قطاع الطاقة يمضي نحو الاستدامة والتحـــــول للمصادر المتجددة وتقليل الانبعاثات
مستويات احتياطي النفط والغاز مستقرة.. وزير الطاقة والمعادن في حوار لـ «عمان»:-
السبت / 26 / ذو الحجة / 1444 هـ - 21:10 - السبت 15 يوليو 2023 21:10
أكد معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن أن قطاع الطاقة في سلطنة عمان يمضي نحو الاستدامة ويواكب التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة وتبني تكنولوجيا تقلل من الانبعاثات وتحافظ على الموارد الطبيعية. معربا عن تفاؤله بأن تصبح سلطنة عمان مركزا مهما لإنتاج الطاقة المتجددة وقد قطعت بالفعل أشواطا جيدة في هذا المضمار مع اتخاذ خطوات جادة نحو دعم مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين التي يمضي تطويرها بوتيرة جيدة وفق المخطط، وطرح فرص استثمار وجدت إقبالا جيدا من قبل المستثمرين ما يثبت جاذبية هذه الاستثمارات في سلطنة عمان.
وفي حوار لـ «عمان» أوضح معاليه أن التقدم التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة والتوجه نحو تخفيف تأثيرات إنتاج الطاقة على المناخ، سيزيد حصة المصادر المتجددة ضمن خارطة الطاقة العالمية، لكن المؤسسات ذات الصلة بصناعة النفط ما زالت ترجح استمرار تصاعد الطلب الإجمالي على الطاقة بمختلف أنواعها وارتفاع الطلب على النفط والغاز حتى الفترة ما بين 2035 و2040، كما من المرجح استقرار أسعار النفط خلال العام الحالي وربما المقبل قرب مستويات 2022 نفسها، ما لم يطرأ ما يخل بالمستوى الحالي من العرض والطلب.
وكشف وزير الطاقة والمعادن أهم ملامح التوجهات العامة لقطاع النفط والغاز في سلطنة عمان والتي تشمل استمرار تسويق مناطق الامتياز المفتوحة، والاستكشاف والتطوير في المناطق المشغولة، والمحافظة على الإنتاج وثبات الاحتياطي، فضلا عن الوصول إلى الحياد الصفري للحرق الروتيني في 2030، والحياد الصفري لانبعاثات الكربون في 2050، مشيرا إلى أن أحد أهم المؤشرات التي تعمل عليها الوزارة مع الشركات المشغلة هو معدل نسبة تعويض الاحتياطي من النفط والغاز، وخلال هذا العام تم تحقيق معدل تعويض 1 في النفط ومعدل 2 في الغاز مما ساعد في استقرار الاحتياطي، ويمكن الحفاظ على هذه المستويات لمدة 5 سنوات، وربما العشر السنوات القادمة مع نجاح عمليات الاستكشاف. وعن أهم التطورات في قطاع المعادن، قال معاليه إنه وفق التواصل والتنسيق مع شركة تنمية معادن عمان فإنه من المتوقع الحصول على بعض المؤشرات الأولية لعملية المسوحات الجوية الجيوفيزيائية لاستكشاف المعادن بنهاية نوفمبر المقبل. وإلى تفاصيل الحوار:ـ
يعد قطاع الطاقة أحد أهم محركات النمو الاقتصادي ومصدر الدخل الرئيسي للدولة، وينصب الاهتمام حاليا على المصادر التقليدية من نفط وغاز وكذلك المتجددة.. ما هي الملامح الأساسية لتوجهات قطاع الطاقة في سلطنة عمان خلال هذه المرحلة المهمة؟
الاستدامة هي الملمح الرئيسي لتوجهات قطاع الطاقة في سلطنة عمان، وهناك بعض التفاصيل التي تضفي وضوحا ضروريا لتوجه كل قطاع على حدة، نظرا لأن قطاع الطاقة أصبح الآن متنوعا ويشمل العديد من القطاعات المهمة والحيوية، ومع أن هذه القطاعات تجمعها عوامل مشتركة مثل الطبقات الجيولوجية وإنتاج الطاقة إلا أنها في الوقت ذاته متباينة في العديد من الخصائص مثل النضج الفني والتجاري وكذلك دور القطاع في تنمية موارد سلطنة عمان، لذا نرى من الأفضل إعطاء كل قطاع ملامحه الخاصة التي ترسم توجهاته خلال المرحلة القادمة لكي تكون الصورة أكثر وضوحا، وفيما يخص قطاع النفط والغاز تتضمن التوجهات الاستمرار في تسويق مناطق الامتياز المفتوحة، والاستمرار بعمليات الاستكشاف والتطوير في المناطق المشغولة، والمحافظة على القدرة الإنتاجية، وتعويض الكميات المنتجة للمحافظة على احتياطيات ثابتة من النفط والغاز، والوصول إلى الحياد الصفري للحرق الروتيني في عام 2030، وإلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون في عام 2050.
برهنت أزمة الطاقة التي شهدها العالم خلال الفترة الماضية على أن العالم ما زال بحاجة ملحة للنفط والغاز.. كيف ترون تأثيرات هذه الأزمة على خارطة الطاقة العالمية؟
لا شك أنه مع التقدم التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة وتوجه الحكومات في العالم نحو تعزيز استغلالها سعيا لتخفيف تأثيرات إنتاج الطاقة على المناخ، ستزيد حصة الطاقة المتجددة ضمن خارطة الطاقة العالمية، لكن في الوقت نفسه، الطلب الإجمالي على الطاقة بمختلف أنواعها سيتصاعد مع النمو السكاني في العالم وتحسن الأوضاع الاقتصادية حسب توقعات بعض المؤسسات ذات الصلة مثل أوبك وغيرها والتي تتوقع أن يتزايد الطلب على النفط والغاز وصولا إلى الفترة ما بين 2035 و2040.. لا يزال هناك ما يقارب من 2 مليار من البشر لا توجد لديهم طاقة كهربائية مستقرة وغيرها من الاحتياجات المعيشية التي تتطلب ضمان تزويد العالم بالطاقة الضرورية.
