أعمدة

«رسائل في الحزن والحب والألم»

- نغفو مساءً على أمل أن يكون الغد أروع وأجمل وأخف وطأة، لكننا في الصباح نفتح أعيننا على شاشات وصحف ووكالات العالم تبث أخبارًا تُسمم النفس والبدن، أخبار عن الحروب الطاحنة التي تسحق البشر والقرى والمدن، وأخرى عن المجاعة والفقر والعوز، وتقارير عن الأمراض المميتة التي تفتك بالإنسان والزرع والحيوان، ولا بارقة أمل ولو ضئيلة توحي بأن القادم يُبشر بخير. 

- لأن الفقد سُنة من سنن الحياة، لا نملك نحن البشر الضعفاء إذا فقدنا عزيزًا، إلا التسليم بإرادة الله وقدرته والصبر والدعاء، ولعل ما يزيد من ألم الفقد زخم المحبة التي جمعتنا به ذات يوم، والأثر العميق الذي تركه داخلنا قبل رحيله. 

منذ أيام فقدت صديقًا غاليًا أحببته كثيرًا، كان خبر رحيله صادمًا، لكنها إرادة الله التي لا راد لها، الله الذي لا يساورني شك في اتساع رحمته وجميل عفوه، وأنه اختار «طلال» ليعيش حياة أُخرى، بمبعدة عن الألم والوجع والخوف. 

- يأخذ الكُرهُ مسميات وألوانا وأنماطا عديدة، تفرضها المصالح والتنافس على ما لا يجب التنافس عليه، يقف الكُرهُ على أبواب بيئات العمل والسكن والتعلم، لكن الحب لا يعرف إلا مسمى واحدًا وهو «الحب». الحب قيمة رفيعة لا يستشعرها إلا من عرف معنى التضحية والعطاء، لا يقدّر قيمته إلا نقي السريرة، صادق الأحاسيس. 

- ما يُحزن المرء، أنه يسعى صادقًا لأن يزرع قيمة رفيعة في روح إنسان يحبه، لكنّ رسالته تستقبل بصورة خاطئة، فتكون النتيجة عكس ما يتمنى، فلا الرسالة المطلوب إيصالها وصلت، ولا الهدف المُراد تحقيقه تحقق. 

- قد نتمكن بصورة أو بأخرى من العثور على المال، قد نهتدي إلى طريق جمعه كيفما تأّتى، لكن من المُحال أن نهتدي إلى حيث ينبت الحب، أن نستحوذ على قلوب الآخرين إلا عبر بوابة لين الجانب وبذل الود. البعض أُعطي ملكَة الانتصار للحب والخير، والبعض جُعل نصيبه حشد أكبر عدد ممكن من الأعداء. 

النقطة الأخيرة.. 

يروي مكسيم جوركي في روايته «الأم» عن بطله نيقولاي قوله: «المال حاجة رديئة مقلقة، أخذه مزعج كثيرًا، وكذلك عطاؤه». 

عُمر العبري كاتب عُماني