إنقاذ السودان ممكن... عبر تعاون كل الأطراف المعنية!!
الاثنين / 1 / محرم / 1446 هـ - 21:42 - الاثنين 8 يوليو 2024 21:42
إذا كانت الدول والمجتمعات وحتى الأفراد مرهونة بظروفها وتفاعلات العوامل المؤثرة فيها بشكل مباشر وغير مباشر وما تؤول إليه هذه التفاعلات من تقاطعات مصالح متعارضة، ظاهرة ومستترة، فإنه يمكن القول إن الدول ذات الثروات والموارد تتكالب عليها عادة أطماع القوى المختلفة المحلية وبالطبع الإقليمية والدولية إذا استطاعت أن تجتذب بعض الأطراف أو القوى المحلية وتربطها بها وبمصالحها بشكل أو بآخر. ومن ثم تتحول تلك القوى المحلية إلى أدوات عمل ووسائل لتحقيق أطماع لقوى خارجية على حساب الوطن وشعبه، وحاضره ومستقبله، وبدلا من أن يكون الوطن منكوبا بموارده التي تثير أطماع الآخرين فإنه يكون منكوبا أيضا بإدارته التي تحوّل الوطن إلى ساحة صراع ومواجهة تحت شعارات شتى، ويدفع الشعب والوطن ذاته ثمنها من حاضره ومستقبل أجياله. ومن المؤسف أن السودان الشقيق هو من بين أكثر من دولة عربية تكالبت عليها لعنة الموارد ولعنة الصراع الداخلي بأشكال عدة حتى اندلعت المواجهة السافرة بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة اللواء محمد حمدان دقلو - حميدتي. والغريب أن الشعارات على الجانبين تكاد تتطابق وحتى الآن وبعد نحو 15 شهرا من القتال لم يتمكن الطرفان من الجلوس معا والتفاوض الجاد للحفاظ على السودان ووحدته وصيانة موارده. والمؤسف أن أشهر المواجهة والصراع لم تنجح سوى في تدمير جانب غير قليل من البنية الأساسية الهشة وإحياء الممارسات الميليشياوية والصراعات القبلية والجهوية، وتدمير العلاقات بين قوى تم التعويل عليها في وقت سابق لحماية وحدة السودان ومصالحه. والآن تمارس الأطراف المتصارعة الانتحار الذاتي. وليس من المبالغة القول بأن السودان الشقيق تعرّض على مدى الأشهر الماضية لنوع من الإهمال المتعمد من جانب القوى والأطراف الإقليمية والدولية والتي تركت السودان لتتفاعل أطراف الصراع معا بالسلاح ولتبحث كل منها عن مصادر سلاح وعن تحالفات وتمويلات بأية شروط ممكنة. يحدث ذلك برغم وجود مظاهر مختلفة للعمل أو للتظاهر بالعمل ولكن فقط لإبراء الذمة لأن تلك التحركات افتقدت في معظمها للجدية وللرغبة الحقيقية في الحل بدليل استمرار المواجهات والخلافات بين الجيش وبين أكثر من طرف إقليمي مثل «الإيجاد» التي جمّدت الخرطوم التعاون معها، وكذلك ممثل الأمم المتحدة في السودان، كما اتهمت أطراف إقليمية ودولية الأطراف السودانية بعدم الرغبة في الحل لتحمّلها مسؤولية استمرار الصراع وبذلك وجد السودان نفسه ضحية صمت حتى لا نقول «مؤامرة» يحترق فيها السودان ويتعرّض فيها لمخاطر التقسيم والتفتت أكثر من أي وقت مضى بكل ما يترتب على ذلك من مخاطر تهدد ليس فقط حاضر ومستقبل السودان ووحدته الوطنية ولكن، أيضا، تهدد محيطه الإقليمي وفي المقدمة منه الأمن المصري والعربي حاضرا ومستقبلا. وفي ضوء ذلك فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها ما يلي:
