رأي عُمان

التغيرات المناخية ومتطلبات المرحلة التنموية

 
عبر المنخفض الجوي «المطير» الذي أثرّ على معظم محافظات سلطنة عمان خلال هذا الأسبوع بأمطار شديدة الغزارة وسيول جارفة تسببت في عدد من الوفيات تركت في نفوس الجميع ألما وحزنا عميقا. وهذه ليست المرة الأولى التي تتأثر فيها سلطنة عمان بمنخفضات جوية أو أخاديد من منخفضات جوية أو حتى أعاصير مدارية وتتسبب في جريان الأودية بشكل جارف، لكن الملاحظ أن وتيرة هذه الحالات تتصاعد بشكل مستمر، وتزداد حدتها ويزداد تأثيرها على البنية الأساسية وعلى الممتلكات الخاصة والعامة. والواضح أن سلطنة عمان متأثرة جدا بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم.. ورغم أن العمانيين من محبي المطر ولو كان قاسيا أحيانا إلا أن هذه المتغيرات تدعونا إلى بناء رؤية استراتيجية متكاملة تتماشى والمتغيرات المناخية الجديدة وفي مقدمة ذلك ما يتعلق بالتخطيط العمراني وبناء مواصفات جديدة للمباني الحكومية والخاصة لتستطيع تحمل المتغيرات القادمة، فلا يعقل أن تعيد الحكومة بناء الطرق في كل عام، فلم تنتهِ بعد من إصلاح الطرق المتضررة من الأنواء المناخية التي حدثت في أكتوبر2021 وأثرت على بعض ولايات شمال الباطنة حتى جاء المنخفض الجوي «المطير» وحطم الكثير من الطرق والسدود والمرافق العامة والخاصة. والواضح جدا أن وتيرة حدوث الحالات المدارية في تصاعد وكذلك حدة المنخفضات الجوية ما يعني أن مثل هذا المشهد قد يتكرر كثيرا في المرحلة القادمة. وأمام كل هذا لا بد أن يعاد تخطيط الكثير من المخططات السكنية التي باتت عرضة للأودية ولا بأس من إحداث تغييرات جذرية تتوافق وتحديات هذه المرحلة، كما لا بد من أن تكون مواصفات بناء البنية الأساسية مختلفة عن الوضع الحالي بحيث تكون قادرة على الصمود أمام مستوى متقدم من الأمطار والرياح والسيول حتى لا تبقى الدولة في دائرة إعادة البناء كل عام.

كما تحتاج المرحلة إلى النظر في مواقع الكثير من المؤسسات الخدمية مثل المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية لتكون في أماكن أكثر أمانا مما هي عليه الآن.

إن المرحلة ليست سهلة وتحتاج إلى جهود كبيرة كما تحتاج إلى بناء وعي مجتمعي جديد بمعطياتها وبتحدياتها القادمة.. فالتغيرات المناخية لم تعد كلاما نظريا بل تحولت إلى حقيقة واقعة نعيش تأثيراتها جميعا.