أفكار وآراء

مرسوم أداء اليمين وضرورات الأمانة الوظيفية

جاء المرسوم السلطاني رقم «٧٨» حول أداء اليمين الخاص بموظفي الجهاز الإداري للدولة ليعطي نقلة نوعية فيما يخص الأمانة الوظيفية والنزاهة والحفاظ على المال العام، وهو جزء من الشفافية والحرص الذي يوليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- منذ خطابه السامي عند تسلمه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠. ومن هنا فإن الترجمة السامية للمرسوم الخاص بأداء قسم اليمين أصبحت واقعا، خاصة أن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يقوم بجهود كبيرة في تنفيذ الرؤية السلطانية من خلال جملة من القيم الخاصة بالنزاهة والأمانة، ولعل التقرير السنوي الذي يصدره الجهاز وهو الموجز الخاص بالمجتمع كانت له نتائج إيجابية على الصعيد المجتمعي، علاوة على نشر ثقافة النزاهة والشفافية والحرص على المال العام. كما أن المرسوم السلطاني يجسد أهمية الحفاظ على مقدرات الدولة وعلى خلق وعي بأهمية الوظيفة العمومية والحفاظ على أسرار الوظيفة، أيًّا كانت درجتها، حيث إن الأساس في أداء قسم اليمين هو التذكير الدائم لكل موظف بحجم المسؤولية الوطنية.

إن دول العالم شرقها وغربها تعاني من قضايا الفساد المنتشر، الذي له تداعيات خطيرة على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وخلق روح اللامبالاة والتسيب، والاتكالية وانعدام الضمير الحي والقيم الحضارية. ومن هنا تعاني تلك الدول من عدد من الظواهر من أهمها قلة الإنتاجية والكسل وإيجاد طرق ملتوية نحو تحقيق غايات غير حميدة. ومن هنا يأتي أداء قسم اليمين ليحرك الضمير والقيم النبيلة في الإنسان عموما وعلى ضوء ذلك تتعزز القيم، التي تحرص عليها بلادنا سلطنة عمان من خلال الأجهزة الرقابية، وفي مقدمتها جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في ظل جملة من الاعتبارات الأخلاقية والسمو بالوعي، وخلق مجتمع وظيفي متماسك يركز على العمل الجاد والابتكار النوعي في كل مجالات العمل الوطني. كما أن المرسوم السلطاني حول أداء اليمين جاء منسجما مع رؤية عمان ٢٠٤٠ التي تهدف إلى تحقيق مؤشرات إيجابية في كل القطاعات الإنتاجية، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في ظل مناخ سلبي تسوده الأنانية وغياب النزاهة واللامبالاة والفساد الإداري والمالي.

ومن هنا فإن المشهد الوطني في عصر النهضة المتجددة يحتاج إلى مثل تلك الإجراءات في مجال الانضباط الوظيفي ونشر الوعي حول الأسس التي من شأنها خلق الثقافة الإيجابية التي تسمو بالأوطان، وتجعل الجميع حريصا على تحقيق أداء إنتاجي وزيادة المؤشرات التي جاء بعضها إيجابيا في السنوات الثلاث الأخيرة خاصة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.

إن سلطنة عمان مقبلة على مرحلة مهمة، وفي ظل انطلاق مشاريع إستراتيجية، وهذا يتطلب نزاهة العمل والتفاني في خدمة الوطن بكل إخلاص لتحقيق الطموحات المنتظرة التي من شأنها تحقيق الرؤية والطموحات العظيمة للقيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي يؤكد دوما على المثل العليا للمجتمع وضرورة أن يؤدي كل مواطن دوره، كل في موقعه بكل أمانة وإخلاص ونزاهة؛ لأن ذلك يحقق الاستدامة المالية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي.

إن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يقوم بعمل مهم في متابعة الرقابة والحرص على أداء الواجب الوطني بكل مهنية. وتأتي خطوة صدور المرسوم السلطاني الخاص بأداء اليمين ليعطي إضافة كبيرة لتعزيز المبادئ والشفافية والمصداقية على صعيد موظفي الجهاز الإداري للدولة، وأن نضمن الانسيابية في العمل وخلق الوعي المجتمعي ولعل دور وسائل الإعلام للتعريف بمثل هذه المفاهيم الوطنية يعد على قدر كبير من الأهمية خاصة للأجيال الجديدة الذين ينضمون إلى سوق العمل؛ لأن ترسيخ مبادئ العمل المبني على الأمانة والشفافية والحرص على المال العام هو مقدمة حقيقية نحو مزيد من الإجادة الوظيفية والتطور في مجال الإنتاج وإيجاد منظومة عمل ذات قيم صالحة في المجتمع، وهذا ينعكس بالإيجاب على الوطن والمواطن في كل المجالات الحيوية، ويخلق اقتصادا قويا يلبي طموحات الدولة وشعبها وهذا ما يسعى إليه جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- من خلال توجيهاته السديدة ومتابعته للشأن الوطني بكل دقة لضمان تحقيق الآمال والطموحات الكبيرة التي تعزز من مكانة بلادنا داخليا وخارجيا.