بريد القراء

الأثر الاقتصادي والاجتماعي للذكاء الاصطناعي

 
يعد الذكاء الاصطناعي أبرز مخرجات الثورة الرابعة التي تشهد تغيرات متسارعة وتتطور فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، الأمر الذي أدى إلى تغير طريقة ممارساتنا اليومية وطرق قيامنا بمختلف الأعمال، وربما استخدم معظمنا إحدى تقنيات أو أنظمة الذكاء الاصطناعي سواء بقصد أو بدون قصد، ويمكن أن نعرف الذكاء الاصطناعي على أنه استخدام التكنولوجيا الرقمية لإنشاء تقنيات قادرة على تأدية مهام تحاكي القدرات البشرية وأنماط عملها، وتقوم هذه التقنيات بتحليل البيئة المحيطة والقيام بتنبؤات وتوصيات. كما يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات كالرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة والصناعة، والنقل والمرور وغيرها.

ويأخذ الذكاء الاصطناعي دورا محوريا في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية، حيث تنظر معظم الدول على أن الذكاء الاصطناعي محرك أساسي للنمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية، ولا سيما ما يوفره الذكاء الاصطناعي من قدرته على تحليل بيانات ضخمة ومعقدة وإنجازه للمهام بسرعة ودوره في تحسين عملية صنع القرار، ومع تطور التكنولوجيا ورغبة البشر في الاستفادة مما يقدمه الذكاء الاصطناعي فقد زادت براءات الاختراع في مختلف مجالات استخدامات الذكاء الاصطناعي، حيث كشف تقرير«WIPO» بأن معظم براءات الاختراع التي قدمت بشأن الذكاء الاصطناعي كانت في مجالات الاتصالات، والنقل، والعلوم الإنسانية والطبية، والخدمات المصرفية والمالية، كما كشفت أيضا بعض الدراسات بأن استخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات والقطاعات سيكون له أثر واضح وملموس في اقتصاد الدول، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 40%، كما سيوفر الذكاء الاصطناعي قوة عاملة افتراضية قادرة على حل المشكلات، وسيستفيد الاقتصاد من ارتفاع معدل الابتكار مما سيزيد من إيرادات الدول، فبحسب دراسة أجرتها «PWC» أن الناتج المحلي للعالم قد يرتفع إلى 14% بحلول عام 2030م نتيجة لتطور استعمالات أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD» بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستعمل على تحسين عملية صنع القرار وخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات.إضافة إلى أن ظهور تقنيات عديدة للذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تأسيس شركات ناشئة قادرة على إنجاز الأعمال التي تقوم بها الشركات الرائدة وهو ما سيسهم في زيادة المنافسة وانخفاض تكلفة شراء هذه التقنيات وتقليص الفجوة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة وبالتالي قدرة الأفراد والمؤسسات على الاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع.

ومن الآثار المترتبة لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي هو زيادة معدل التوظيف في الشركات والقطاعات التي تعمل على تصنيع وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما أن الوظائف التي تطلب مهارات عالية سيزداد الطلب عليها وبالتالي ارتفاع أجور العاملين فيها وفي المقابل ربما سيواجه العمال الذين يؤدون الأعمال الروتينية إلى خطر الباحثين عن عمل بسبب قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على إنجاز مثل هذه المهام.

أخيرا، لا بد من حماية المنظومة الاجتماعية من المخاطر التي قد يسببها الذكاء الاصطناعي والالتزام بالميثاق الأخلاقي للذكاء الاصطناعي لتعزيز الأثر الإيجابي في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي.