الاقتصادية

خبراء: المناطق الاقتصادية والحرة أداة استراتيجية مهمة لتحفيز النمو الاقتصادي

تُعد واجهة مشرقة وتتيح فرصا واعدة لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق الازدهار

SPMP_DJI_0508
 
SPMP_DJI_0508
الوردي: التكامل الاقتصادي بين الاستثمار الأجنبي والمستثمرين المحليين يعزز الصناعة الوطنية

السابعي: من الأفضل تقنين المناطق الصناعية لاستقطاب الاستثمارات ذات الأولوية

العنسي: المناطق الاقتصادية والحرة توفر بيئة ملائمة لاستقطاب الصناعات الثقيلة بمختلف أشكالها

أكد مسؤولون وخبراء أهمية المناطق الاقتصادية والحرة كأداة استراتيجية مهمة لجذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادي في سلطنة عُمان، وتُعدّ واجهة مشرقة وتتيح فرصًا واعدة لتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي وتحقيق الازدهار الاقتصادي، مشيرين إلى أن هذه المناطق تؤدي دورا مهما في تعزيز التجارة الخارجية للسلطنة وزيادة الدخل من الصادرات.

وقالوا في استطلاع لـ 'عمان' إن المناطق الاقتصادية والحرة في سلطنة عمان تتميز بامتيازات تجذب المستثمرين والشركات، خاصة الصناعات التحويلية ذات العائد الاقتصادي العالي؛ فالبنية الأساسية المتطورة والمرافق المتكاملة تسهّل عملية الإنتاج والتصدير، مما يُعزّز فعالية القطاع الصناعي ويسهم في إنشاء فرص عمل للكوادر الوطنية.

وأوضحوا أن المناطق الاقتصادية والحرة تعمل أيضًا على تعزيز التكنولوجيا والابتكار في سلطنة عمان، حيث تجذب هذه المناطق شركات التكنولوجيا العالمية والاستثمارات في مجال البحث والتطوير، مما يسهم في نقل التكنولوجيا وتطوير القطاعات الصناعية المحلية.

التكامل الاقتصادي

أكد الدكتور محمد بن حميد الوردي، محلل اقتصادي على أهمية جهود سلطنة عمان في تأسيس عدد من المناطق الاقتصادية والحرة لجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة التدفقات النقدية إلى سلطنة عمان، موضحا أن هذه الجهود تعزز من دخول التقنيات والتكنولوجيا الجديدة إلى عمان، مما يسهم في تحسين القطاع الصناعي وتعزيز صادرات العمانية، وتعزيز الحساب الجاري وميزان المدفوعات لسلطنة عمان على المدى البعيد.

وبيّن الوردي أن التعاون والتكامل الاقتصادي بين الاستثمار الأجنبي في المناطق الحرة والمستثمرين المحليين في المناطق الاقتصادية يؤدي إلى تعزيز القيمة المضافة وتعزيز الصناعة الوطنية؛ فالتسهيلات التي توفرها هذه المناطق تُسهم في تسريع سلاسل التوريد وتوفير فرص عمل للكوادر الوطنية، سواء في المناطق الاقتصادية أو المناطق الحرة، مردفا أن المناطق الاقتصادية والحرة سيكون لها دور محوي في تنويع مصادر الدخل في سلطنة عمان وتعزيز الناتج المحلي ودعم الميزانية العامة للدولة وتحقيق التنمية المستدامة.

أضاف الدكتور محمد الوردي أن نجاح المناطق الاقتصادية يتوقف على عدة عوامل كطبيعة المنطقة الاقتصادية نفسها، وحجمها، وموقعها ونوع الاستثمارات الأساسية المتاحة فيها، فعلى سبيل المثال يشمل ذلك المناطق الاقتصادية الكبيرة المتاحة بالقرب من الموانئ الرئيسية، مثل منطقة الدقم الاقتصادية ومنطقة صحار الصناعية، والتي تتمتع بالقدرة على استيعاب العديد من الصناعات المتنوعة. بالمقابل، تُخصص المنطقة الاقتصادية الحرة بمطار مسقط للصناعات الخفيفة والاستثمارات في مجالات الاستيراد والتصدير والتخزين، نظرًا لقربها من المطار وتوجهها المحدد. وتتخصص المناطق الاقتصادية الحدودية، مثل منطقة المزيونة مع اليمن والمنطقة الاقتصادية بالظاهرة مع المملكة العربية السعودية، في تسهيل الاستثمارات المشتركة بين الدول المتجاورة.

وأوضح أن المناطق الاقتصادية التي تقع قرب مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع الهيدروجين الأخضر، مثل منطقة الدقم، من المتوقع أن تشهد تطورًا ملحوظًا في قطاعات الصناعات المتعلقة بالطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر في المستقبل، وهذا سيعمل على تنويع المصادر الاقتصادية في سلطنة عمان وتعزيز دورها في قطاع الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية في الفترة المقبلة.