وهل يعني الاهتمام الكبير بالطاقة المتجددة تقليص دور النفط والغاز؟
على العكس من ذلك تماما فإن قطاعي النفط والغاز لهما تأثير إيجابي في توسعة استخدام الطاقة المتجددة حيث إنهما يمتلكان الخبرة والموارد المالية في الوقت نفسه الضروريان لتطوير الطاقة المتجددة. كذلك فإن قطاعي النفط والغاز من ضمن المستخدمين للطاقة المتجددة في عمليات الإنتاج مثل استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج البخار وحقنه في بعض حقول النفط الثقيل كما هو معمول به حاليا في حقل أمل بسلطنة عمان. لكن هناك توجها متزايدا في العالم نحو زيادة إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة ونحن في سلطنة عمان نعمل كي نكون في مقدمة دول المنطقة في هذا الصدد، وقد تم تخصيص مناطق الامتياز الكبيرة للطاقة المتجددة وكذلك الهيدروجين بأنواعه المختلفة ومنها الهيدروجين الأخضر نظرا لاستدامته.
ـ هناك كثير من المتغيرات التي تؤثر على أسواق النفط... ما رؤيتكم لتوجهات الطلب والأسعار خلال العامين الجاري والمقبل؟
بالفعل المؤثرات كثيرة على أسواق النفط، اقتصادية وجيوسياسية وكذلك استمرارية الاستثمار في قطاع إنتاج النفط. كما شهدنا في هذا العام 2023 أن أسعار النفط تراوحت بين مستوى السبعين والثمانين دولارا للبرميل ونتوقع استقرار السعر في هذا المستوى خلال العام الحالي وربما العام المقبل في ظل المستوى الحالي من العرض والطلب. لكن كما شهدنا سابقا فإنه لا ضمان لذلك والتقلبات واردة إذا ما حدث أي شيء يخل بهذا التوازن كما شهدنا عام 2020.
اتبعت سلطنة عمان دائما سياسة تعزيز الاحتياطي من النفط والغاز للحفاظ على استدامة هذا المورد المهم.. كيف ترون بشكل عام وضع الاحتياطيات في الوقت الحالي؟
أحد أهم المؤشرات التي تعمل عليها الوزارة مع الشركات المشغلة هو معدل نسبة تعويض الاحتياطي، والذي نحرص من خلاله على تحقيق معدل واحد نسبة تعويض على أقل تقدير بحيث يتم تعويض الكميات المنتجة خلال العام والمحافظة على الاحتياطي في المستويات نفسها. في هذا العام تم تحقيق معدل تعويض 1 في النفط ومعدل 2 في الغاز مما ساعد على استقرار كميات الاحتياطي للنفط والغاز في المستويات نفسها، ونرى أن هذه المستويات من الممكن المحافظة عليها خلال السنوات الخمس القادمة، وربما السنوات العشر القادمة مع نجاح عمليات الاستكشاف.
تم الإعلان عن طرح جولتين لمناطق امتياز النفط والغاز بنظام المزايدة خلال العام الجاري ومنها مناطق بحرية.. كيف تبدو آفاق استخراج النفط البحري في سلطنة عمان؟
بحمد الله فإن سلطنة عمان تنتج حاليا من منطقتي امتياز بحريتين وهما منطقة امتياز 8 ومنطقة امتياز 50 وما زالت جهود الاستكشافات جارية في منطقة امتياز 52 البحرية ونأمل أن تكلل بالنجاح. وهذا يعطينا الأمل في وجود شواهد هيدروكربونية في المناطق البحرية المفتوحة والتي هي بحاجة إلى التكنولوجيا لعمليات الاستكشاف والتنقيب، كما أن التنقيب في المناطق البحرية يحتاج إلى كلفة أعلى منها في المناطق البرية.
بدأ مؤخرا إنتاج الغاز الطبيعي من حقل مبروك ، كما بدأ الإنتاج من حقل بساط.. هل هناك مشروعات جديدة من المتوقع أن تدخل الإنتاج خلال الفترة القادمة؟
مشاريع قطاع النفط والغاز مستمرة، كمشاريع الحفر والصيانة وتوسيع المنشآت السطحية، وهي جميعها في مناطق امتياز منتجة منذ زمن لذلك لا تسمع لها صدى إعلاميا، أما حقل مبروك وحقل بساط، فقد تم الإعلان عن دخولهما خط الإنتاج لأنهما حقول جديدة في مناطق امتياز لم تكن منتجة سابقا، صحيح حقل بساط ينتج في منطقة الامتياز 60 التي تنتج الغاز مسبقا من حقل أبو الطبول لكن حقل بساط هو الحقل النفطي الأول في هذه المنطقة، بهذا المنظور لو نظرنا لمشاريع مشابهة فإنه يتم حاليا فحص الإنتاج في مربعي 70 و56 ومن المبكر جدا الحديث عن هذه الحقول ودخولها الإنتاج التجاري حيث ما زالت هذه الحقول في طور التقييم.
تستعد صناعة تكرير النفط لانضمام مصفاة جديدة خلال الفترة المقبلة مع قرب انتهاء العمل في مشروع أوكيو 8.. هل تلبي منشآت التكرير الحالية مستهدفات نمو هذه الصناعة أم هناك حاجة لمزيد من مرافق التكرير؟
نعم، منشآت التكرير الحالية في ميناء الفحل وصحار تلبي مستهدفات نمو هذه الصناعة في البلد، وكذلك يتم حاليا تصدير كميات منها إلى الخارج، أما مشروع شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية OQ8 فهو مشروع استراتيجي بالدرجة الأولى، يكتسب ميزته التنافسية من موقعه الاستراتيجي في قلب المنطقة الاقتصادية بالدقم، لإنعاش المنطقة والتمهيد لمشاريع استثمارية أخرى تستغل المشتقات من المصفاة، وكذلك لتسهيل أنشطة النقل البحرية من المنطقة وإليها بسبب وقوعه على مسار خطوط الشحن البحرية على المحيط الهندي وبحر العرب.
