نحو عالم متعدد الأقطاب.. هل حانت اللحظة؟
الثلاثاء / 29 / ذو الحجة / 1444 هـ - 21:15 - الثلاثاء 18 يوليو 2023 21:15
منذ تفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم بشكل أحادي ولعدة عقود، يبدو أن العالم مقبل على متغيرات استراتيجية من خلال صعود عدد من القوى، ليس فقط على الصعيد العسكري ولكن على الصعيد الاقتصادي ولعل عملاق آسيا القادم الصين هو النموذج الأبرز. كما أن روسيا الاتحادية برزت خلال العقدين الأخيرين من خلال السيطرة على الطاقة، خاصة الغاز، وأيضا تحديث الترسانة العسكرية. ولا يمكن إغفال دولة نووية آسيوية وهي الهند ثاني دولة في العالم على الصعيد السكاني. كما أن هناك دولا صاعدة كالبرازيل وجنوب إفريقيا وهذه الأخيرة تستعد لقمة مجموعة بريكس، وهي المجموعة التي تضم نفس الدول التي قد تشكل النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، وهي الصين وروسيا الاتحادية والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، علاوة على إمكانية انضمام دول مثل المملكة العربية السعودية.
من هنا فإن النظام الدولي الذي يقوم على القطبية الأحادية لم يعد صالحًا لمواكبة التطورات السياسية والمجتمعية وفشل الولايات المتحدة الأمريكية في إيجاد توازن موضوعي للصراعات في الشرق الأوسط تحديدا وخاصة القضية الفلسطينية، التي انحازت فيها واشنطن للكيان الإسرائيلي، متجاهلة القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. كما أن الدولة الأمريكية تخضع لكل المقاييس التاريخية للإمبراطوريات، والتي من الصعب أن تبقى على تفوّقها وسطوتها لعقود طويلة، ولنا في الإمبراطورية البريطانية نموذج وهي ذات تاريخ يتجاوز ألف عام، ومع ذلك انهارت تلك الإمبراطورية وفقدت مستعمراتها في الشرق وفي البحار عدا عدد من الجزر المتناثرة وهناك دراسات متعمقة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث عن انحسار القوة الأولى في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية والتي برزت كقوة عظمى في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أن العالم يتجه إلى نظام متعدد الأقطاب وهناك ملامح لهذا النظام الدولي ولعل أولى الإشارات الحالية هو اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة الآن والتي جعلت العالم يشهد صراعا متعدد الأطراف وحربا غير مباشرة بين روسيا الاتحادية والمتعاونين معها علانية وسرا، وفي الجانب الآخر هناك الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
إن مظاهر الصراع الحالي في أوكرانيا يعطي مؤشرا على الاهتمام المتزايد بضرورة إيجاد منظومة دولية جديدة سواء على صعيد هيكلة نظام الأمم المتحدة أو على صعيد النظام الدولي المتعدد الأقطاب، وإيجاد توازن في العلاقات الدولية، خاصة وإن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه مشكلات متعددة على صعيد الداخل الأمريكي وصعود الأقليات على الصعيد الديموجرافي علاوة على تصاعد العنصرية وتصاعد اليمين وسيادة العرق الأبيض.
ومن هنا فإن المشهد الأمريكي الداخلي هو الإشارة الأساسية نحو تراجع الدولة الأمريكية ونفوذها كما أن هناك مشكلات اقتصادية وتضخم الدين وزيادة الصرف على أكثر من ٨٠٠ قاعدة عسكرية خارج الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن المزاج الشعبي الأمريكي خاصة الجيل الجديد يتحدث عن ضرورة الاهتمام بالداخل وقضايا الشعب الأمريكي ولعل المساعدات الاقتصادية والعسكرية الكبيرة لأوكرانيا خلقت جدلا كبيرا ليس فقط على صعيد الكثير من المواطنين ولكن على الصعيد السياسي والحزبي خاصة الحزب الجمهوري والذي يرى في ذلك الإنفاق المالي المتواصل مسألة لن تجعل أوكرانيا تنتصر على الجيش الروسي لاعتبارات تتعلق بميزان القوى العسكري والاستراتيجي بين موسكو وكييف. ولذا فإن الصراع العسكري بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا يعكس معضلة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام. وتشير معظم الدراسات التاريخية إلى أن انهيار الإمبراطوريات والقوى العظمى في التاريخ الإنساني كان أحد عوامل ضعفها وتلاشي نفوذها هو العامل الاقتصادي علاوة على عوامل موضوعية مهمة مثل نضال ومقاومة الشعوب التي تحررت من الاستعمار. ولعل الاستعمار الإسرائيلي يظل هو آخر احتلال في العصر الحديث.
