أعمدة

المقبلون على الزواج وأسئلة المال-2

 
استكمالا للموضوع الذي طرحناه الأسبوع المنصرم تقول الحكمة (من شابه أباه فما ظلم) ذلك أن كثيرا من سلوكياتنا نتبناها من خلال مراقبتنا لوالدينا، هذا يحدث بدون وعي منا في الواقع، فنصبح ما تربينا عليه، سلوكنا مع المال ليس استثناء، فطريقة تعاملنا معه تبنيناها من خلال علاقة أبوينا بالمال، لهذا تجد أن أغلب أبناء الأثرياء يكبرون ليصبحوا أثرياء، وكذلك مع أبناء الفقراء، رغم أن الغالبية من أبناء الفقراء يتمردون على أوضاعهم المالية ويصبحون أثرياء عندما يكبرون، والحقيقة أن كثيرا من الأثرياء جاؤوا من خلفيات فقيرة، ذلك أن الفقير دوافعه أقوى ليصبح ثريا، بالتالي من المهم معرفة طريقة تعامل العائلة التي سيتزوج منها مع المال.

لكن طبعا السؤال المهم هو حول توقعات الطرفين عن مساهمة الطرف الآخر في الصرف، خاصة إذا كان كلا الزوجين يعملان، وفي بعض الأحيان يكون دخل المرأة أعلى من دخل زوجها، فمعرفة حجم المساهمة وشكلها ضروري قبل الارتباط، لأن هذا أحد أكبر أسباب الخلافات المالية، فالمرأة تدخل العلاقة الزوجية لتكتشف أن جزءا كبيرا من دخل زوجها يذهب لدفع أقساط البنوك، والجزء الآخر للصرف على والديه فلا يبقى له غير مصروفه الشخصي، بالتالي يتوقع منها أن تكون هي المعيل الأساسي للأسرة مع تمسكه بحق (القوامة) هذا السؤال لا يترك لما بعد الزواج بكل تأكيد.

كما يجب أن يعرف كل منهما ما إذا كان الطرف الآخر - خاصة في حال قرّرا فتح حساب مشترك - يعيل أطرافا أخرى عدا زوجته وأبنائه، ويتم الاتفاق وتوضيح هذا قبل الزواج، لأن هذا أيضا هو أحد أسباب الخلافات الزوجية خاصة في ظل مشاركة الطرفين في الصرف على الأسرة. من الأسئلة المهمة أيضا ما إذا كان الطرف الآخر يدخر لهدف معين، أو يكون ارتبط مع جمعية قد تقصر مدتها وقد تطول، من شأن ذلك أن يشكل ضغطا على دخل العائلة، بمعنى لا ينظر فقط إلى الدخل فقد يكون الدخل كبيرا ولكن الالتزامات تكون أكبر مما يجعل الطرف الآخر زوجا أو زوجة في وضع سيء.

لا تؤجل هذه الأسئلة لما بعد الزواج، فترة ما قبل الزواج هي الوقت المناسب لمناقشة هذه الأمور، وبالطبع لا يتوجب طرحها كاستجواب كما قد توحي به هذه المقالة، لكن بإدخالها في الحوارات والنقاشات اليومية ربما، وقد تستخدم أسلوب

الإيحاء فهذا كله يعتمد على مستوى وعي الطرفين ومدى معرفتهما ببعض، ومدى تقبل الطرف الآخر للحوار.