أولا: في الوقت الذي حاولت فيه القوى المدنية السودانية، وهي قوى متعددة ومتنوعة، تشكيل قوة ضغط على القوى المتصارعة، أي الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن ذلك وإن كان قد نجح في العام الماضي بحكم المظاهرات الشعبية والضغوط التي شكلتها في الأشهر الأولى للحرب وتشكيل حكومة عبدالله حمدوك، إلا أن استقالة حمدوك واستمرار واتساع نطاق المواجهة المسلحة بين الجيش والدعم السريع وتدخل أطراف إقليمية في الأزمة بأهداف وعناصر تأثير فعالة قد أثّرت في العلاقة بين القوى المدنية وبين الجيش الذي يعارض أي تدخل خارجي في الأزمة السودانية، ووصل الأمر إلى أن الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني دعا الدكتور حمدوك الذي قام بجولة خارجية مؤخرا إلى العودة إلى السودان والتحرك من الداخل في حين أن البرهان نفسه قام بعدة زيارات خارجية. كما قام حميدتي وقيادات سودانية أخرى بزيارات خارجية وهو ما أضعف في الواقع التيار المدني خاصة أن هناك قناعة ما من جانب الجيش أن حمدوك يتعاطف مع حميدتي، ومن منطلق الإيمان بأهمية وضرورة قيام التيار المدني بدور قام حمدوك بتشكيل تنسيقية «تقدم» للحفاظ على قدر من القوة للتيار المدني بالتعاون مع قوى مدنية أخرى خاصة أنه يحظى باحترام العديد من القوى السودانية ذات التوجهات المختلفة والتي تتفق في النهاية على أهمية المشاركة من جانب قوى التيار المدني في العمل على حل الأزمة السودانية وعدم ترك الأمر للقوى العسكرية التي تستخدم السلاح للانتحار الذاتي وتدمير البنية الأساسية السودانية وهو ما أثّر في الواقع على المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع وأضفى عليها طابعا ميليشياويا بقيادة حميدتي حيث نرتبط به شخصيا وقبليا أيضا. ويفسر ذلك جانبا مما يجري على الساحة السودانية وتعمّد بعض الأطراف الإقليمية خلط الأوراق ودعم قوات الدعم السريع لخدمة مصالحها بغض النظر عن مصالح السودان كدولة وكمجتمع في الحاضر والمستقبل. في ظل هذه المخاطر جاءت الدعوة المصرية لعقد مؤتمر القاهرة للقوى السودانية السياسية والمدنية بحضور شركاء إقليميين ودوليين، وهو المؤتمر الذي عقد يوم السبت الماضي السادس من يوليو الجاري.
ثانيا: في الوقت الذي يكتسب فيه مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية أهميته من مجمل الحراك الداخلي والإقليمي والدولي حول الأوضاع في السودان والسعي إلى دفعها نحو الانفراج النسبي يلتقي كثيرون حول ضرورته خاصة في ظل التحركات في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي الذي سيعقد مؤتمرا حول السودان في العاشر من الشهر الجاري لمحاولة التمهيد للقاء بين البرهان وحميدتي في إطار اللجنة التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، فإنه من المأمول أن تلتقي الجهود العربية والإفريقية والدولية أيضا من أجل التمهيد للقاء بين البرهان وحميدتي تمهيدا لوقف القتال بين الجيش والدعم السريع، ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه بالرغم من أن مؤتمر القاهرة أكد في بيانه الختامي على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان وعلى دعم مقررات جدة التي تم التوصل إليها في العام الماضي والتي تشكّل إطارا يحظى بموافقة الطرفين المتحاربين وبتأييد الأطراف العربية والإقليمية والدولية المؤثرة فإن الاتحاد الإفريقي سيعقد في أوغندا غدا مؤتمرا حول السودان ومن المأمول أن يتمكن من البناء على مؤتمر القاهرة للتأكيد على أهمية وضرورة أن يكون الحل في السودان سودانيا وأن يكون بعيدا عن أي تدخل لأطراف خارجية أو أجندات أجنبية، وأن يحافظ على وحدة السودان، وهو ما أكدت عليه الأطراف المعنية بالحفاظ على وحدة واستقلال السودان، خاصة أن الفشل في ذلك يضر السودان والإطار حوله، كما دعا مؤتمر القاهرة إلى التعاون لبحث المشكلات التي يعاني منها السودان بسبب الحرب وهي مشكلات معروفة وتتطلب الكثير من الجهود حسبما أكدت أكثر من هيئة في الأمم المتحدة ذاتها.
