الاقتصادية

هل يتراجع الطلب على الوقود الأحفوري بعد انتشار المركبات الكهربائية؟

 
خبراء: الطلب على النفط ينمو مع توجه الدول نحو الطاقة النظيفة -

د. خليل الحنشي: دخول الصين في قطاع المركبات الكهربائية يسهم في انخفاض أسعارها -

علي الريامي: الوقود الأحفوري له استخدامات في صناعات عديدة غير وقود السيارات -

أطلقت دول كثيرة مجموعة من المبادرات والمشاريع الهادفة إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة من احتراق الوقود الأحفوري للوصول إلى الحياد الصفري في السنوات الثلاثين القادمة، ومن بين هذه المبادرات دعم التحول نحو المركبات الكهربائية.

وتعد سلطنة عمان واحدة من الدول التي منحت حوافز عديدة للأفراد لتشجيعهم على اقتناء هذا النوع من المركبات، كما تعمل بخطة واضحة المعالم لتهيئة البنى الأساسية لزيادة أعداد المركبات الكهربائية في الطرقات، فضلا عن تبنيها برنامجا خاصا لتقليل السموم الكربونية التي تنبعث من قطاع النقل على 3 مراحل، بحيث تسير 22 ألف مركبة كهربائية في شوارع عمان بحلول 2040.

وفي إطار هذه التحولات الجوهرية، يتساءل الكثيرون حول إذا ما كان انتشار المركبات الكهربائية ستسهم في انخفاض الطلب على الوقود وخاصة وقود السيارات في السنوات المقبلة؟

تشير البيانات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى انخفاض إنتاج وقود السيارات من مصافي سلطنة عمان بنسبة 5% بنهاية مايو الماضي مقارنة بالشهر الذي قبلة.

وكان إجمالي ما أنتجته من وقود السيارات (91) نحو 7.046 مليون برميل، وقد تم تصدير منه نحو 1.2 مليون برميل، كما تم إنتاج 4.8 مليون برميل من وقود السيارات (95)، وصدر حوالي 226.4 ألف برميل.

كما أكد خبراء في قطاع الطاقة تحدثت 'عمان' إليهم: إن الطلب على وقود السيارات قد يتراجع في ظل توجه الدول نحو تبني السيارات الكهربائية، ودخول شركات تصنيع السيارات في سباق محموم لتصنيع هذا النوع من السيارات لتشجيع الأفراد على اقتنائها. لافتين الانتباه إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري بشكل عام لن يتراجع على الأقل في السنوات الثلاثين المقبلة نظرا لاستخداماته في صناعات عديدة.

ويرى د. خليل الحنشي، خبير في مجال تقنيات الطاقة المستدامة، أن قد يتراجع الطلب على وقود السيارات بشكل خاص في الدول الأوربية، نظرا لتبني الاتحاد الأوروبي سياسة تمنع تصنيع محركات الاحتراق الداخلي للسيارات بحلول عام ٢٠٣٥، ليتسنى التخلص من آخر سيارة بعد ١٥ عاما وهو العمر الافتراضي للسيارات مما يتيح للاتحاد الأوربي تحقيق الحياد الكربوني الصفري بحلول ٢٠٥٠ في قطاع النقل، مع وجود ضبابية في نمو قطاع السيارات الكهربائية في أفريقيا التي يمكن أن تشكل أحد أهم مناطق نمو استهلاك الطاقة في العالم.

وقال: إن دخول الصين في تصنيع قطاع السيارات الكهربائية يمكن أن يسهم في انخفاض أسعار هذا النوع من السيارات، وإقبال الأفراد على الشراء.

ويعتقد الحنشي، أن الطلب على وقود السيارات قد يتراجع بحلول 2035، لافتاه الانتباه إلى أن هذه التوقعات سيحددها احتمالية استقرار الطلب على النفط في الأعوام القادمة مما سيؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب بعد ذلك حسب ما تراه بعض نظريات الطلب على الطاقة.

ونفى علي الريامي، خبير في قطاع الطاقة تراجع الطلب على الوقود الأحفوري خلال الـ30 سنوات المقبلة نتيجة توجه الدول إلى تصنيع أو اقتناء السيارات الكهربائية نظرا لاستخدامات الوقود الأحفوري في صناعات عديدة وعدم اقتصاره على وقود السيارات فقط، منوها إلى أن إنتاج الوقود الأحفوري سيكون بشكل متواز مع إنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة سواء من الرياح أو الشمس.