النظام الدولي الذي يقوم على التعددية هو الأفضل للعالم حيث إن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم منذ عام ١٩٩١ سبب عددا كبيرا من الحروب والصراعات التي راح ضحيتها الملايين من الضحايا المدنيين ولعل أبرز تلك الصراعات والحروب هو الغزو العسكري الأمريكي لكل من العراق وأفغانستان، حيث نتج عن ذلك الغزو الأمريكي كوارث إنسانية وتدمير البنية الأساسية وموارد العراق بشكل خاص، حيث لا تزال العراق تعاني الأمرّين من آثار ذلك الغزو المدمر وغير القانوني. كما أن أفغانستان عانت الأمرّين لمدة عقدين وفقد الملايين أرواحهم بسب الحصار الاقتصادي القاسي على العراق لأكثر من عشر سنوات وكذلك أفغانستان. ودمرت التدخلات الأمريكية عددا من الدول كالصومال وحتى في سوريا. ومن هنا فإن قيادة العالم الأحادية الأمريكية منذ عام ١٩٩١ جلبت المشكلات والتدمير لعدد من الدول العربية والإسلامية. ولذا تأتي أهمية إيجاد نظام دولي متعدد الأقطاب يجد حلولا موضوعية لمشكلات العالم خاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. كما أن الأمم المتحدة والتي يقع مقرها في نيويورك تحتاج إلى مراجعة في هيكلها الحالي لعدم قدرتها على القيام بمسؤوليتها بالشكل الصحيح خاصة وأن الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن أحبط عددا من القرارات التي تهدف إلى إنصاف الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
إن الحرب الروسية الأوكرانية أوضحت مدى حاجة العالم إلى قيادة حكيمة وإلى توازن حقيقي في العلاقات الدولية. ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي سوف يتغير لا محالة وفي تصوري أن نتائج الحرب الروسية الأوكرانية سوف تكون حاسمة في المشهد الدولي كما أن هناك متغيرات داخل المشهد السياسي العربي نحو إيجاد علاقات متوازنة ولعل الحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي الذي عقد مؤخرا في روسيا الاتحادية يعطي مؤشرا على أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتطلع إلى إقامة علاقات متوازنة مع القوى المختلفة خاصة دول البريكس، وأيضا الاجتماع الخليجي المرتقب مع دول آسيا الوسطى وهي كتلة سياسية واقتصادية مهمة كما أن قمة بريكس المرتقبة في جنوب إفريقيا تعد حدثا مهما يعطي مؤشرات على التحول السياسي والاستراتيجي في العالم. ويبدو لي أن كبار المفكرين في الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز البحوث يتحدثون عن تلك التحولات التاريخية التي بدأت ملامحها، خاصة وأن الصين بدأت تتمدد اقتصاديا وتجاريا من خلال القوة الناعمة ومن خلال الفلسفة الصينية التي تبتعد عن الحروب والصراعات العسكرية وتركز على القوة الناعمة كمشروع طريق الحرير وأيضا مد جسور العلاقات والاستثمار في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما أن العلاقات العربية الصينية هي علاقات تاريخية خاصة العلاقات العمانية الصينية، وهذا يفسر التطور الكبير في العلاقات العربية الصينية وما ينطبق على العملاق الآسيوي ينطبق على روسيا الاتحادية والبرازيل والهند وكما يقال فإن التاريخ قد تتكرر أحداثه وعلى ضوء ذلك فإن العالم يتجه إلى النظام الدولي المتعدد الأقطاب وهناك دراسات تتحدث عن حدوث ذلك خلال عقدين.
