أعمدة

المتحدث الحكومي حضر في وقته

 
ربما تأخرت خطوة وجود متحدث باسم المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان لكنها جاءت أخيرًا لتحل بذلك الإشكالات التي تتعلق بالمادة الخبرية من بينها أخذ هذه المادة من غير مصدرها وعدم دقة المعلومات التي تحتوي عليها وانتشار الشائعات والتفسيرات والتأويلات لها عبر المنتديات والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.

جاء التوجه الجديد وسلطنة عُمان تعيش مرحلة جديدة من مراحل البناء والتقدم في نهضتها المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-.. مرحلة سيكون الصوت الأعلى فيها للمشاريع الحيوية والبرامج والخطط التنموية والطموحات التي لا تعرف حدودًا وتتطلب دعمًا إعلاميًا منظمًا هدفه تقديم المعلومة المكتملة والوافية، وإيضاح الجوانب التي تستدعي الإيضاح، وجعل المجتمع والعالم على مقربة من تلك الجهود.

تسعى حكومة سلطنة عُمان من خلال إعلانها عن وجود متحدث لكل وحدة حكومية إلى معالجة مشكلة نقص البيانات التي تصل للصحفي وأخرى تتصل بـ«التأويل» لتصريحات المسؤول الحكومي الذي قد يلجأ له بعض الصحفيين والإعلاميين.. كما أنه سيقضي على ظاهرة «الانتقائية» باجتزاء معلومات محددة من تصريحات المسؤول وإغفال أخرى بصورة سواء أكانت متعمدة للإثارة والتشويش على الجهود الحكومية أو غير متعمدة.

لقد جاء التصريح الصحفي لمعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام حول إقرار مجلس الوزراء لهذه الخطوة المهمة الأسبوع الفائت ليعلن عن انبثاق مرحلة جديدة سِمتها تنظيم عملية نشر المعلومات والبيانات بشأن المشاريع والخطط الحكومية وللحد كذلك من «الاجتهاد» غير الموفق في تفسير تصريحات المسؤول الحكومي.

وأشار معاليه بوضوح إلى أن قرار مجلس الوزراء تعيين متحدثٍ باسم وحدات الجهاز الإداري للدولة الخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة غايته «عرض رؤية الجهة الحكومية في الموضوعات المتعلقة بما تقدمه من خدمات لأفراد المجتمع في مختلف وسائل الإعلام والرد على الاستفسارات الصحفية حول تلك الخدمات والتعامل مع القضايا المطروحة في الساحة الإعلامية».. وكشف عن أن المتحدث سيعمل وفق اختصاصات محددة «بما يضمن توثيق العلاقة بين المؤسسة ووسائل الإعلام وتعزيز الصورة الذهنية عبر الظهور على كافة وسائل الإعلام والمنصات المختلفة».

معالي الدكتور وزير الإعلام أكد أن هذه الخطوة ستسهم في «تعريف وسائل الإعلام والرأي العام بالتوجهات والأدوار المنوطة بالوحدات الحكومية في تحقيق مستهدفات رؤية «عُمان 2040» وبأنها «توجه مهم للتعامل الإعلامي مع المتغيرات والحد من انتشار الشائعات لاسيما تلك المرتبطة بالخدمات الحكومية» وهي نقطة غاية في الأهمية؛ نظرًا لما تموج به المنتديات ومنصات التواصل من شائعات مـغرضة وتصريحات «مفبركة».

هناك جانب آخر مهم قد يغفل عنه البعض وهو أن وجود متحدث يقدم المعلومات والتفاصيل التي تسعى خلفها الجهة الصحفية والإعلامية سيعمل على «حماية الصحفي» نفسه إذ سيحُول ذلك بينه وبين الدخول في أُتون قضايا تتصل بنشر معلومات قد تكون مُضللة تجرُه إلى ردهات المحاكم والمساءلة القانونية مع الجهات ذات الاختصاص. وتُحتمُ مهمة المتحدث الحكومي الذي يناط به تقديم جهود المؤسسة للرأي العام بصورة واثقة واحترافية أن يكون على مستوى عالٍ من التأهيل ويمتلك مهارات الاتصال والتواصل مع الفهم الدقيق لأهداف المؤسسة وأن يتوفر له الاتصال المباشر مع مسؤوله.

كما يجب أن يكون المتحدث مُعَدًا للدخول إلى المسؤول في أي وقتِ وتحت أي ظروف لإبلاغه بالأخبار «العاجلة» وأن يمتلك قدرة فهم سياق السياسات وتوضيحها لوسائل الإعلام باعتباره جزءًا من الفريق الاستراتيجي، وأن يسهم في الصياغة الأولية للمادة الخبرية.

ومن الضرورة أن يحظى المتحدث بحضورٍ مميزٍ وشخصيةٍ متزنةٍ غير منفعلة تجيد التعامل مع الاستفزازات ولديها مهارات في أنواع الاتصال اللفظي وغير اللفظي الذي يتضمن الإيماءات وتعبيرات الوجه التي تساعد بدرجة كبيرة في إيصال المعلومة والتحكم في العملية الاتصالية.