"المدينة العجيبة".. غرائبية المكان وهموم مشتركة!
مسرحية قدمتها «تواصل» لخمسة أيام
الخميس / 5 / صفر / 1447 هـ - 20:50 - الخميس 31 يوليو 2025 20:50
«المدينة العجيبة»، عنوان مسرحية يوحي بدخول المشاهدين إلى عالم يختلف عن عالمنا الواقعي والاجتماعي، وهذا ما حدث فعلا في هذا العمل المسرحي الذي قدمته فرقة تواصل المسرحية على مدار خمسة أيام ابتداءً من 27 حتى 31 يوليو على خشبة مسرح كلية الدراسات المصرفية والمالية في مسقط.
وتميّز مخرج العمل وصاحب الفكرة الفنان سامي البوصافي بتقديم عرض كسر الكثير من الحواجز لطرح العديد من القضايا الاجتماعية بقالب كوميدي يحمل رسائل كثيرة ومتعددة سواء للجهات الرسمية أو حتى أفراد المجتمع.
ويقدم العمل، وهو من تأليف الكاتب المسرحي أسامة بن زايد الشقصي، قضية رئيسية تتمثل في قضية الباحثين عن عمل، وكيف لهذه القضية أن تؤرّق الشباب الطامح لحياة مستقرة وتكوين أسرة والاستقلال بالذات بدلا من الاعتماد على العائلة، ففي ظل ذلك يشعر الباحث عن عمل أنه ثقيل على عائلته وعلى مجتمعه ويفقد ثقته بنفسه وبمستواه التعليمي العالي وتخصصه الفريد.
كذلك كان «عايش»، والذي قام بتأدية شخصيته الفنان حامد السيد، إذ افتُتح العمل المسرحي بمشهده، مناديا بأعلى صوته للوظيفة، التي تعد له حلما ومخلّصا من معاناته الكبيرة في مواجهة الحياة وتقلباتها وظروفها الصعبة، في تلك الأثناء يدخل «عايش» في حوار مع «ضميره»، وقد قام بتأدية دور الضمير الفنان عامر الوهيبي، لتزيد حدة الصراع الداخلي، فهذا الضمير الداخلي يؤمن بما يقوله بعض دعاة «الطاقة الإيجابية» بأنه بكلمات عديدة يستطيع أن يحقق مراده، يخبر الضمير «عايش» بأنه يملك طريقة للوصول إلى الوظيفة، بمجرد أن يقول «أنا أستطيع»!
يطول الحوار بين «عايش» وضميره قبل أن يتلقى فرصة للذهاب إلى المدينة العجيبة، حيث الوظائف الشاغرة التي يأمل أن تناسب مؤهلاته العلمية، فهو خريج الهندسة النووية، والقادر على استثمار مهاراته ومعلوماته في بناء مولدات طاقة كهربائية تستفيد منها المدينة، لذا يقرر أن يطرح ضميره جانبا ويتخذ قراره بنفسه.
التغريب
اعتمد مخرج العمل على تغريب العمل المسرحي، وتركز التغريب على الأزياء والديكور، بداية من المشهد الأول، أي ما قبل الوصول إلى المدينة العجيبة، إلى الدخول في العالم العجيب، إذ تغرّبت الأزياء أكثر وبدت أكثر دهشة وبعدا عن المجتمع المحلي، ويبدو أن المخرج لجأ إلى التغريب للابتعاد عن محاولة إسقاط القضايا في العمل المسرحي بشكل مباشر على المجتمع المحلي، أو ربما حمل رسالة بأن القضايا الاجتماعية في الوقت الراهن هي قضايا يشترك فيها العالم بأسره، وليست مرتبطة ببقعة جغرافية واحدة. كما تركز التغريب على الموسيقى التصويرية للعمل، بما فيها الأغاني التي سُجلت خصيصا للعمل.
شبّاك التذاكر
قدمت فرقة «تواصل» المسرحية هذا العمل كتجربة ترفيهية لترسيخ أهمية التسويق للمسرح العماني، وأن يكون المسرح ذات يوم وجهة للعائلة والأفراد ومتنفسا ترفيهيا كأي متنفس ترفيهي آخر يُدفع من أجله. تمثلت التجربة بفتح شباك التذاكر لهذا العرض الذي تواصل لخمسة أيام، عبر توفير 3 درجات من المقاعد، المقاعد الخاصة بقيمة 10 ريالات عمانية بدلا من 20 ريالا عمانيا كما تم الإعلان، والمقاعد الوسطية بقيمة 6 ريالات، والمقاعد الأخيرة بقيمة 5 ريالات. وتُعد هذه التجربة مقياسا للإقبال الحالي على العروض المسرحية المحلية، وذلك بهدف التأسيس لثقافة المسرح التجاري، الذي يعد استثمارا مشروعا وداعما للحراك الفني العماني بشكل عام، وداعما للفرق المسرحية الأهلية بشكل خاص. كما أن ثقافة المسرح التجاري تفتح بابا للتنافس على تقديم العروض المسرحية التي تجذب الجمهور. وبهذا العمل تؤكد فرقة تواصل المسرحية أنها جديرة بثقة الجمهور، وأنها حينما تطرح عملا مسرحيا جديدا فلن تقدم إلا ما يليق بالجمهور من خلال تقديم فكرة فريدة، وفن جميل، وأسماء مسرحية أثبتت عفويتها ومهارتها في آنٍ واحد ونالت ثقة الجمهور، فتواصل تُواصِل السعي للتعريف بالمسرح العماني وتؤمن أن تجربة حضور عمل مسرحي كفيلة بتغيير نظرة متشائمة يحملها البعض عن مسرحنا العماني.