بشاير البلوشية .. فن يدمج بين الثقافات ويعكس الحياة اليومية والأسرية
الاثنين / 23 / صفر / 1447 هـ - 18:11 - الاثنين 18 أغسطس 2025 18:11
'العُمانية': تنطلق الفنانة والمصوّرة الضوئية بشاير بنت فقير البلوشية في أعمالها من كونها مصممة ومهتمة بالتراث والفنون العُمانية، بالإضافة إلى العمارة العُمانية الحديثة وعصر النهضة في سلطنة عُمان. كما شاركت في العديد من المعارض الفنيّة الخاصة بالتصوير الضوئي والفن التشكيلي، مرورًا بأخرى تتعلق بجوائز على المستوى المحلي.
وترى 'البلوشية' ضرورة أن يتم تدوين الهوية العُمانية عن طريق الفن التركيبي والتشكيلي من خلال القصص القديمة أو قصص الحاضر، خاصة الحاضر الثقافي والحياة اليومية التي تستحق التدوين بشتى أنواع الفنون والثقافة، لكي تكون مرجعًا للأجيال القادمة ولأي فرد خارج سلطنة عُمان.
وتنتقل الفنانة في أعمالها حاليا بين إظهار الهوية العُمانية القديمة التي عاشها الأجداد وبين الهوية العُمانية الحالية، معقبة: “وهو ما يراه البعض بأن هذا الخلط بين الهوية الحديثة والجديدة ضرب من الجنون، ولكن أنا أراه مسؤوليتي بأن أكون مصدر توثيق للأجيال القادمة”. وأشارت إلى أن دمجها بين قصص الماضي والحاضر برز في أعمالها (التمائم) و (بيت الطفولة)، وهما مصدر لتبادل الأحاديث بين الحضور من أجيال مختلفة. لافتةً إلى أن معرضها الشخصي الذي حمل عنوان (في بيتنا) ما هو إلا انعكاس للحياة اليومية والأسرية التي نعيشها في مجتمعنا الحاضر، ولكي يكون مصدرًا ومرجعًا فنيًّا يروي حكاية الإنسان العُماني في الخارج على شكل أعمال فنية مخلدة.
وأظهرت الفنانة التشكيلية في أعمالها دور البيئة العُمانية المتنوعة قائلة: “نحن محظوظون بأننا نعيش في هذه الأرض التي تتمتع بجغرافيا ومناخ وثقافات متنوعة، وهذا كفيل بأن يكون مصدر إلهام، يساعدنا بأن نستلهم القصص والحوارات في أعمالنا سواء الفنية أو الأدبية بشتى المجالات. أعمالي دائمًا مستلهمة من القصص العُمانية سواء القديمة أو الحديثة، الفلكلور والعمارة العُمانية بشتى أنواعها، وأحب أن أضيف عناصر ألوان مستلهمة من البيئة الجغرافية في سلطنة عُمان”.
وأوضحت أن دمجها بين الثقافة العُمانية وبين ثقافات متعددة ما هو إلا انعكاس لشخصيتها، مشيرةً إلى أبرز هذه الأعمال وهو العمل التركيبي (هويات متعددة) الذي دمجت فيه حياة القاطنين في السواحل العُمانية وحب الإنسان العُماني للتعرف على ثقافات العالم الخارجي واللبس العُماني المدموج بهوية ثقافات دول أخرى. موضحةً: “هذه شخصية الإنسان في سلطنة عُمان على المدى الطويل بأن يتغرّب ويسافر ويرحل ويبحر حول العالم، ولكن ثقافته تنعكس عليه ولا ينساها، بل يظهرها في كل جوانب حياته”.
وتعتبر الفنانة بشاير أن عالمي الفن والتصميم متداخلان بشكل كبير، تستطيع من خلالهما أن توجد عملًا فنيًا، فحين تدمج بين عناصر التصميم والفن والتصوير الفوتوغرافي والسينمائي، هنا بإمكانها أن تبتكر العمل الذي رسمته مخيلتها. وتؤكد: “هناك أعمال فنية تحتاج بناءً مكثفًا في جميع العناصر، كأعمال تصوير الفيديو التي تحتاج أن أصمّم وأبني خلفية وقطع أثاث تناسب مضمون العمل، وأيضًا تصميم الملابس التي تناسب قصة العمل، وبعد ذلك الإخراج والتصوير والتحرير. وأيضًا في معارضي الشخصية أحب أن أدمج مهاراتي المتعددة التي تُظهر شخصيتي في تصميم القطع والرسم والتصوير وأعمال الفيديو التصويري أو الحركي. أنا أحب اتباع مدرسة ريتشيوتو كانودو وجورج ميلييس ودافنشي الذين يعملون في أكثر من مجال، ولا توجد حدود وقيود تمنع تنقلهم في عدة مجالات في آن واحد، ورغم التنقل وتعدد المجالات والهوايات، هذا لا يجعلهم متشتتين، بل العكس تمامًا حيث الإبداع يظهر في أعمالهم بشكل كبير”.
وصوّرت الفنانة العمارة العُمانية في سلسلة (في حضن السماء) التي بدأت بالعمل عليها منذ عام 2018م، مبرزة المباني العُمانية بشتى أنواعها مع إبراز السماء وكأنها تحوي تلك المباني، مركّزة على التراث الحديث الذي تعتبره مصدر اهتمامها.
وأشارت الفنانة إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الفنانين: النوع الأول يحب أن يجعل أعماله سهلة وتصل إلى المتلقي بسهولة، والنوع الثاني الذي يحب التواصل مع الجمهور ويشرح أعماله، ويشعر بأن وجوده حلقة مهمة للتواصل، والنوع الثالث هو الذي يشعر بأن الفن لا يجب أن يُشرح، بل يجب على المتلقي أن يكون ذا استيعاب كبير ويفهم أعماله.
وأضافت: “من وجهة نظري، الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه أو مجال عرض، بل هو لغة. جميعنا كبشر نتقن لغة التحدث، وهناك لغات عدة لا نفهمها ولا نتقنها، وهذا الكلام ينطبق على الجمهور المتلقي. ليس على الجمهور أن يتقن لغتي الفنية، هنا يأتي دوري لكي أترجم لغتي الفنية ولا يكون هناك أي نوع من سوء الفهم”.
وعن كون الفن مرآة للإنسانية، وصفت البلوشية الفن بالعنصر المهم لصوت المجتمع، وأن الفنان هو الناقل الرسمي لمعاناة الإنسان وقضاياه، بالذات الفنانين المنتمين للمدارس الحديثة والمفاهيمية، إذ تبرز أعمالهم مشكلة معيّنة أو قضية ما. فالكثير من أحوال المجتمع وقضاياه تغيرت بسبب صورة فوتوغرافية أو فيديو أو رسمة تشكيلية أو كاريكاتورية. وأعربت عن أملها في أن يتبنى المجتمع فكرة المزادات الفنية للمساعدات الإنسانية، التي تسهم في إبراز الأعمال الفنية والإنسانية للفنان بشكل فعّال في المجتمع، وهي دليل على التكاتف والعمل كجدار آمن في تكوين الإنسانية.