وأوضح الريامي، أن الشواحن المستخدمة في إمداد السيارات الكهربائية بالطاقة تستخدم أصلا الوقود الأحفوري سواء غاز طبيعي أو فحم في توليدها، ولذلك لا يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري بأي حال من الأحوال، كما أن التكنولوجيا في هذا القطاع ليست متوفرة بشكل تجاري لإنتاج الطاقة من الشمس أو الرياح.

وكانت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، قد أطلقت برنامجا خاصا لخفض انبعاثات الكربون يتضمن مشاريع ومبادرات على 3 مراحل، إذ تشمل المرحلة تخفيض الانبعاثات 3% في 2030 من خلال الوصول إلى 700 سيارة كهربائية في الطرق، إضافة إلى استخدام الوقود الحيوي في وسائل النقل العام، وتحويل بعض المعدات في الموانئ إلى معدات صديقة للبيئة تستخدم طاقة الكهرباء.

بينما يتضمن المرحلة الثانية الوصول إلى 22 ألف سيارة كهربائية في 2040 لتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 34%، كما سيتم إنشاء مركز إقليمي لتزويد السفن بالوقود الأخضر، وتطوير محطات الحافلات والمباني في القطاعات المختلفة لتركيب ألواح شمسية تسهم بشكل فاعل في خفض الانبعاثات.

وتتضمن خطة الوزارة في المرحلة الثالثة تخفيض الانبعاثات بنسبة 100% في 2050 من خلال استخدام تقنيات الهيدروجين أو الكهرباء للشاحنات والمعدات الثقيلة بشكل كامل.

كما اعتمدت سلطنة عمان مجموعة من الحوافز والتسهيلات لتشجيع الأفراد على اقتناء السيارات الكهربائية تتمثل في الإعفاء من الضريبة الجمركية بنسبة 100%، ورسوم تسجيل هذا النوع من بشرطة عُمان السلطانية، فضلا عن الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة وقطع غيارها لمدة 3 سنوات قابلة للتمديد.

وتدفع هذه الحوافز إلى تطور قطاع المركبات الكهربائية من كافة النواحي، إذ تسهم في تشجيع موردي المركبات على استيراد مجموعة متنوعة من المركبات الكهربائية، وجذب الاستثمارات في البنية الأساسية في تقنيات شحن المركبات الكهربائية، وتملك وتشغيل محطات شحن المركبات، إضافة توفير ورش خدمات الصيانة، والعمالة الوطنية الماهرة، والخدمات المتعلقة بالتمويل والتأمين وغيرها.

ولذلك من المتوقع في نهاية هذا العام الانتهاء من تركيب أكثر من 140 شاحنا للسيارات الكهربائية على الطرقات العامة بـ120 كليو واط كحد أدنى، ستصل أعداد الشواحن إلى 350 شاحن بعد عامين، إضافة إلى توفير عدد من الشواحن في المراكز الحدودية.

كما يستطيع الفرد العادي من تركيب نقطة شحن في منزلة، بحيث يكون استهلاكه لشحن سيارته جزءًا من استهلاكه العادي في البيت. إذ تقدر تكلفة الشحن بين ريال إلى ريالين في حالة كانت سعة البطارية بين 75 و90 كليو واط، كما أن هذا القدر من الشحن يكفي السيارة الكهربائية لقطع مسافة 400 كيلو متر، أو في المتوسط مسافة بين 300 و500 كيلومتر، وفي المقابل، يدفع المواطن أضعاف هذا المبلغ لقطع المسافة نفسها بسيارة تعمل بالوقود.

وحددت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار المواصفات القياسية والمتطلبات الفنية للمركبات الكهربائية وذلك لإلزام أصحاب المصانع والمستوردين بتقديم شهادة مطابقة مصادق عليها من هيئة التقييس الخليجية، كشرط للفسح عن المركبات الكهربائية الجديدة، وذلك للتحقق من تطبيق الشركات الصانعة للمركبات الكهربائية اللوائح الفنية الخاصة بهذا المنتج. وتعمل هذه المواصفات على توفير متطلبات الأمن والسلامة للركاب والسائق لتقليل من الحوادث والوفيات والصعقات الكهربائية التي قد تنتج من تسرب الكهرباء من البطاريات.

وقد اتجه جهاز الاستثمار نحو مشروعات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية، إذا أعلن مؤخرا عن استثمارات في شركة ' جروب 14' الأمريكية المتخصصة في مواد بطارية السيارات الكهربائية، وأنودات السيليكون التي تُستَعمَل بديلًا للغرافيت في بطاريات الليثيوم أيون. كما ترتبط هذه الشركة الأمريكية بـ90% من شركات تصنيع البطاريات في العالم، التي تعمل بتقنية تُسهم في تخفيض التكلفة وزيادة كثافة طاقة بطاريات السيارات الكهربائية.