وفيما يتعلق بإسالة الغاز... هل هناك خطط للتوسع في هذه الصناعة؟
التوسع في هذه الصناعة مبني على كمية الغاز المتوفرة للتصدير وعلى الاكتشافات الجديدة في إنتاج الغاز الطبيعي ومدى قدرة المطورين للشق العلوي على الالتزام بفترات وكميات عقود إنتاج الغاز، فالأولوية لدينا هي تغطية متطلبات قطاعات السوق المحلي مثل: الكهرباء والصناعات المحلية وأخيرا استخدامات حقول النفط والغاز، حيث تمت جدولة الكميات المنتجة من الغاز الطبيعي، لمواءمتها مع كميات التزام الحكومة في عقود بيع وتصدير الغاز الطبيعي وبما لا يؤثر على استهلاك السوق العماني.
شهدت الفترة الماضية زخما كبيرا في اتفاقيات تصدير الغاز لعديد من الدول.. هل نتوقع مزيدا من هذه الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة؟ وهل هناك مستهدفات محددة لحجم ما سيتم تصديره سنويا من الغاز العماني؟
المستهدف لدى الحكومة هو تشغيل جميع القاطرات الحالية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، وتصديره سواء كان عن طريق اتفاقيات تصدير الغاز أو عن طريق السوق الفورية من القاطرات الثلاث لمدة خمس سنوات، وقاطرتين لمدة عشر سنوات قابلة للتمديد بناء على الاكتشافات المستقبلية والتسارع في خطة التحول لاستخدام الطاقة البديلة في القطاع الصناعي وإنتاج الكهرباء.
قضت التوجيهات السامية باعتماد عام 2050 للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، وقد تم تدشين الاستراتيجية الوطنية للانتقال إلى خطة الحياد الصفري.. كيف يساهم قطاع الطاقة في خفض ملموس للانبعاثات وتقليص مخاطر التغير المناخي؟ وإلى أي مدى ترتبط التحولات في قطاع الطاقة بأهداف التنمية المستدامة؟
قطاع الطاقة يلعب دورًا حاسمًا في خفض انبعاثات الكربون وتقليص مخاطر التغير المناخي، وهناك عدة طرق يمكن من خلالها لقطاع الطاقة أن يحقق ذلك: أولا، زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث يمكن لزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون، والتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
ثانيا: تحسين كفاءة الطاقة وذلك من خلال تقليل «ملموس» للانبعاثات بتحسين كفاءة استخدام الطاقة، على سبيل المثال، تحسين كفاءة المباني والمركبات يقلل من احتياجات استهلاك الطاقة وبالتالي يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات المرتبطة به.
ثالثا: التحول التدريجي إلى النقل الأخضر: ويساهم ذلك في تقليل كبير لانبعاثات الكربون من خلال تعزيز استخدام وسائل النقل الأخضر مثل السيارات الكهربائية ووسائل النقل الأخرى المتاحة.
رابعا: الابتكار التكنولوجي: يمكن للابتكارات التكنولوجية أن تلعب دورًا مهمًا في تقليص مخاطر التغير المناخي. مثل تطوير تقنيات امتصاص الكربون وتخزينه تحت الأرض، وتطوير تقنيات الطاقة النووية النظيف.
الصناعة من أكبر مستهلكي الطاقة.. وهناك إشكالية مزدوجة في وفرة الطاقة وفي حجم الانبعاثات الضارة من القطاع.. كيف يمكن أن تلعب الطاقة المتجددة دورا في خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة؟
لا شك بأن الطاقة المتجددة تلعب دورًا مهمًا في خفض الانبعاثات الكربونية بالبيئة، أما توفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة هناك عدد من الطرق التي يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم فيها، مثل: 1- توليد الكهرباء النظيفة: يمكن لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والمائية أن تولد الكهرباء بطرق صديقة للبيئة وخالية من انبعاثات الكربون، حيث يتم تحويل الطاقة المتجددة إلى كهرباء يمكن أن تستخدم في تشغيل المصانع والمعامل والأجهزة الكهربائية الأخرى التي تعمل في قطاع الصناعة.
2ـ تغذية الشبكات الكهربائية: يمكن توصيل مصادر الطاقة المتجددة بالشبكات الكهربائية لتزويد المناطق الصناعية بالكهرباء النظيفة، وباستخدام شبكات النقل والتوزيع المستدامة، يمكن تلبية الطلب على الكهرباء في الصناعة بطريقة صديقة للبيئة وبتكلفة أقل.
3ـ الاستخدام المباشر في الصناعة: يمكن استخدام الطاقة المتجددة مباشرة في العمليات الصناعية، على سبيل المثال، يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتسخين الماء أو تشغيل أنظمة التبريد، واستخدام الطاقة الحرارية الأرضية لتوليد البخار اللازم لعمليات الإنتاج، كما يمكن استخدام الكهرباء المتجددة لتشغيل المعدات والآلات وتوليد الطاقة اللازمة، وكذلك يمكن استخدام الحرارة المتجددة في العمليات الحرارية في الصناعة، وكل ذلك يمكن للصناعة تحقيق التحول نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مما يساهم في خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة بشكل مستدام.
تمضي سلطنة عمان بشكل سريع في خطط ومشروعات الطاقة المتجددة، وتم توقيع عدة اتفاقيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر.. متى تتوقعون دخول أول المشروعات حيز التشغيل؟
يمضي تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر بوتيرة جيدة وفق المخطط لها، وسلطنة عمان تقطع أشواطا جيدة في هذا المضمار، فبعد صدور المرسوم السلطاني رقم ١٠/٢٠٢٣ تم توقيع الشروط التجارية الملزمة لستة مشاريع، وحتى الآن يبلغ عدد الاتفاقيات التي تم توقيعها لتطوير مشاريع الهيدروجين 5 اتفاقيات لـ 5 مشاريع تتجاوز قيمتها الاستثمارية 30 مليار دولار أمريكي، ضمن الجولة الأولى للمزايدة والتي تم طرحها في نوفمبر من العام الماضي، كما تم إطلاق جولة المزايدة الثانية لمناطق امتياز الهيدروجين الأخضر، لتتضمن مجموعة جديدة من مناطق الامتياز وطرحها للاستثمار، وبهذا تؤكد سلطنة عمان جديتها في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر وجاذبية الفرص التي تطرحها للاستثمار الأجنبي.
