تمويل المناخ العادل يستلزم إصلاح الديون
الاثنين / 9 / صفر / 1447 هـ - 22:22 - الاثنين 4 أغسطس 2025 22:22
ذلك أن الهيكل المالي العالمي، الذي شكلته ديناميكيات القوة الاستعمارية، مصمم عمليا لترسيخ التفاوت. فعند إصدار قروض للاقتصادات النامية، تفرض مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي غالبا شروطا تقيد الحيز المالي المتاح لهذه البلدان وترسخ التقشف في السياسة المحلية. وبالتالي، تأتي الإغاثة في الأمد القريب مصحوبة بأغلال بعيدة الأمد.
وقد كررت جنوب أفريقيا، التي تولت رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر 2024، هذا النهج. على سبيل المثال، في اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في فبراير، دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا القطاع الخاص، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية، إلى تنفيذ «آليات تمويل وتأمين مبتكرة» الهدف منها زيادة التمويل للوقاية من الكوارث وإعادة البناء بعد الكوارث.
لكن القطاع الخاص كافح طويلا للمشاركة بفعالية في المفاوضات بشأن المناخ أو تحديد المشاريع القابلة للتطبيق التي تخدم أهداف المناخ والتنمية والأهداف التجارية في آن واحد.
ولأن مشاريع البنية الأساسية اللازمة لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ تنضج على مدار فترة تتراوح بين عشرين وثلاثين عاما، تحتاج البلدان إلى القدرة على الوصول إلى التمويل الطويل الأجل على نحو يمكنها التعويل عليه.
لكن أسواق الائتمان تعمل على آفاق زمنية تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، وهذا يعني أن المقترضين تنتهي بهم الحال غالبا إلى التدافع للحصول على مزيد من رأس المال، وقد تكون هذه الحال عامرة بانعدام اليقين ومكلفة.
وينبغي لرامافوزا ــ الذي أعرب عن دعمه لإصلاح أنظمة التصنيف الائتماني العالمية ــ أن يساعد في قيادة هذه العملية. ولكن في الوقت ذاته، يجب أن ندرك حدود رأس المال الخاص، خاصة عندما يتعلق الأمر بتمويل التكيف والخسائر والأضرار. ولا بديل عن التوسع بدرجة كبيرة في الـمِـنَح والتمويل العام. تقع مسؤولية معالجة التحيزات في النظام المالي العالمي على عاتق المجتمع الدولي بأسره ــ وبشكل خاص الاقتصادات المتقدمة التي تخفض الآن ميزانياتها المخصصة للمساعدات في مجال العمل المناخي.
ومع ذلك، يتعين على البلدان الأفريقية أن تتحمل قدرا أعظم من المسؤولية عن قيادة التغيير. في كثير من الأحيان، فشلت أفريقيا في اتخاذ نهج موحد في التعامل مع القضايا العالمية وتعظيم قدرتها التفاوضية الجماعية.
ويجب أن تشمل الأولويات الإلغاء الشامل لديون البلدان المعرضة للتأثيرات المترتبة على تغير المناخ؛ وإصلاح أنظمة التصنيف الائتماني وهياكل التكاليف الرأسمالية التي تعاقب الاقتصادات الأفريقية بصورة غير عادلة؛ وزيادة استخدام الأدوات غير المرتبطة بالديون مثل الـمِـنَـح لتمويل العمل المناخي. من الأهمية بمكان أن يُـطرَح على الطاولة أيضا نظام ضريبي عالمي قادر على استخدام الإيرادات لتمويل القدرة على التكيف في الاقتصادات النامية. ينبغي لهذه الجهود أن تستند إلى المبادرات والمقترحات القائمة، مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المقترحة بشأن الديون السيادية، والتي من شأنها أن تقدم نهجا جديرا بالثقة، وتعاونيا، وقائما على الحقوق لإصلاح الديون.
وسوف تشكل قمة المناخ الأفريقية التي ستنعقد في أديس أبابا في سبتمبرمن هذا العام لحظة مهمة لترسيخ التقدم والتحدث بصوت موحد قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثلاثين. إلى جانب جنوب أفريقيا، ينبغي للاتحاد الأفريقي ــ الذي أصبح الآن عضوا دائما في مجموعة العشرين ــ أن يضطلع بدور رائد في هذه العملية، وأن يوجه المناقشات العالمية نحو إنشاء نظام مالي يعكس حقائق اليوم المتعددة الأقطاب، وليس الديناميكيات الاستعمارية التي كانت سائدة في الماضي. هذه مسألة عدالة وليست صَدَقة.
ومع وجود الاقتصادات النامية على خطوط أزمة المناخ الأمامية، من غير الممكن أن يكون الموقف أشد إلحاحا مما أصبح عليه الآن.