ثالثا: مع اليقين بأن مصلحة السودان دولة ومجتمعا ومواطنا لن تتحقق إلا عبر المخلصين من أبناء الشعب السوداني الشقيق والذين يضحّون من أجل مصلحة الوطن والمواطن السوداني ولا يتعاملون معه كساحة معركة يمكن تدميرها للسيطرة عليها في صراع غير قابل للحل بالسلاح، فإن الدرس العملي المستفاد لنحو خمسة عشر شهرا من الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع هو مسؤولية القيادات في الواقع للحفاظ على المصلحة الوطنية وعدم قياسها أو النظر إليها عبر المصلحة الخاصة التي تتضاءل إلى حد بعيد أمام المصلحة والمسؤولية الوطنية وهنا فإن سيطرة أحد الأطراف على سلاح بشكل أو بآخر يرتب في الواقع مسؤولية حماية الدولة والمجتمع ضد أية محاولات للإضرار بها وليس الانجرار لمواجهات أو لحروب تدمّر الأخضر واليابس بمبررات وشعارات أنانية كاذبة كما هو الحال في السودان الشقيق وفي أكثر من مثال أبرزها تقسيم السودان نفسه إلى شمال وجنوب للإبقاء على الفريق عمر البشير في الحكم. وفي ضوء ذلك فإنه ليس مصادفة أن تتحدث أطراف سودانية وغير سودانية عديدة عن مبدأين أساسيين في العلاقات بين الدول وفي الحفاظ على الدولة ومصالحها الوطنية وهما مبدءا احترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها وبناء ثقة متبادلة ترسي أسس الأمن المتبادل بين الأشقاء من ناحية، وبناء قوات مسلحة قوية ومهنية وقادرة على حماية المصالح الوطنية بعيدا عن المصالح الفردية أو الفئوية أو القلية أو الإثنية أو المذهبية ودون تعريض تماسك أو ولاء هذه القوات لما قد يعرضها للخطر تحت أي سبب من الأسباب من ناحية ثانية ويتطلب ذلك بناء كوادر وقيادات وطنية مؤهلة ومخلصة وقادرة على الوفاء بمهمة حماية الوطن ومصالحه بأفضل السبل وأكثرها فاعلية وبعيدا عن أية مناورات عير محسوبة ويتطلب ذلك تعاون الجميع.
أولا: في الوقت الذي حاولت فيه القوى المدنية السودانية، وهي قوى متعددة ومتنوعة، تشكيل قوة ضغط على القوى المتصارعة، أي الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن ذلك وإن كان قد نجح في العام الماضي بحكم المظاهرات الشعبية والضغوط التي شكلتها في الأشهر الأولى للحرب وتشكيل حكومة عبدالله حمدوك، إلا أن استقالة حمدوك واستمرار واتساع نطاق المواجهة المسلحة بين الجيش والدعم السريع وتدخل أطراف إقليمية في الأزمة بأهداف وعناصر تأثير فعالة قد أثّرت في العلاقة بين القوى المدنية وبين الجيش الذي يعارض أي تدخل خارجي في الأزمة السودانية، ووصل الأمر إلى أن الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني دعا الدكتور حمدوك الذي قام بجولة خارجية مؤخرا إلى العودة إلى السودان والتحرك من الداخل في حين أن البرهان نفسه قام بعدة زيارات خارجية. كما قام حميدتي وقيادات سودانية أخرى بزيارات خارجية وهو ما أضعف في الواقع التيار المدني خاصة أن هناك قناعة ما من جانب الجيش أن حمدوك يتعاطف مع حميدتي، ومن منطلق الإيمان بأهمية وضرورة قيام التيار المدني بدور قام حمدوك بتشكيل تنسيقية «تقدم» للحفاظ على قدر من القوة للتيار المدني بالتعاون مع قوى مدنية أخرى خاصة أنه يحظى باحترام العديد من القوى السودانية ذات التوجهات المختلفة والتي تتفق في النهاية على أهمية المشاركة من جانب قوى التيار المدني في العمل على حل الأزمة السودانية وعدم ترك الأمر للقوى العسكرية التي تستخدم السلاح للانتحار الذاتي وتدمير البنية الأساسية السودانية وهو ما أثّر في الواقع على المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع وأضفى عليها طابعا ميليشياويا بقيادة حميدتي حيث نرتبط به شخصيا وقبليا أيضا. ويفسر ذلك جانبا مما يجري على الساحة السودانية وتعمّد بعض الأطراف الإقليمية خلط الأوراق ودعم قوات الدعم السريع لخدمة مصالحها بغض النظر عن مصالح السودان كدولة وكمجتمع في الحاضر والمستقبل. في ظل هذه المخاطر جاءت الدعوة المصرية لعقد مؤتمر القاهرة للقوى السودانية السياسية والمدنية بحضور شركاء إقليميين ودوليين، وهو المؤتمر الذي عقد يوم السبت الماضي السادس من يوليو الجاري.