كيف تقيمون إقبال المستثمرين من خلال التسجيل في الفرص المتاحة على منصة «هايدروم»؟
كان الإقبال على الفرص التي طرحت في نوفمبر الماضي مشجعا وجيدا من حيث العدد ومن حيث نوعية الشركات العالمية التي لها سجل حافل في الاستثمارات الكبيرة نسبيا.
يصاحب مشروعات الهيدروجين الأخضر تحديات ذات علاقة بالبنية التحتية ومرافق التخزين.. كيف تخطط سلطنة عمان للتعامل مع هذه التحديات؟
بشكل طبيعي يواجه أي مشروع ناشئ تحديات وصعوبات، والتي يمكن أن تواجه بالتطوير والبحث المستمر والتجربة، ومشروعات الهيدروجين الأخضر تواجه عددا من التحديات ليس على المستوى المحلي فقط بل عالميا، وهذا أمر طبيعي، والتي تتمثل في البنية التحتية الخاصة بها أحيانا ومرافق التخزين والنقل، ومن أجل التعامل مع هذه التحديات، نعتمد في سلطنة عمان على العديد من الاستراتيجيات والإجراءات التي يتخذها أيضا عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال، أولا: التخطيط والتطوير، حيث عملنا على مرحلة التخطيط وبناء الاستراتيجيات طويلة الأمد لتطوير بنية تحتية تساهم في الدفع بمشروعات الهيدروجين الأخضر، ويشمل ذلك تحديد مناطق امتياز لإقامة مشاريع ومرافق إنتاج الهيدروجين وتحديد الاحتياجات اللازمة للتخزين والنقل. ثانيا: تطوير البنية التحتية، حيث نقوم بالدفع بالاستثمار في تطوير البنية التحتية المتعلقة بالهيدروجين الأخضر، بما في ذلك بناء مرافق إنتاج وتخزين الهيدروجين وكيفية نقل الهيدروجين عبر شبكات الأنابيب وتصديره، وهو أمر يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص لتمويل وتنفيذ هذه المشروعات. ثالثا: التعاون الدولي حيث من المهم أن تتعاون الدول على المستوى الدولي لمواجهة التحديات المشتركة في مشروعات الهيدروجين الأخضر، ويتم ذلك من خلال تبادل المعرفة والتكنولوجيا والخبرات، وتعزيز التعاون في مجالات البحث والتطوير والاستثمار المشترك في البنية التحتية، وكذلك هناك ما يتعلق بالتشريعات والسياسات الداعمة لتشجيع الاستثمار في مشروعات الهيدروجين الأخضر وتطوير البنية التحتية اللازمة، كما أننا لا نغفل عن البحث والتطوير، حيث نشجع على تعزيز البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا المتعلقة بالهيدروجين الأخضر وتحسين البنية التحتية، يتم ذلك من خلال دعم الابتكار وتشجيع الشركات والمؤسسات البحثية على تطوير تقنيات جديدة وفعّالة لإنتاج وتخزين وتوزيع الهيدروجين.
ـكان النفط دائما أحد القطاعات الرائدة في تبني تقنيات حديثة للإنتاج.. والآن يأتي الهيدروجين الأخضر بما يصاحبه من أفق واسع لتوطين التقنيات.. ما هي أهم التقنيات التي يمكن أن تمثل فارقا في قطاع الطاقة المتجددة في سلطنة عمان؟
هناك العديد من التقنيات التي يمكن أن تمثل فارقًا في قطاع الطاقة المتجددة إذا ما تم استثمارها لدينا، ومنها تكنولوجيا الخلايا الشمسية المتقدمة، والتي تشمل الخلايا الشمسية الرقيقة والخلايا الشمسية ذات الكفاءة العالية وخلايا الطاقة الشمسية التي تستخدم تقنيات جديدة، وكذلك تطور هذه التكنولوجيا يساهم في زيادة كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء وتخفيض تكاليف الإنتاج، وهناك أيضا تكنولوجيا التخزين المتقدمة والتي تعتبر تكنولوجيا التخزين المتقدمة أحد التحديات الرئيسية في قطاع الطاقة المتجددة، وتشمل هذه التقنيات تخزين البطاريات عالية السعة، وتخزين الطاقة المائية باستخدام خزانات الضغط العالي وتكنولوجيا تحويل الطاقة الزائدة إلى وقود أو غاز مسال، وتطور هذه التقنيات يساهم في توفير استقرار الشبكات وزيادة مرونة التخزين والتوزيع، وعدد من التقنيات الأخرى مثل التكنولوجيا الذكية والشبكات الذكية التي تتيح الرصد والتحكم الأكثر فعالية في إنتاج الطاقة واستهلاكها، بالإضافة إلى تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر والتي تحدثنا عنها كثيرا، حيث إن هذه نموذج من التقنيات التي يمكن أن تساهم في تحقيق تقدم كبير في قطاع الطاقة المتجددة، حيث أن تبني كل هذه التقنيات سيساهم في تحسين الكفاءة وتقليص الانبعاثات وتوفير الطاقة المستدامة.
ـ أصبحت الطاقة المتجددة مجالا تتنافس فيه كثير من الدول.. كيف نحافظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان؟
للحفاظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر، يجب أن نعتمد سواء على المستوى المحلي أو العالمي على عدة استراتيجيات أساسية أولها تطوير التكنولوجيا فيجب الاستثمار في البحث والتطوير لتطوير تقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر بطرق أكثر كفاءة واقتصادية. بهدف تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاجية، مما يساهم في تعزيز التنافسية.