وفي المحصلة الأخيرة فإن هناك مشهدا دوليا يتشكل على ضوء متغيرات استراتيجية وفي ظل صراع مرير بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة روسيا الاتحادية وحلفائها وتظل أوكرانيا هي ساحة المعركة والتي سوف تكون لها تداعيات كبيرة على المشهد الدولي خاصة على الولايات المتحدة الأمريكية والتي تستعد في نوفمبر من العام القادم للانتخابات الأمريكية على صعيد البيت الأبيض وهي انتخابات سوف تكون حاسمة على الصعيد الداخلي وحتى الخارجي.
من هنا فإن النظام الدولي الذي يقوم على القطبية الأحادية لم يعد صالحًا لمواكبة التطورات السياسية والمجتمعية وفشل الولايات المتحدة الأمريكية في إيجاد توازن موضوعي للصراعات في الشرق الأوسط تحديدا وخاصة القضية الفلسطينية، التي انحازت فيها واشنطن للكيان الإسرائيلي، متجاهلة القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. كما أن الدولة الأمريكية تخضع لكل المقاييس التاريخية للإمبراطوريات، والتي من الصعب أن تبقى على تفوّقها وسطوتها لعقود طويلة، ولنا في الإمبراطورية البريطانية نموذج وهي ذات تاريخ يتجاوز ألف عام، ومع ذلك انهارت تلك الإمبراطورية وفقدت مستعمراتها في الشرق وفي البحار عدا عدد من الجزر المتناثرة وهناك دراسات متعمقة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث عن انحسار القوة الأولى في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية والتي برزت كقوة عظمى في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أن العالم يتجه إلى نظام متعدد الأقطاب وهناك ملامح لهذا النظام الدولي ولعل أولى الإشارات الحالية هو اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة الآن والتي جعلت العالم يشهد صراعا متعدد الأطراف وحربا غير مباشرة بين روسيا الاتحادية والمتعاونين معها علانية وسرا، وفي الجانب الآخر هناك الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
إن مظاهر الصراع الحالي في أوكرانيا يعطي مؤشرا على الاهتمام المتزايد بضرورة إيجاد منظومة دولية جديدة سواء على صعيد هيكلة نظام الأمم المتحدة أو على صعيد النظام الدولي المتعدد الأقطاب، وإيجاد توازن في العلاقات الدولية، خاصة وإن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه مشكلات متعددة على صعيد الداخل الأمريكي وصعود الأقليات على الصعيد الديموجرافي علاوة على تصاعد العنصرية وتصاعد اليمين وسيادة العرق الأبيض.
ومن هنا فإن المشهد الأمريكي الداخلي هو الإشارة الأساسية نحو تراجع الدولة الأمريكية ونفوذها كما أن هناك مشكلات اقتصادية وتضخم الدين وزيادة الصرف على أكثر من ٨٠٠ قاعدة عسكرية خارج الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن المزاج الشعبي الأمريكي خاصة الجيل الجديد يتحدث عن ضرورة الاهتمام بالداخل وقضايا الشعب الأمريكي ولعل المساعدات الاقتصادية والعسكرية الكبيرة لأوكرانيا خلقت جدلا كبيرا ليس فقط على صعيد الكثير من المواطنين ولكن على الصعيد السياسي والحزبي خاصة الحزب الجمهوري والذي يرى في ذلك الإنفاق المالي المتواصل مسألة لن تجعل أوكرانيا تنتصر على الجيش الروسي لاعتبارات تتعلق بميزان القوى العسكري والاستراتيجي بين موسكو وكييف. ولذا فإن الصراع العسكري بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا يعكس معضلة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام. وتشير معظم الدراسات التاريخية إلى أن انهيار الإمبراطوريات والقوى العظمى في التاريخ الإنساني كان أحد عوامل ضعفها وتلاشي نفوذها هو العامل الاقتصادي علاوة على عوامل موضوعية مهمة مثل نضال ومقاومة الشعوب التي تحررت من الاستعمار. ولعل الاستعمار الإسرائيلي يظل هو آخر احتلال في العصر الحديث.
