صرخة هند رجب تُدوّي في البندقية والأسد الفضي شاهد على مأساة غزة
الاحد / 14 / ربيع الأول / 1447 هـ - 18:47 - الاحد 7 سبتمبر 2025 18:47
البندقية ـ 'وكالات': شهد مهرجان البندقية السينمائي لحظة مؤثرة مساء أمس بفوز فيلم 'صوت هند رجب' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية بجائزة الأسد الفضي، ثاني أرفع جوائز المهرجان، عن عمل يستند إلى وقائع واقعية من حرب غزة، 'الفيلم' يخلّد بالصوت الحيّ استغاثة الطفلة الفلسطينية هند رجب، البالغة خمس سنوات، التي قضت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي مع أفراد عائلتها في مدينة غزة مطلع عام 2024.
استندت 'بن هنية' في فيلمها إلى التسجيل الصوتي الحقيقي لاتصال هند المطوّل مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث ظلت ثلاث ساعات تستنجد طلبا للنجدة قبل العثور عليها بعد 12 يوما مقتولة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص مع خالها وزوجته وأبنائهما الثلاثة، وقد أثارت هذه التسجيلات موجة تأثر عارمة في المهرجان، إذ أبكت الجمهور وحظيت بعاصفة من التصفيق المتواصل استمرت ما بين 23 و24 دقيقة في العرض الأول للفيلم، ليصبح في طليعة ترشيحات الجمهور والنقاد.
وقالت المخرجة كوثر بن هنية خلال تسلمها الجائزة (وقد بدا عليها التأثر الشديد): قصة هند رجب هي مأساة شعب بأكمله يعاني من إبادة جماعية ترتكبها حكومة الكيان الصهيوني المجرمة والتي تتصرف بإفلات من العقاب، السينما لا تستطيع أن تعيد هند إلى الحياة، لكنها قادرة على أن تحفظ صوتها وتجعل صداه يتردد عبر الحدود إلى أن تتحقق العدالة والمساءلة، وأهدت بن هنية جائزتها إلى عمال الهلال الأحمر الفلسطيني الذين رافقوا صوت الطفلة حتى اللحظة الأخيرة، مؤكدة أن 'الجوائز رائعة، لكن الأهم أن يُشاهَد الفيلم مراراً وتكراراً'.
غزة الحاضرة
وعلى الرغم من أن التوقعات كانت ترجّح فوز 'صوت هند رجب' بالجائزة الكبرى، فقد ذهبت جائزة الأسد الذهبي إلى الفيلم الأمريكي المستقل 'أب، أم، أخت، أخ' للمخرج جيم جارموش، الذي قدّم عملا عن العلاقات الأسرية من خلال ثلاث لوحات تتوزع بين نيوجيرزي ودبلن وباريس، ويضم نخبة من النجوم بينهم آدم درايفر وكايت بلانشيت وتوم وايتس. وقد شكر جارموش لجنة التحكيم على تقديرها لفيلمه 'البسيط'، مؤكداً أن 'التواصل والتعاطف بين البشر هو الخطوة الأولى لحل مشاكلنا'، فيما بدا لافتاً أنه ظهر على السجادة الحمراء بدبوس كتب عليه 'كفى'.
لكن الحدث الأبرز في المهرجان لم يكن فقط بتوزيع الجوائز، بل في الحضور القوي لغزة في أجواء الدورة، حيث رُفعت شعارات وكتبت بيانات تضامنية من بينها رسالة مفتوحة لمجموعة 'البندقية من أجل فلسطين'، كما شهدت شوارع ليدو تظاهرة حاشدة دعماً للفلسطينيين، في وقت ارتدى فنانون دبابيس ورفعوا لافتات تضامناً عند مرورهم أمام عدسات المصورين.
جوائز أخرى
إلى جانب جائزتي الأسد الذهبي والفضي، فاز الإيطالي توني سيرفيلو بجائزة أفضل ممثل عن دوره كرئيس منهك في نهاية ولايته في فيلم 'لا جراتسيا' للمخرج باولو سورينتينو، فيما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى الصينية شين شي لي عن فيلم 'الشمس تشرق علينا جميعاً'. أما جائزة أفضل مخرج فنالها الأميركي بيني صفدي عن فيلم 'ذا سماشينج ماشين' من بطولة دواين 'ذا روك' جونسون، بينما حصدت المخرجة المغربية مريم التوزاني جائزة الجمهور عن فيلمها 'شارع مالقة'.
واختُتمت الأمسية برسالة مؤثرة عبر الفيديو من بطريرك القدس للاتين، بييرباتيستا بيتسابالا، دعا فيها إلى إنهاء الحرب في غزة، قائلاً: 'لقد حان الوقت لوقف هذه الدوامة المتدهورة'. كما تضمّن الختام تكريماً للمصمم الإيطالي جورجيو أرماني بعد وفاته عن 91 عاماً.
محطة الجوائز
يُعد مهرجان البندقية من أبرز محطات موسم الجوائز العالمية، إذ تُعد الأفلام التي تعرض فيه مؤشراً رئيسياً على ترشيحات الأوسكار. غير أن دورة هذا العام ستظل محفورة في الذاكرة بفضل التضامن الكبير مع غزة، وبفضل فيلم 'صوت هند رجب' الذي حول صرخة طفلة فلسطينية إلى شهادة سينمائية خالدة تتردد في أرجاء العالم.