أيضا من المهم جدا أن تتواجد بنية تحتية متكاملة لإنتاج وتخزين وتوزيع الهيدروجين الأخضر، ويتطلب ذلك الاستثمار في شبكات الأنابيب والمرافق اللازمة وتوفير موارد الطاقة المتجددة المستدامة. ويتطلب الحفاظ على التنافسية وجود سياسات وتشريعات تشجع الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، مثل وضوح الإجراءات والاستثمارات طويلة الأمد وغيرها من الأمور المتعلقة بهذا الجانب، وذلك بهدف جذب المزيد من الشركات والمستثمرين وتعزيز التنافسية، أيضا يجب الاهتمام بالتعاون الدولي في المجال، والتسويق والترويج له، ويمكننا القول إنه بهذه الاستراتيجيات، يمكن الحفاظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر وتعزيز مكانتها في سوق الطاقة المتجددة العالمية.
وفي حوار لـ «عمان» أوضح معاليه أن التقدم التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة والتوجه نحو تخفيف تأثيرات إنتاج الطاقة على المناخ، سيزيد حصة المصادر المتجددة ضمن خارطة الطاقة العالمية، لكن المؤسسات ذات الصلة بصناعة النفط ما زالت ترجح استمرار تصاعد الطلب الإجمالي على الطاقة بمختلف أنواعها وارتفاع الطلب على النفط والغاز حتى الفترة ما بين 2035 و2040، كما من المرجح استقرار أسعار النفط خلال العام الحالي وربما المقبل قرب مستويات 2022 نفسها، ما لم يطرأ ما يخل بالمستوى الحالي من العرض والطلب.
وكشف وزير الطاقة والمعادن أهم ملامح التوجهات العامة لقطاع النفط والغاز في سلطنة عمان والتي تشمل استمرار تسويق مناطق الامتياز المفتوحة، والاستكشاف والتطوير في المناطق المشغولة، والمحافظة على الإنتاج وثبات الاحتياطي، فضلا عن الوصول إلى الحياد الصفري للحرق الروتيني في 2030، والحياد الصفري لانبعاثات الكربون في 2050، مشيرا إلى أن أحد أهم المؤشرات التي تعمل عليها الوزارة مع الشركات المشغلة هو معدل نسبة تعويض الاحتياطي من النفط والغاز، وخلال هذا العام تم تحقيق معدل تعويض 1 في النفط ومعدل 2 في الغاز مما ساعد في استقرار الاحتياطي، ويمكن الحفاظ على هذه المستويات لمدة 5 سنوات، وربما العشر السنوات القادمة مع نجاح عمليات الاستكشاف. وعن أهم التطورات في قطاع المعادن، قال معاليه إنه وفق التواصل والتنسيق مع شركة تنمية معادن عمان فإنه من المتوقع الحصول على بعض المؤشرات الأولية لعملية المسوحات الجوية الجيوفيزيائية لاستكشاف المعادن بنهاية نوفمبر المقبل. وإلى تفاصيل الحوار:ـ
يعد قطاع الطاقة أحد أهم محركات النمو الاقتصادي ومصدر الدخل الرئيسي للدولة، وينصب الاهتمام حاليا على المصادر التقليدية من نفط وغاز وكذلك المتجددة.. ما هي الملامح الأساسية لتوجهات قطاع الطاقة في سلطنة عمان خلال هذه المرحلة المهمة؟
الاستدامة هي الملمح الرئيسي لتوجهات قطاع الطاقة في سلطنة عمان، وهناك بعض التفاصيل التي تضفي وضوحا ضروريا لتوجه كل قطاع على حدة، نظرا لأن قطاع الطاقة أصبح الآن متنوعا ويشمل العديد من القطاعات المهمة والحيوية، ومع أن هذه القطاعات تجمعها عوامل مشتركة مثل الطبقات الجيولوجية وإنتاج الطاقة إلا أنها في الوقت ذاته متباينة في العديد من الخصائص مثل النضج الفني والتجاري وكذلك دور القطاع في تنمية موارد سلطنة عمان، لذا نرى من الأفضل إعطاء كل قطاع ملامحه الخاصة التي ترسم توجهاته خلال المرحلة القادمة لكي تكون الصورة أكثر وضوحا، وفيما يخص قطاع النفط والغاز تتضمن التوجهات الاستمرار في تسويق مناطق الامتياز المفتوحة، والاستمرار بعمليات الاستكشاف والتطوير في المناطق المشغولة، والمحافظة على القدرة الإنتاجية، وتعويض الكميات المنتجة للمحافظة على احتياطيات ثابتة من النفط والغاز، والوصول إلى الحياد الصفري للحرق الروتيني في عام 2030، وإلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون في عام 2050.
برهنت أزمة الطاقة التي شهدها العالم خلال الفترة الماضية على أن العالم ما زال بحاجة ملحة للنفط والغاز.. كيف ترون تأثيرات هذه الأزمة على خارطة الطاقة العالمية؟
لا شك أنه مع التقدم التكنولوجي في مجال الطاقة المتجددة وتوجه الحكومات في العالم نحو تعزيز استغلالها سعيا لتخفيف تأثيرات إنتاج الطاقة على المناخ، ستزيد حصة الطاقة المتجددة ضمن خارطة الطاقة العالمية، لكن في الوقت نفسه، الطلب الإجمالي على الطاقة بمختلف أنواعها سيتصاعد مع النمو السكاني في العالم وتحسن الأوضاع الاقتصادية حسب توقعات بعض المؤسسات ذات الصلة مثل أوبك وغيرها والتي تتوقع أن يتزايد الطلب على النفط والغاز وصولا إلى الفترة ما بين 2035 و2040.. لا يزال هناك ما يقارب من 2 مليار من البشر لا توجد لديهم طاقة كهربائية مستقرة وغيرها من الاحتياجات المعيشية التي تتطلب ضمان تزويد العالم بالطاقة الضرورية.
وهل يعني الاهتمام الكبير بالطاقة المتجددة تقليص دور النفط والغاز؟
على العكس من ذلك تماما فإن قطاعي النفط والغاز لهما تأثير إيجابي في توسعة استخدام الطاقة المتجددة حيث إنهما يمتلكان الخبرة والموارد المالية في الوقت نفسه الضروريان لتطوير الطاقة المتجددة. كذلك فإن قطاعي النفط والغاز من ضمن المستخدمين للطاقة المتجددة في عمليات الإنتاج مثل استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج البخار وحقنه في بعض حقول النفط الثقيل كما هو معمول به حاليا في حقل أمل بسلطنة عمان. لكن هناك توجها متزايدا في العالم نحو زيادة إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة ونحن في سلطنة عمان نعمل كي نكون في مقدمة دول المنطقة في هذا الصدد، وقد تم تخصيص مناطق الامتياز الكبيرة للطاقة المتجددة وكذلك الهيدروجين بأنواعه المختلفة ومنها الهيدروجين الأخضر نظرا لاستدامته.
