عمان اليوم

سلطنة عمان تدعم المساعي الأممية لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية حقوق الإنسان

الانتهاء من إعداد نظام الإحالة الوطني ومسودة مشروع القانون الجديد

 
تشارك سلطنة عمان دول العالم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يصادف الـ 30 من يوليو من كل عام، مؤكدة التزامها بأداء دورها في الجهود العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر بمختلف أشكاله وأنواعه، وحرصها على مشاركة المجتمع الدولي في محاربته، وتعمل جنبًا إلى جنب مع مختلف المنظمات الدولية والإقليمية من أجل زيادة الوعي بمكافحة هذه الجريمة وحماية ضحاياها لما تشكله من خطر على المجتمع.

وقال سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن سلطنة عُمان أولت اهتمامًا بالغًا بمكافحة جريمة الاتّجار بالبشر، وكافة الممارسات المرتبطة بها التي لا تتوافق مع المبادئ والقيم الإنسانية السامية لما فيها من إهانة لحقوق الإنسان المشروعة وكرامته المصونة، مؤكدًا على أنّ هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا إقليميًّا ودوليًّا، وأنّ سلطنة عُمان مستمرة في هذا الجهد والعمل لحماية الإنسان وكرامته وتحقيق طموحاته وتطلعاته. وأكد سعادته أنّ سلطنة عُمان ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر تواصل بكل حرص العمل وفق القوانين الداخلية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الاتّجار بالبشر للتصدي لهذه الظاهرة، في إطار التعاون مع شركائنا في المجتمع المدني على المستويين الوطني والدولي لمحاربة الاتّجار بالبشر وإعلاء سيادة القانون والمحافظة على القيم الإنسانية. وذكر سعادته أنّ سلطنة عُمان أظهرت جهودًا حثيثة في التصدي لهذه الجريمة تماشيا مع النظام الأساسي للدولة الذي جاء على رأس التشريعات التي كفلت العدل والمساواة لجميع فئات المجتمع، وحققت الأمن والحماية للمواطن والمقيم، من أيّة تجاوزات تمسُّ كرامتهم وحقوقهم المشروعة، مضيفًا أنّ قانون مكافحة الاتّجار بالبشر رقم (126 / 2008) أكّد على توجهات سلطنة عُمان نحو تحقيق تلك الأهداف، ومواكبتها لدول العالم في إصدار القوانين والتشريعات وتنفيذ الآليات اللازمة للحد من هذه الجريمة، ومعالجة مختلف أسبابها.

وتطرّق سعادته إلى الجهود التي بذلتها سلطنة عُمان في جانب مكافحة الاتّجار بالبشر، حيث أولت سلطنة عمان الأهمية القصوى في حماية ضحايا الاتّجار بالبشر من الأطفال والنساء والرجال، وخصَّصت لهم دار حماية هي «دار الوفاق» لتقديم عدد من الخدمات لضحايا الاتّجار بالبشر منها خدمات التأهيل النفسية والاجتماعية والصحية والقانونية.

وبيّن سعادته أنه لِأهمية إشراك جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية في تقديم الحماية لضحايا الاتّجار بالبشر تتعاون حكومة سلطنة عُمان مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني (جمعية المحامين العُمانية، وجمعية الرحمة، وجمعية دار العطاء) في دعم ضحايا الاتّجار بالبشر. وأكّد سعادته على أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر مستمرة في جهودها للتصدي لهذه الظواهر الدخيلة، وفي هذا الجانب انتهت اللجنة من إعداد المسودة النهائية لمشروع قانون مكافحة الاتّجار بالبشر الجديد بإشراك الخبراء الدوليين والمحليين في إعداده وبالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما تمّ الانتهاء من إعداد نظام الإحالة الوطني والذي سيتم إطلاقه قريبًا، وإعداد خطة العمل الوطنية للجنة (٢٠٢٤-٢٠٢٦) والعمل على توقيع الاتفاقيات الثنائية مع الدول المصدرة للعمالة إلى سلطنة عُمان.

من جانبه ثمّن سعادة القاضي حاتم علي الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، الجهود الكبيرة التي تبذلها سلطنة عُمان لمكافحة هذه الجريمة؛ عبر تطوير المنظومة الوطنية، ومنها وضع منظومة الإحالة الوطنية، وبناء وتطوير قدرات أجهزة إنفاذ القانون، والعدالة الجنائية، ومنظومة العمل، ومنظومة حقوق الإنسان، عبر إشراف الوزارات المعنية، وعضوية كافة الجهات الفاعلة في سلطنة عُمان.

واتخذت سلطنة عمان عددا من التشريعات والإجراءات لمكافحة الاتجار بالبشر على المستوى الدولي، حيث انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في عام 2005 وبروتوكولات الثلاثة وهي بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وبروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة، والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية حسب المرسوم السلطاني (6/2015 )عام 2015، إلى جانب انضمام سلطنة عمان حسب المرسوم السلطاني (46/2020) إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المعني بمنح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأفراد غير المتمتعين بالحكم الذاتي بمن فيهم العمال.