النظام الدولي الذي يقوم على التعددية هو الأفضل للعالم حيث إن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم منذ عام ١٩٩١ سبب عددا كبيرا من الحروب والصراعات التي راح ضحيتها الملايين من الضحايا المدنيين ولعل أبرز تلك الصراعات والحروب هو الغزو العسكري الأمريكي لكل من العراق وأفغانستان، حيث نتج عن ذلك الغزو الأمريكي كوارث إنسانية وتدمير البنية الأساسية وموارد العراق بشكل خاص، حيث لا تزال العراق تعاني الأمرّين من آثار ذلك الغزو المدمر وغير القانوني. كما أن أفغانستان عانت الأمرّين لمدة عقدين وفقد الملايين أرواحهم بسب الحصار الاقتصادي القاسي على العراق لأكثر من عشر سنوات وكذلك أفغانستان. ودمرت التدخلات الأمريكية عددا من الدول كالصومال وحتى في سوريا. ومن هنا فإن قيادة العالم الأحادية الأمريكية منذ عام ١٩٩١ جلبت المشكلات والتدمير لعدد من الدول العربية والإسلامية. ولذا تأتي أهمية إيجاد نظام دولي متعدد الأقطاب يجد حلولا موضوعية لمشكلات العالم خاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. كما أن الأمم المتحدة والتي يقع مقرها في نيويورك تحتاج إلى مراجعة في هيكلها الحالي لعدم قدرتها على القيام بمسؤوليتها بالشكل الصحيح خاصة وأن الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن أحبط عددا من القرارات التي تهدف إلى إنصاف الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
إن الحرب الروسية الأوكرانية أوضحت مدى حاجة العالم إلى قيادة حكيمة وإلى توازن حقيقي في العلاقات الدولية. ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي سوف يتغير لا محالة وفي تصوري أن نتائج الحرب الروسية الأوكرانية سوف تكون حاسمة في المشهد الدولي كما أن هناك متغيرات داخل المشهد السياسي العربي نحو إيجاد علاقات متوازنة ولعل الحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي الذي عقد مؤخرا في روسيا الاتحادية يعطي مؤشرا على أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتطلع إلى إقامة علاقات متوازنة مع القوى المختلفة خاصة دول البريكس، وأيضا الاجتماع الخليجي المرتقب مع دول آسيا الوسطى وهي كتلة سياسية واقتصادية مهمة كما أن قمة بريكس المرتقبة في جنوب إفريقيا تعد حدثا مهما يعطي مؤشرات على التحول السياسي والاستراتيجي في العالم. ويبدو لي أن كبار المفكرين في الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز البحوث يتحدثون عن تلك التحولات التاريخية التي بدأت ملامحها، خاصة وأن الصين بدأت تتمدد اقتصاديا وتجاريا من خلال القوة الناعمة ومن خلال الفلسفة الصينية التي تبتعد عن الحروب والصراعات العسكرية وتركز على القوة الناعمة كمشروع طريق الحرير وأيضا مد جسور العلاقات والاستثمار في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. كما أن العلاقات العربية الصينية هي علاقات تاريخية خاصة العلاقات العمانية الصينية، وهذا يفسر التطور الكبير في العلاقات العربية الصينية وما ينطبق على العملاق الآسيوي ينطبق على روسيا الاتحادية والبرازيل والهند وكما يقال فإن التاريخ قد تتكرر أحداثه وعلى ضوء ذلك فإن العالم يتجه إلى النظام الدولي المتعدد الأقطاب وهناك دراسات تتحدث عن حدوث ذلك خلال عقدين.
وفي المحصلة الأخيرة فإن هناك مشهدا دوليا يتشكل على ضوء متغيرات استراتيجية وفي ظل صراع مرير بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة روسيا الاتحادية وحلفائها وتظل أوكرانيا هي ساحة المعركة والتي سوف تكون لها تداعيات كبيرة على المشهد الدولي خاصة على الولايات المتحدة الأمريكية والتي تستعد في نوفمبر من العام القادم للانتخابات الأمريكية على صعيد البيت الأبيض وهي انتخابات سوف تكون حاسمة على الصعيد الداخلي وحتى الخارجي.