ـ هناك كثير من المتغيرات التي تؤثر على أسواق النفط... ما رؤيتكم لتوجهات الطلب والأسعار خلال العامين الجاري والمقبل؟
بالفعل المؤثرات كثيرة على أسواق النفط، اقتصادية وجيوسياسية وكذلك استمرارية الاستثمار في قطاع إنتاج النفط. كما شهدنا في هذا العام 2023 أن أسعار النفط تراوحت بين مستوى السبعين والثمانين دولارا للبرميل ونتوقع استقرار السعر في هذا المستوى خلال العام الحالي وربما العام المقبل في ظل المستوى الحالي من العرض والطلب. لكن كما شهدنا سابقا فإنه لا ضمان لذلك والتقلبات واردة إذا ما حدث أي شيء يخل بهذا التوازن كما شهدنا عام 2020.
اتبعت سلطنة عمان دائما سياسة تعزيز الاحتياطي من النفط والغاز للحفاظ على استدامة هذا المورد المهم.. كيف ترون بشكل عام وضع الاحتياطيات في الوقت الحالي؟
أحد أهم المؤشرات التي تعمل عليها الوزارة مع الشركات المشغلة هو معدل نسبة تعويض الاحتياطي، والذي نحرص من خلاله على تحقيق معدل واحد نسبة تعويض على أقل تقدير بحيث يتم تعويض الكميات المنتجة خلال العام والمحافظة على الاحتياطي في المستويات نفسها. في هذا العام تم تحقيق معدل تعويض 1 في النفط ومعدل 2 في الغاز مما ساعد على استقرار كميات الاحتياطي للنفط والغاز في المستويات نفسها، ونرى أن هذه المستويات من الممكن المحافظة عليها خلال السنوات الخمس القادمة، وربما السنوات العشر القادمة مع نجاح عمليات الاستكشاف.
تم الإعلان عن طرح جولتين لمناطق امتياز النفط والغاز بنظام المزايدة خلال العام الجاري ومنها مناطق بحرية.. كيف تبدو آفاق استخراج النفط البحري في سلطنة عمان؟
بحمد الله فإن سلطنة عمان تنتج حاليا من منطقتي امتياز بحريتين وهما منطقة امتياز 8 ومنطقة امتياز 50 وما زالت جهود الاستكشافات جارية في منطقة امتياز 52 البحرية ونأمل أن تكلل بالنجاح. وهذا يعطينا الأمل في وجود شواهد هيدروكربونية في المناطق البحرية المفتوحة والتي هي بحاجة إلى التكنولوجيا لعمليات الاستكشاف والتنقيب، كما أن التنقيب في المناطق البحرية يحتاج إلى كلفة أعلى منها في المناطق البرية.
بدأ مؤخرا إنتاج الغاز الطبيعي من حقل مبروك ، كما بدأ الإنتاج من حقل بساط.. هل هناك مشروعات جديدة من المتوقع أن تدخل الإنتاج خلال الفترة القادمة؟
مشاريع قطاع النفط والغاز مستمرة، كمشاريع الحفر والصيانة وتوسيع المنشآت السطحية، وهي جميعها في مناطق امتياز منتجة منذ زمن لذلك لا تسمع لها صدى إعلاميا، أما حقل مبروك وحقل بساط، فقد تم الإعلان عن دخولهما خط الإنتاج لأنهما حقول جديدة في مناطق امتياز لم تكن منتجة سابقا، صحيح حقل بساط ينتج في منطقة الامتياز 60 التي تنتج الغاز مسبقا من حقل أبو الطبول لكن حقل بساط هو الحقل النفطي الأول في هذه المنطقة، بهذا المنظور لو نظرنا لمشاريع مشابهة فإنه يتم حاليا فحص الإنتاج في مربعي 70 و56 ومن المبكر جدا الحديث عن هذه الحقول ودخولها الإنتاج التجاري حيث ما زالت هذه الحقول في طور التقييم.
تستعد صناعة تكرير النفط لانضمام مصفاة جديدة خلال الفترة المقبلة مع قرب انتهاء العمل في مشروع أوكيو 8.. هل تلبي منشآت التكرير الحالية مستهدفات نمو هذه الصناعة أم هناك حاجة لمزيد من مرافق التكرير؟
نعم، منشآت التكرير الحالية في ميناء الفحل وصحار تلبي مستهدفات نمو هذه الصناعة في البلد، وكذلك يتم حاليا تصدير كميات منها إلى الخارج، أما مشروع شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية OQ8 فهو مشروع استراتيجي بالدرجة الأولى، يكتسب ميزته التنافسية من موقعه الاستراتيجي في قلب المنطقة الاقتصادية بالدقم، لإنعاش المنطقة والتمهيد لمشاريع استثمارية أخرى تستغل المشتقات من المصفاة، وكذلك لتسهيل أنشطة النقل البحرية من المنطقة وإليها بسبب وقوعه على مسار خطوط الشحن البحرية على المحيط الهندي وبحر العرب.
وفيما يتعلق بإسالة الغاز... هل هناك خطط للتوسع في هذه الصناعة؟
التوسع في هذه الصناعة مبني على كمية الغاز المتوفرة للتصدير وعلى الاكتشافات الجديدة في إنتاج الغاز الطبيعي ومدى قدرة المطورين للشق العلوي على الالتزام بفترات وكميات عقود إنتاج الغاز، فالأولوية لدينا هي تغطية متطلبات قطاعات السوق المحلي مثل: الكهرباء والصناعات المحلية وأخيرا استخدامات حقول النفط والغاز، حيث تمت جدولة الكميات المنتجة من الغاز الطبيعي، لمواءمتها مع كميات التزام الحكومة في عقود بيع وتصدير الغاز الطبيعي وبما لا يؤثر على استهلاك السوق العماني.