كما صدر قانون الاتجار بالبشر بالمرسوم السلطاني رقم(126/ 2008) الذي عرّف جريمة الاتجار بالبشر، ورسم الخطوط العريضة لمكافحة الاتجار بالبشر في سلطنة عمان، وبناءً عليه أُنشأت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتحديد اختصاصاتها وفق المادة (23)، وتعكف سلطنة عمان حاليا في صدد إصدار قانون جديد لمكافحة الاتجار بالبشر بما يتناسب مع التطورات العالمية لجريمة الاتجار بالبشر، حيث تم إشراك الخبراء الدوليين والمحليين في إعداده بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. وكشفت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر عن تلقي 266 بلاغا للاتجار بالبشر في عام 2022، و 10 حالات أحيلت من قضايا الاتجار بالبشر، و حالتين لقضايا العمل القسري حُقِّق فيها، و 11 شخصا تمت مقاضاتهم، و 5 أشخاص أدينوا بالاتجار بالجنس، و ثلاث قضايا أدينت بالاتجار بالجنس، إلى جانب 18 ضحية تم إيواءهم في دار الوفاق، وتوفير 6 وظائف للضحايا.

خطط عمل

وتعمل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في سلطنة عمان على وضع خطط عمل وطنية تشمل تنظيم برامج توعوية وتدريبية تعزز من قدرات العاملين على إنفاذ القانون، فضلا عن الإسهام في تنفيذ العديد من برامج الرعاية وإعادة التأهيل.

وخصصت سلطنة عمان مكتب مكافحة الاتجار بالبشر في كل من شرطة عمان السلطانية، والادعاء العام، ووزارة الخارجية، ووزارة العمل وذلك للتخصص وفعالية إجراءات مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، فأُنشأ فريق التدخل السريع برئاسة الادعاء العام الذي باشر مهامه في 2019 م، وتم التنسق والتعامل مع عدد من القضايا، إلى جانب تخصيص أعضاء ادعاء عام وضابط مختصين في قضايا الاتجار بالبشر في كل محافظة في سلطنة عمان، ورفع مستوى قسم مكافحة الاتجار بالبشر في شرطة عمان السلطانية إلى إدارة تضم أربعة أقسام متمثلة في قسم رصد وجمع المعلومات، وقسم التعاون الدولي، وقسم شؤون القضايا، وقسم التنسيق والمتابعة.

برامج تدريبية

وتتعاون اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني منها جمعية الرحمة للأمومة والطفولة التي تسهم في دعم ضحايا الاتجار بالبشر منذ عام 2017 إلى الوقت الحالي، بالإضافة إلى جمعية المحامين العمانية، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التنمية الاجتماعية وجمعية دار العطاء في تقديم الدعم لضحايا الاتجار بالبشر من خلال توفير تذاكر السفر للضحايا عند انتهاء التقاضي القانوني، وتوفير ودعم البرامج التدريبية والتوعوية للضحايا، إلى جانب توفير برامج تدريبية للضحايا لصناعة المنتجات وتطويرها والتسويق لها لتوفير العائد المادي لهم.

ودشنت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر حملة وطنية توعوية بعنوان « إحسان»، التي استمرت ثلاثة أشهر من أكتوبر إلى ديسمبر 2017، إضافة إلى الحملة التوعوية « إنسان» وهدفت إلى نشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع حول جرائم الاتجار بالبشر، ومؤشرات الاستدلال عليها وكيفية دعم جهود الحكومة للتعامل مع هذه الحالات المنافية للقيم الإنسانية، واستمرت إلى ثلاثة أشهر من مارس إلى مايو 2021م، واستهدفت مختلف شرائح المجتمع من المواطنين والمقيمين، وتضمنت مجموعة من الرسائل التوعوية بعدة لغات لضمان وصولها إلى الجمهور المستهدف خصوصا الفئات الأكثر عرضة للوقوع كضحايا لعمليات الاتجار المدانة بحكم القانون العماني، كما دشنت اللجنة الموقع الإلكتروني الجديد بمحتوييه العربي والإنجليزي الذي يتيح الفرصة أمام الضحايا للتواصل وطلب المساعدة ب14 لغة عالمية.

الخدمات الاجتماعية

وتقدم اللجنة ممثلة في دار الحماية «دار الوفاق» خدمات متعددة لضحايا الاتجار بالبشر من الرجال والنساء والأطفال كالخدمات النفسية التي تساعد الضحايا للوصول إلى حالة الاستقرار والتوازن النفسي من خلال إعادة ثقتهم بأنفسهم وتوعيتهم بأساليب المتاجرين وبمخاطر الاتجار بالبشر، وتقديم الإحصائيات لدراسة وضع الحالات وإعادة ثقة الضحايا بالمجتمع الخارجي مما يسهل عملية التعافي والمشاركة المجتمعية، إلى جانب توفير الخدمات الاجتماعية لتغطية كافة احتياجات الضحايا الأساسية والخاصة، وصرف مبلغ نقدي كمصروف جيب للضحايا خلال فترة الإقامة بالدار، كما يوفر الدار برامج تعليمية لبعض الحرف والمهارات كالرسم والخياطة والتصميم، ويتم عرض ما أنتجه الضحايا للبيع، مما يعود لهم بمبالغ مالية، بالإضافة إلى توفير أنشطة ترفيهية بما فيها وسائل الاتصال، والأنشطة الرياضية وغيرها من الأنشطة التي تكفل شغل أوقات فراغ الضحايا بطرق مفيدة، و ينسق دار الوفاق مع الجهات المعنية حول توفير فرص عمل للضحايا بالدار.

وتقدم الدار الخدمات الصحية الأولية لضمان خلوهم من الأمراض الخطرة والمعدية من خلال عدد من الفحوصات الطبية الضرورية بالتعاون مع المؤسسات الصحية، إضافة إلى تقديم الخدمات القانونية عن طريق الترافع عن ضحايا الاتجار بالبشر وحفظ حقوقهم.