي لمصادرة الإبداع في الحقيقة، فهي تنطوي على عمليات مكلفة ومنهكة للمؤسسات البحثية والجامعات. كما يضعنا السامرائي أمام سؤال أخلاقي مهم حول أخلاقية احتكار إنتاج الأدوية واللقاحات.

فيما تُقدم لنا علياء السعيدية معالجة مقارنة لوضع الابتكار في كل من عُمان واليابان، وتتساءل كيف يُمكن لسلطنة عمان أن تستفيد من نموذج «جيجيتسو كايهاتسو» أي «تطوير التكنولوجيا محليًا» دون الاستعانة بالتقنيات المستوردة.

التفكير محليًا أمر مهم ليس لتطوير حلول أكثر ملائمة لبيئتنا، ولكن أيضًا في سياق الحفاظ على المعرفة التقليدية والطرق الشعبية من الاستحواذ الأجنبي عبر براءات الاختراع وأنظمة حماية الملكية الفكرية العالمية.

نوف السعيدي محررة الملحق