شهدت الفترة الماضية زخما كبيرا في اتفاقيات تصدير الغاز لعديد من الدول.. هل نتوقع مزيدا من هذه الاتفاقيات خلال الفترة المقبلة؟ وهل هناك مستهدفات محددة لحجم ما سيتم تصديره سنويا من الغاز العماني؟
المستهدف لدى الحكومة هو تشغيل جميع القاطرات الحالية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، وتصديره سواء كان عن طريق اتفاقيات تصدير الغاز أو عن طريق السوق الفورية من القاطرات الثلاث لمدة خمس سنوات، وقاطرتين لمدة عشر سنوات قابلة للتمديد بناء على الاكتشافات المستقبلية والتسارع في خطة التحول لاستخدام الطاقة البديلة في القطاع الصناعي وإنتاج الكهرباء.
قضت التوجيهات السامية باعتماد عام 2050 للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني، وقد تم تدشين الاستراتيجية الوطنية للانتقال إلى خطة الحياد الصفري.. كيف يساهم قطاع الطاقة في خفض ملموس للانبعاثات وتقليص مخاطر التغير المناخي؟ وإلى أي مدى ترتبط التحولات في قطاع الطاقة بأهداف التنمية المستدامة؟
قطاع الطاقة يلعب دورًا حاسمًا في خفض انبعاثات الكربون وتقليص مخاطر التغير المناخي، وهناك عدة طرق يمكن من خلالها لقطاع الطاقة أن يحقق ذلك: أولا، زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث يمكن لزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون، والتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
ثانيا: تحسين كفاءة الطاقة وذلك من خلال تقليل «ملموس» للانبعاثات بتحسين كفاءة استخدام الطاقة، على سبيل المثال، تحسين كفاءة المباني والمركبات يقلل من احتياجات استهلاك الطاقة وبالتالي يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات المرتبطة به.
ثالثا: التحول التدريجي إلى النقل الأخضر: ويساهم ذلك في تقليل كبير لانبعاثات الكربون من خلال تعزيز استخدام وسائل النقل الأخضر مثل السيارات الكهربائية ووسائل النقل الأخرى المتاحة.
رابعا: الابتكار التكنولوجي: يمكن للابتكارات التكنولوجية أن تلعب دورًا مهمًا في تقليص مخاطر التغير المناخي. مثل تطوير تقنيات امتصاص الكربون وتخزينه تحت الأرض، وتطوير تقنيات الطاقة النووية النظيف.
الصناعة من أكبر مستهلكي الطاقة.. وهناك إشكالية مزدوجة في وفرة الطاقة وفي حجم الانبعاثات الضارة من القطاع.. كيف يمكن أن تلعب الطاقة المتجددة دورا في خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة؟
لا شك بأن الطاقة المتجددة تلعب دورًا مهمًا في خفض الانبعاثات الكربونية بالبيئة، أما توفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة هناك عدد من الطرق التي يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم فيها، مثل: 1- توليد الكهرباء النظيفة: يمكن لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والمائية أن تولد الكهرباء بطرق صديقة للبيئة وخالية من انبعاثات الكربون، حيث يتم تحويل الطاقة المتجددة إلى كهرباء يمكن أن تستخدم في تشغيل المصانع والمعامل والأجهزة الكهربائية الأخرى التي تعمل في قطاع الصناعة.
2ـ تغذية الشبكات الكهربائية: يمكن توصيل مصادر الطاقة المتجددة بالشبكات الكهربائية لتزويد المناطق الصناعية بالكهرباء النظيفة، وباستخدام شبكات النقل والتوزيع المستدامة، يمكن تلبية الطلب على الكهرباء في الصناعة بطريقة صديقة للبيئة وبتكلفة أقل.
3ـ الاستخدام المباشر في الصناعة: يمكن استخدام الطاقة المتجددة مباشرة في العمليات الصناعية، على سبيل المثال، يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتسخين الماء أو تشغيل أنظمة التبريد، واستخدام الطاقة الحرارية الأرضية لتوليد البخار اللازم لعمليات الإنتاج، كما يمكن استخدام الكهرباء المتجددة لتشغيل المعدات والآلات وتوليد الطاقة اللازمة، وكذلك يمكن استخدام الحرارة المتجددة في العمليات الحرارية في الصناعة، وكل ذلك يمكن للصناعة تحقيق التحول نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مما يساهم في خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة اللازمة لنمو الصناعة بشكل مستدام.
تمضي سلطنة عمان بشكل سريع في خطط ومشروعات الطاقة المتجددة، وتم توقيع عدة اتفاقيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر.. متى تتوقعون دخول أول المشروعات حيز التشغيل؟
يمضي تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر بوتيرة جيدة وفق المخطط لها، وسلطنة عمان تقطع أشواطا جيدة في هذا المضمار، فبعد صدور المرسوم السلطاني رقم ١٠/٢٠٢٣ تم توقيع الشروط التجارية الملزمة لستة مشاريع، وحتى الآن يبلغ عدد الاتفاقيات التي تم توقيعها لتطوير مشاريع الهيدروجين 5 اتفاقيات لـ 5 مشاريع تتجاوز قيمتها الاستثمارية 30 مليار دولار أمريكي، ضمن الجولة الأولى للمزايدة والتي تم طرحها في نوفمبر من العام الماضي، كما تم إطلاق جولة المزايدة الثانية لمناطق امتياز الهيدروجين الأخضر، لتتضمن مجموعة جديدة من مناطق الامتياز وطرحها للاستثمار، وبهذا تؤكد سلطنة عمان جديتها في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر وجاذبية الفرص التي تطرحها للاستثمار الأجنبي.
كيف تقيمون إقبال المستثمرين من خلال التسجيل في الفرص المتاحة على منصة «هايدروم»؟
كان الإقبال على الفرص التي طرحت في نوفمبر الماضي مشجعا وجيدا من حيث العدد ومن حيث نوعية الشركات العالمية التي لها سجل حافل في الاستثمارات الكبيرة نسبيا.
