أطلقت ولاية إبراء مبادرة 'شجّر بيتك' التي تحمل شعار 'لنُجعل إبراء خضراء'، وتهدف هذه المبادرة إلى تشجيع الأهالي والمواطنين على زراعة المساحات أمام وخلف منازلهم، ما يسهم في تعزيز الغطاء النباتي، وزيادة المساحات الخضراء في الأحياء السكنية. وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود مشتركة بين بلدية شمال الشرقية، والمديرية العامة للإسكان والتخطيط العمراني، وإدارة البيئة في المحافظة، ما يعكس نموذجًا للعمل المؤسسي المتكامل، ومن خلال إشراك المجتمع المحلي، وتحفيزه على تبني ممارسات الزراعة المستدامة تسعى 'شجّر بيتك' إلى تحسين المشهد الحضري، وصون البيئة، وتعزيز الاستدامة في استغلال الموارد الطبيعية.
في حديث مع حمد بن علي الغيلاني- مدير دائرة البلدية بولاية إبراء سلط الضوء على مبادرة 'إبراء الخضراء' التي تهدف إلى تعزيز الرقعة الخضراء في محافظة شمال الشرقية. تأتي هذه المبادرة في إطار السعي لتكثيف المساحات الخضراء، خاصة في ظل وجود فراغات عمرانية شاسعة.
وأوضح الغيلاني أن المبادرة تهدف إلى تشجير المناطق أمام المنازل وخلفها، ما يسهم في تحسين المشهد الجمالي للولاية. تُعد 'إبراء الخضراء' جزءًا من الأهداف المرتبطة برؤية عمان 2040، وتحت قيادة مكتب محافظ شمال الشرقية بالتعاون مع عدة جهات معنية، وتعمل بشراكة فعالة مع المجتمع المحلي، وتسعى المبادرة إلى تحقيق أهداف رئيسية تشمل زيادة المساحات الخضراء في الأحياء السكنية، وتحسين جودة الحياة من خلال تعزيز الزراعة المنزلية، ونشر الوعي البيئي، ودعم التنسيق الحضري المستدام. كما تهدف إلى إشراك المجتمع المحلي في جهود الحفاظ على البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة.
وأضاف الغيلاني: 'تتضمن مبادرة 'شجر بيتك' ثلاثة مسارات، ونعمل حاليًا على المسار الأول الذي يركز على الزراعة أمام وخلف المنازل، ويعتمد عدد الأشجار المزروعة على المساحة المحددة من قبل مديرية الإسكان والتخطيط العمراني بشمال الشرقية، مع مراجعة دقيقة للتصميم المطلوب. في المرحلة الأولى نستهدف زراعة مائة شجرة وفقًا للاشتراطات والمعايير المعتمدة'. موضحا أنه حتى الآن اختير موقعان في الولاية باعتبارهما بحاجة ملحة لزيادة الرقعة الخضراء مع توفر مياه في المنطقة. أحد الموقعين يقع بالقرب من منطقة إبراء الصناعية، ما يجعل المبادرة ذات أهمية خاصة لتقليل الملوثات الناتجة عن المنطقة الصناعية؛ وبالتالي تحسين جودة البيئة المحلية.
تعزيز المواطنة البيئية
أوضح ناصر اليزيدي عضو المجلس البلدي وممثل ولاية إبراء أن مبادرة 'شجّر بيتك' تُعتبر نموذجًا فعّالًا للعمل البيئي التشاركي؛ حيث تسهم في ترسيخ مفهوم المواطنة البيئية، وتوفير بيئة صحية وآمنة للأجيال القادمة. وأشاد بالتجاوب الإيجابي من المجتمع مؤكدًا ضرورة استمرارية هذه المبادرات.
وعن نوع الأشجار وآلية الري قال اليزيدي: 'هناك ضوابط واشتراطات لاختيار أنواع الأشجار المزروعة بناءً على طبيعة البيئة في كل موقع. يزود الراغبون بالزراعة بأنواع مثل: السدر، والغاف، والأراك، بالإضافة إلى أشجار أخرى توفر الظل والجمال، وذلك تحت إشراف مختصين من البلدية؛ لضمان الالتزام بالتصاريح القانونية'.