وقال الدكتور محمد الوردي إن المرسوم السلطاني الذي ينص على إنشاء منطقتين اقتصاديتين حرتين في منطقة (خزائن) يحدد دور كل منطقة بناءً على طبيعتها والاستثمارات المتاحة فيها والظروف المحيطة بها، مشيرا إلى أن المنطقة الأولى في خزائن تختص بالصناعات الخفيفة والمتوسطة والأنشطة اللوجستية، وستكون مركزًا لتطوير وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير بنية أساسية للشركات اللوجستية لتيسير عمليات الإنتاج والتوزيع، أما المنطقة الحرة الثانية في خزائن، فتختص بالأعمال والتجارة، وستركز على تحفيز الأنشطة التجارية وتسهيل التجارة الدولية وجذب الاستثمارات في قطاع الأعمال، مؤكدا أن هذه التفاصيل المحددة لكل منطقة تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من مميزات وامتيازات المناطق الاقتصادية الحرة والتي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي وتعظيم الفوائد الاقتصادية لسلطنة عمان.

وأشار الدكتور محمد الوردي إلى إمكانية تأسيس العديد من الصناعات في المناطق الاقتصادية والحرة، بحيث تركز هذه الصناعات على المجالات التي تتمتع بها سلطنة عمان بميزات تنافسية، فعلى سبيل المثال يُمكن أن تتوجه سلطنة عمان نحو صناعات البتروكيماويات نظرًا لوفرة موارد النفط والغاز، بناء على ذلك يُمكن إقامة العديد من الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز في المناطق الاقتصادية والحرة، مثل منطقة صحار الصناعية حيث توجد مصفاة صحار ومشروع لوى للبلاستيك، ومصفاة الدقم ومجمع بتروكيماويات.

بالإضافة إلى العديد من الصناعات التي تعتمد على الطاقة نظرا لوفرة الطاقة بسلطنة عمان سواء كانت الطاقة الأحفورية أو الطاقة المتجددة، مشيرا إلى الصناعات التعدينية والصناعات المعتمدة على الطاقة النظيفة نظرا للمقومات الكبيرة التي تتمتع بها سلطنة عمان في إنتاج الطاقة النظيفة، مؤكدا أن هذه الاستراتيجية ترتكز على استغلال الثروات الطبيعية الموجودة في السلطنة والاستفادة منها في إنشاء صناعات تكنولوجيا عالية وذات قيمة مضافة. ومن خلال توجيه الاستثمارات نحو هذه الصناعات، يمكن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتعزيز دور سلطنة عمان في القطاع البتروكيميائي على المستويين الإقليمي والعالمي.

وقال الدكتور محمد الوردي إن سلطنة عمان تخطط في الوقت الحالي لتكون رائدا في صناعة الهيدروجين والأمونيا الخضراء، وقد بدأت السلطنة بترسية مناطق للاستثمار الأجنبي لإنتاج الطاقة النظيف بالإضافة إلى ترسية مشاريع الإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء ومن المتوقع بداية الإنتاج في ٢٠٢٩.

وأكد الدكتور محمد الوردي أن تأسيس المناطق الاقتصادية هو موضة العصر، حيث يمكن مشاهدة وجود العديد منها في معظم دول العالم، مثل الصين وسنغافورة، وأيضًا في المنطقة الإقليمية، مثل منطقة جبل علي في الإمارات ومنطقة نيوم في المملكة العربية السعودية. لذا، يُمكن الاستفادة من تجارب هذه المناطق الاقتصادية الناجحة وتطبيق الأفكار والأساليب الابتكارية في تعزيز وجذب الاستثمارات الأجنبية للمناطق الاقتصادية الموجودة بسلطنة عمان، مشيرا إلى أهمية أن يكون العمل على تعزيز هذه المناطق الاقتصادية مبنيًّا على التفكير الإبداعي واستكشاف أساليب جديدة وابتكارية للترويج لهذه المناطق وجذب المستثمرين الأجانب إليها، وتحسين بيئة الأعمال والتشريعات التي تدعم الاستثمار الأجنبي.

وأضاف الوردي أن منطقة الدقم لديها العديد من الخطط لتأسيس مشاريع قائمة على الصناعات القائمة على الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالإضافة إلى ما تخطط له شركة (فالي) العالمية بتأسيس مجمّع متكامل لإنتاج الحديد الأخضر وسيعتمد في البداية على استخدام الغاز، ولكن مستقبلا سيعتمد على استهلاك الهيدروجين الأخضر مما سيتواكب مع التوجهات العالمية بخفض الانبعاثات الكربونية والعمل على معالجة التغيرات المناخية والوصول إلى الحياد الصفري.