يصاحب مشروعات الهيدروجين الأخضر تحديات ذات علاقة بالبنية التحتية ومرافق التخزين.. كيف تخطط سلطنة عمان للتعامل مع هذه التحديات؟
بشكل طبيعي يواجه أي مشروع ناشئ تحديات وصعوبات، والتي يمكن أن تواجه بالتطوير والبحث المستمر والتجربة، ومشروعات الهيدروجين الأخضر تواجه عددا من التحديات ليس على المستوى المحلي فقط بل عالميا، وهذا أمر طبيعي، والتي تتمثل في البنية التحتية الخاصة بها أحيانا ومرافق التخزين والنقل، ومن أجل التعامل مع هذه التحديات، نعتمد في سلطنة عمان على العديد من الاستراتيجيات والإجراءات التي يتخذها أيضا عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال، أولا: التخطيط والتطوير، حيث عملنا على مرحلة التخطيط وبناء الاستراتيجيات طويلة الأمد لتطوير بنية تحتية تساهم في الدفع بمشروعات الهيدروجين الأخضر، ويشمل ذلك تحديد مناطق امتياز لإقامة مشاريع ومرافق إنتاج الهيدروجين وتحديد الاحتياجات اللازمة للتخزين والنقل. ثانيا: تطوير البنية التحتية، حيث نقوم بالدفع بالاستثمار في تطوير البنية التحتية المتعلقة بالهيدروجين الأخضر، بما في ذلك بناء مرافق إنتاج وتخزين الهيدروجين وكيفية نقل الهيدروجين عبر شبكات الأنابيب وتصديره، وهو أمر يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص لتمويل وتنفيذ هذه المشروعات. ثالثا: التعاون الدولي حيث من المهم أن تتعاون الدول على المستوى الدولي لمواجهة التحديات المشتركة في مشروعات الهيدروجين الأخضر، ويتم ذلك من خلال تبادل المعرفة والتكنولوجيا والخبرات، وتعزيز التعاون في مجالات البحث والتطوير والاستثمار المشترك في البنية التحتية، وكذلك هناك ما يتعلق بالتشريعات والسياسات الداعمة لتشجيع الاستثمار في مشروعات الهيدروجين الأخضر وتطوير البنية التحتية اللازمة، كما أننا لا نغفل عن البحث والتطوير، حيث نشجع على تعزيز البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا المتعلقة بالهيدروجين الأخضر وتحسين البنية التحتية، يتم ذلك من خلال دعم الابتكار وتشجيع الشركات والمؤسسات البحثية على تطوير تقنيات جديدة وفعّالة لإنتاج وتخزين وتوزيع الهيدروجين.
ـكان النفط دائما أحد القطاعات الرائدة في تبني تقنيات حديثة للإنتاج.. والآن يأتي الهيدروجين الأخضر بما يصاحبه من أفق واسع لتوطين التقنيات.. ما هي أهم التقنيات التي يمكن أن تمثل فارقا في قطاع الطاقة المتجددة في سلطنة عمان؟
هناك العديد من التقنيات التي يمكن أن تمثل فارقًا في قطاع الطاقة المتجددة إذا ما تم استثمارها لدينا، ومنها تكنولوجيا الخلايا الشمسية المتقدمة، والتي تشمل الخلايا الشمسية الرقيقة والخلايا الشمسية ذات الكفاءة العالية وخلايا الطاقة الشمسية التي تستخدم تقنيات جديدة، وكذلك تطور هذه التكنولوجيا يساهم في زيادة كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء وتخفيض تكاليف الإنتاج، وهناك أيضا تكنولوجيا التخزين المتقدمة والتي تعتبر تكنولوجيا التخزين المتقدمة أحد التحديات الرئيسية في قطاع الطاقة المتجددة، وتشمل هذه التقنيات تخزين البطاريات عالية السعة، وتخزين الطاقة المائية باستخدام خزانات الضغط العالي وتكنولوجيا تحويل الطاقة الزائدة إلى وقود أو غاز مسال، وتطور هذه التقنيات يساهم في توفير استقرار الشبكات وزيادة مرونة التخزين والتوزيع، وعدد من التقنيات الأخرى مثل التكنولوجيا الذكية والشبكات الذكية التي تتيح الرصد والتحكم الأكثر فعالية في إنتاج الطاقة واستهلاكها، بالإضافة إلى تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر والتي تحدثنا عنها كثيرا، حيث إن هذه نموذج من التقنيات التي يمكن أن تساهم في تحقيق تقدم كبير في قطاع الطاقة المتجددة، حيث أن تبني كل هذه التقنيات سيساهم في تحسين الكفاءة وتقليص الانبعاثات وتوفير الطاقة المستدامة.
ـ أصبحت الطاقة المتجددة مجالا تتنافس فيه كثير من الدول.. كيف نحافظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان؟
للحفاظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر، يجب أن نعتمد سواء على المستوى المحلي أو العالمي على عدة استراتيجيات أساسية أولها تطوير التكنولوجيا فيجب الاستثمار في البحث والتطوير لتطوير تقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر بطرق أكثر كفاءة واقتصادية. بهدف تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاجية، مما يساهم في تعزيز التنافسية.
أيضا من المهم جدا أن تتواجد بنية تحتية متكاملة لإنتاج وتخزين وتوزيع الهيدروجين الأخضر، ويتطلب ذلك الاستثمار في شبكات الأنابيب والمرافق اللازمة وتوفير موارد الطاقة المتجددة المستدامة. ويتطلب الحفاظ على التنافسية وجود سياسات وتشريعات تشجع الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، مثل وضوح الإجراءات والاستثمارات طويلة الأمد وغيرها من الأمور المتعلقة بهذا الجانب، وذلك بهدف جذب المزيد من الشركات والمستثمرين وتعزيز التنافسية، أيضا يجب الاهتمام بالتعاون الدولي في المجال، والتسويق والترويج له، ويمكننا القول إنه بهذه الاستراتيجيات، يمكن الحفاظ على تنافسية إنتاج الهيدروجين الأخضر وتعزيز مكانتها في سوق الطاقة المتجددة العالمية.