ثانيا: في الوقت الذي يكتسب فيه مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية أهميته من مجمل الحراك الداخلي والإقليمي والدولي حول الأوضاع في السودان والسعي إلى دفعها نحو الانفراج النسبي يلتقي كثيرون حول ضرورته خاصة في ظل التحركات في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي الذي سيعقد مؤتمرا حول السودان في العاشر من الشهر الجاري لمحاولة التمهيد للقاء بين البرهان وحميدتي في إطار اللجنة التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، فإنه من المأمول أن تلتقي الجهود العربية والإفريقية والدولية أيضا من أجل التمهيد للقاء بين البرهان وحميدتي تمهيدا لوقف القتال بين الجيش والدعم السريع، ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه بالرغم من أن مؤتمر القاهرة أكد في بيانه الختامي على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان وعلى دعم مقررات جدة التي تم التوصل إليها في العام الماضي والتي تشكّل إطارا يحظى بموافقة الطرفين المتحاربين وبتأييد الأطراف العربية والإقليمية والدولية المؤثرة فإن الاتحاد الإفريقي سيعقد في أوغندا غدا مؤتمرا حول السودان ومن المأمول أن يتمكن من البناء على مؤتمر القاهرة للتأكيد على أهمية وضرورة أن يكون الحل في السودان سودانيا وأن يكون بعيدا عن أي تدخل لأطراف خارجية أو أجندات أجنبية، وأن يحافظ على وحدة السودان، وهو ما أكدت عليه الأطراف المعنية بالحفاظ على وحدة واستقلال السودان، خاصة أن الفشل في ذلك يضر السودان والإطار حوله، كما دعا مؤتمر القاهرة إلى التعاون لبحث المشكلات التي يعاني منها السودان بسبب الحرب وهي مشكلات معروفة وتتطلب الكثير من الجهود حسبما أكدت أكثر من هيئة في الأمم المتحدة ذاتها.
ثالثا: مع اليقين بأن مصلحة السودان دولة ومجتمعا ومواطنا لن تتحقق إلا عبر المخلصين من أبناء الشعب السوداني الشقيق والذين يضحّون من أجل مصلحة الوطن والمواطن السوداني ولا يتعاملون معه كساحة معركة يمكن تدميرها للسيطرة عليها في صراع غير قابل للحل بالسلاح، فإن الدرس العملي المستفاد لنحو خمسة عشر شهرا من الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع هو مسؤولية القيادات في الواقع للحفاظ على المصلحة الوطنية وعدم قياسها أو النظر إليها عبر المصلحة الخاصة التي تتضاءل إلى حد بعيد أمام المصلحة والمسؤولية الوطنية وهنا فإن سيطرة أحد الأطراف على سلاح بشكل أو بآخر يرتب في الواقع مسؤولية حماية الدولة والمجتمع ضد أية محاولات للإضرار بها وليس الانجرار لمواجهات أو لحروب تدمّر الأخضر واليابس بمبررات وشعارات أنانية كاذبة كما هو الحال في السودان الشقيق وفي أكثر من مثال أبرزها تقسيم السودان نفسه إلى شمال وجنوب للإبقاء على الفريق عمر البشير في الحكم. وفي ضوء ذلك فإنه ليس مصادفة أن تتحدث أطراف سودانية وغير سودانية عديدة عن مبدأين أساسيين في العلاقات بين الدول وفي الحفاظ على الدولة ومصالحها الوطنية وهما مبدءا احترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها وبناء ثقة متبادلة ترسي أسس الأمن المتبادل بين الأشقاء من ناحية، وبناء قوات مسلحة قوية ومهنية وقادرة على حماية المصالح الوطنية بعيدا عن المصالح الفردية أو الفئوية أو القلية أو الإثنية أو المذهبية ودون تعريض تماسك أو ولاء هذه القوات لما قد يعرضها للخطر تحت أي سبب من الأسباب من ناحية ثانية ويتطلب ذلك بناء كوادر وقيادات وطنية مؤهلة ومخلصة وقادرة على الوفاء بمهمة حماية الوطن ومصالحه بأفضل السبل وأكثرها فاعلية وبعيدا عن أية مناورات عير محسوبة ويتطلب ذلك تعاون الجميع.