اهتمام بالغ

من جهته قال الدكتور قيس بن داوود السابعي، خبير اقتصادي إن سلطنة عمان تولي اهتماما بالغا في خلق وإيجاد مناخ وبيئة مشجّعة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية، فعملت على تطوير وتحديث وتحسين البنية الأساسية للمناطق الحرة والمناطق الصناعية والموانئ وتحسين البيئة والبنية الاقتصادية واستحداث الحوافز المشجعة، مشيرا إلى وجود مزايا استثمارية كبيرة في سلطنة عمان تمكنها من أن تستقطب عددا كبيرا من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وأضاف السابعي: المناطق الصناعية تعد ركنا من أركان الاقتصاد العماني، وقاطبة للاستثمارات الأجنبية وتطوير رأس المال المحلي، من خلال تنويع الصادرات إلى الخارج وجعلها ملاذا ومنافذ لاستيراد والتصدير، مؤكدا أن المناطق الاقتصادية الحرة هي وسيلة اقتصادية بحتة تستخدمها الدول بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية؛ لارتباطها بحركة التجارة الدولية، والعلاقات التجارية متعددة الأطراف التي تؤدي إلى سرعة الولوج والنفاذ والوصول إلى الأسواق العالمية، من هنا تسهّل هذه المناطق عملية انسياب السلع والخدمات بين الدول.

وأوضح الدكتور قيس السابعي أنه من الأفضل أن تكون المناطق الصناعية مقننة ومفتوحة نسبيا بحيث تستقطب الاستثمارات ذات الأولوية المطلوبة في السوق العالمي، كصناعات المعادن والصناعات البتروكيميائية والصناعات التحويلية وقطاع المعادن وأيضا بكل ما يخص التقدُّم في عالم الاقتصاد التحويلي والصناعي والاقتصاد المعرفي بصفة عامة.

ودعا السابعي إلى استغلال موقع سلطنة عمان الجغرافي لرفع حجم الاستثمارات، والمساهمة في تنشيط حركة التجارة سواء التجارة المحلية الداخلية أو التجارة الإقليمية الخارجية، مبينا أن من بين أهداف هذه المناطق الحرة الحد من الضغط السكاني عن بعض المدن الكبيرة وتعزيز وتنمية بعض الجهات والأقاليم وزيادة البنية الأساسية لهذه المناطق فبمجرد أن تنشأ منطقة حرة يجب تكون هناك تنمية ونمو اقتصادي وبنية أساسية قوية، بالإضافة إلى خلق فرص عمل ورفع مستوى المهارات الفنية والإدارية، إضافة لزيادة الدخل الوطني وإيجاد صناعات متنوعة ومختلفة من الصناعات المحلية وتشجيع رواد الأعمال.

مزايا متعددة

أوضح محمد بن حسن العنسي، رئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان أن المناطق الاقتصادية والحرة تهدف بصفة رئيسية إلى تعزيز النمو الاقتصادي، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع النشاط الصناعي، وتعزيز النشاط اللوجستي، عن طريق خدمات التخزين وإعادة التصدير، مما يعزز القدرة التنافسية للشركات وتحسين السلاسل اللوجستية للتجارة الدولية، مما سيمكّن الاقتصاد الوطني من توفير فرص عمل مستدامة للكوادر الوطنية، ويسهم في تحقيق التنمية الشاملة في سلطنة عمان.

أكد العنسي أن المناطق الاقتصادية والحرة تتمتع بمزايا متعددة في سلطنة عمان، وهي مخصصة لاستقطاب جميع أنواع الاستثمارات، وتتمثل في توفر بيئة ملائمة لاستقطاب الصناعات الثقيلة بمختلف أشكالها، وكذلك الصناعات الخفيفة والمتوسطة، كما تُشجع المناطق الاقتصادية والحرة استثمارات قطاع البتروكيماويات والمصافي، مما يعزز دور السلطنة في قطاع الطاقة والكيمياء. تلك المزايا تجعل المناطق الاقتصادية والحرة في سلطنة عمان جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، وتسهم بشكل كبير في تعزيز النمو الاقتصادي وتحفيز القطاع الصناعي واللوجستي في السلطنة.

كما بيَّن محمد العنسي: تميز المناطق الاقتصادية والحرة في سلطنة عمان بارتباطها المباشر مع الموانئ الرئيسية والمطارات مما يسهّل توفير جميع الخدمات اللوجستية، موضحا أن المناطق الاقتصادية والحرة تتمتع بمواقع جغرافية متميزة تربطها مع الخطوط الملاحية الدولية بين الشرق والغرب وبالقرب من الأسواق الاستهلاكية في آسيا وأفريقيا.