وفيما يتعلق بعملية الري أضاف اليزيدي أن مسؤولية الري تقع على عاتق المتعهدين بالزراعة الذين يعتمدون على مصادر مستدامة مثل: المياه المعالجة، أو تقنيات الري الحديث، كما وضعت خطة معتمدة من بلدية شمال الشرقية لاستغلال مياه محطة الصرف الصحي، ما سيسهم في توفير المياه للطرقات والدوارات والساحات العامة والحدائق.
وأشار اليزيدي إلى أهمية إشراك المجتمع المحلي في هذه المبادرة لافتًا إلى أن التعاون مع الشباب والطلبة كان جزءًا أساسيًا من عملية التشجير. وقد بدأ المجتمع المحلي باختيار المواقع التجريبية للتشجير، مثل منطقة سيح الشخابيط، والمخطط اليحمدي 6/7 مع خطط مستقبلية تشمل مناطق السفالة، والعلاية، والثابتي.
كما أضاف: 'ستشمل خطة إشراك المجتمع تنظيم مسابقات تصميم تشجير تستهدف طلبة المدارس والجامعات'.
ومع ذلك لم تكن مبادرة 'شجر بيتك' خالية من التحديات. فقد واجهت صعوبات تتعلق بعدم اتباع الإجراءات اللازمة للحصول على تصاريح الزراعة، وتأخير في توفير الشتلات والتربة، فضلًا عن التحديات الجغرافية التي تعيق التنفيذ.
وحول السؤال عن ضمان استمرارية العناية بالأشجار المزروعة بعد انتهاء الفعاليات أكدت المهندسة شيماء الراسبية مديرة دائرة تطوير الخدمات أن مبادرة 'شجر بيتك' تهدف إلى تشجير المناطق أمام وخلف المنازل، وليست مجرد توزيع لشتلات في أماكن متفرقة. وأشارت إلى أن المواطنين سيتعهدون بالاعتناء بالأشجار بموجب اتفاقيات مع بلدية إبراء ما يعكس إقبالًا كبيرًا من السكان على المشاركة، وهو ما يدل على ثقافة المجتمع حول أهمية التشجير، ودعمه لهذه المبادرة.
وقالت الراسبية: 'ستكون هناك لجنة إشرافية معتمدة من مكتب سعادة محافظ شمال الشرقية، بالإضافة إلى زيارات ميدانية من الفريق المسؤول. كما ستوضع آلية لرصد وتقييم نتائج المبادرة، ما سيمكننا من رفع الملاحظات والتوصيات؛ لتحقيق أهداف المبادرة. وتسعى المبادرة إلى صون البيئة، وتعزيز الاستدامة مع خطط مستقبلية لتوسيع نطاقها لتشمل قرى وولايات مجاورة.' وأكدت الراسبية: 'بعد تحقيق العدد المستهدف من الأشجار في المرحلة الأولى سنعمل على توسيع المبادرة لتغطي جميع ولايات المحافظة'.
وفي ختام حديثها أكدت أن 'مبادرة شجر بيتك... لنجعل إبراء خضراء' تمثل خطوة مباركة نحو تطوير وتجميل الولاية، وزيادة الرقعة الخضراء، ما يسهم في خلق بيئة صحية ومستدامة. هذه المبادرة تعكس رؤية عمان 2040 التي تركز على التنمية المتوازنة والمستدامة.
الجدير بالذكر أن مبادرة تمثل 'شجر بيتك' نقلة نوعية في تعزيز الشراكة المجتمعية، وتهدف إلى نشر ثقافة الزراعة المنزلية، ورفع مستوى الوعي البيئي من خلال تحفيز المواطنين على الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتؤكد المبادرة أهمية التخطيط العمراني المستدام في تحسين جودة الحياة في الأحياء السكنية، وتدعو الجهات القائمة على هذه المبادرة جميع المواطنين والمقيمين إلى الاستمرار في التفاعل الإيجابي مع المبادرة، وزراعة الأشجار حول منازلهم كخطوة نحو بيئة خضراء صحية ومستدامة للأجيال القادمة في إطار رؤية طموحة تجعل من التشجير ثقافة يومية وسلوكًا وطنيًا مسؤولًا.